أوضح عادل عامر دكتور القانون العام ونائب رئيس إتحاد الإكاديميين العرب أن السياسات الاقتصادية في البلدان العربية ذات الدخل المتوسط والمنخفض أدت إلى ضعف مساهمة الفقراء في هيكل السلطة في المجتمع، كما إن انحياز السلطة إلى الفئة الغنية دون الفقيرة أدى إلى اتساع مقاييس اللامساواة في كل البلدان العربية إجمالاً.
وقال: “لا تقتصر أسباب انتشار الفقر على ندرة الموارد الطبيعية والسياسات الاقتصادية للدولة بل أيضاً على اتجاهات الاقتصاد العالمي والمتغيرات الخارجية المؤثرة على ظاهرة الفقر أو على الحد منها، لا سيما أن الحكومات العربية سارعت إلى توسيع حالة الانفتاح الاقتصادي، والتجاوب مع أجواء العولمة التي سادت في الاقتصاد العالمي خلال العقدين الماضيين، إن تطبيق تلك السياسات قاد إلى أوضاع اقتصادية جديدة ساعدت على انتشار الفقر. والرأسمالية نفسها وعند تطبيق آلياتها لا بد لها من إنتاج عوامل الفقر.”
ونوه إلى أنه في العولمة يكون إزالة الفقر أمر صعب جداً، وذلك نظرا إلى أن آليات العولمة تعمل في جغرافية واسعة جداً، وتضطر المجتمعات إلى التكيف قسرياً مع المتغيرات والحقائق الجديدة، وعندئذ يجب التطلع إلى وسائل للتحكم بالآثار الجانبية لها وهذا ما يسمونه بشبكات الأمان الاجتماعي، التي ترفق عادة مع تلك السياسات الاقتصادية غير العادة، مشيراً إلى أن الليبرالية الجديدة هي الخلفية النظرية لخطاب المنظمات الدولية وهي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، والتي تحاول أن تنزع من الدولة دورها في تحقيق العدالة الاجتماعية، وقد نتج عن تطبيق سياسات تلك المنظمات الدولية مضاعفة أرباح المراكز الاحتكارية في العالم والذي بدوره أدى إلى اتساع دائرة اللامساواة وإعادة إنتاج الفقر في البلدان العربية النامية.
وأضاف إن نتائج البرامج الداعية إلى الإصلاح الاقتصادي، وعدم المساواة في توزيــع الدخل في البلدان منخفضة الدخل، في حين يحدث عكس ذلك في البلدان مرتفعة الدخل، إذ تضيق فجوة اللامساواة في تلك البلدان، موضحا أن اتساع الفقر في البلدان العربية يعود في جانب أساسي منه إلى تبني سياسات الليبرالية الجديدة، دون النظر إلى الواقع والتاريخ الاقتصادي لتلك البلدان، وأن الحل لكل ذلك يرجع إلى الانتقائية في تطبيق مبادئ العولمة، فليس حتماً على كل اقتصاد عربي اتباع نظريات وتوصيات لا تتفق مع مسار الحياة الاجتماعية فيه.
وقال:”أما الاقتصاد فإنه يهتم باستغلال الموارد البشرية والطبيعية استغلالاً أمثل بقصد زيادة رفاه المجتمع وإشباع حاجاته إلى أقصى حد والقضاء على الفقر واستثمار الموارد الإنتاجية النادرة بأقل كلفة، مع تعظيم النمو لهذه الموارد وزيادتها، حتى يتمكن المجتمع من إنتاج المزيد من السلع والخدمات اللازمة للمجتمع”.
Attachments area