أنطون سيدهم .. ومشوار وطني
أنطون سيدهم .. والسياسة الداخلية
لقد كتب الأستاذ الكبير مصطفي أمين والمناضل القوي من أجل الحرية والديمقراطية بجريدة الأخبار الصادرة في 11 مارس 1992, عن المستشار السابق محمود عبدالحافظ هريدي, ذاكرا له شجاعته في أوقات اختفت فيها الشجاعة, وقوته في أحكامه في زمن استضعف فيه الأقوياء, وذلك بما أصدره من أحكام تعتبر أوسمة علي صدر القضاء المصري.
ذكر الكاتب الكبير بعض الأحكام الرائعة التي أصدرها المستشار الجريء في الحق محمود عبدالحافظ هريدي, أسردها للقارئ ليعرف كم من رجال شجعان أقوياء تولوا مراكز مهمة في أشد الساعات ظلاما وظلما علي مصرنا الحبيبة, ففي الستينيات أصدر حكما ضد وزير الحربية باعتباره مسئولا عن السجن الحربي وعما ارتكب فيه من جرائم التعذيب البشعة التي كنا نسمع عنها في هذه السنوات البغيضة فتقشعر أبداننا -نعم أصدر حكما ضد وزير الحربية بغرامة قدرها ثلاثون ألف جنيه, وهو مبلغ جسيم في هذا الوقت, لتعذيب المستشار علي جريشة في هذا السجن اللعين, وقد كان لهذا الحكم رنة فرح وسرور في نفوس الشعب وصدي مدو في الخارج.
كما أصدر بعد ذلك حكما ضد رئيس مجلس الشعب حافظ بدي بأن يدفع للنائب أحمد ناصر الذي قدم الطعن مسجلا فيه الاعتداء علي الدستور, وألزمه بأن يدفع للنائب عشرة آلاف جنيه.
وهو الذي أصدر أيضا حكما علي وزير الحربية بأن يدفع تعويضا قدره 89ألف جنيه لأفراد عائلة الفقي في حادثة كمشيش, هذه العائلة العريقة التي أصابها الكثير من الإهانات والبهدلة والاضطهاد والتعذيب, في جريمة ثبت بعد ذلك أنها مفتعلة ومدبرة, وحتي لو كانت صحيحة لما استحقت كل ما أصاب هذه العائلة الكريمة ما اقترف في حقها -فجاء هذا المستشار العادل فعوضها عن ذلك وأعاد لها كرامتها.
إننا نشكر الأستاذ الكبير مصطفي أمين الذي أعاد إلي ذاكرتنا وقائع هذه الأحداث في العهد البائد لا أعاده الله ومواقف هؤلاء الأبطال الأمجاد أمثال المستشار محمود عبدالحافظ هريدي الذي أصدر هذه الأحكام الرائعة التي تثبت لمصر أن هناك أبناء لها وقفوا بكل شجاعة أمام بطش هذا العهد وجبروته الذي أذل المواطنين.
يا حبذا لو تم حصر هذه الشخصيات التي لها مواقف مماثلة من الوقوف بشجاعة في وجه عهد الطغيان والظلم, ونشر مواقفهم المختلفة في كتاب لحفظ هذه السيرة العطرة ليعرفها أبناؤنا ويؤمنوا أن مصر تنجب دائما أفذاذا يقفون في وجه الظلم مهما بلغ عنفوانه وقوته, كما اقترح أن يقام لهم حفل لتكريمهم والاعتراف لهم بأن هذا الوطن لا ينسي أبدا أبناءه المخلصين الذين يخاطرون بمراكزهم بل وبأنفسهم في سبيل إحقاق الحق والدفاع عن كل مظلوم ومعتدي عليه.
لقد نشر الأستاذ مصطفي أمين هذه الأحكام بمناسبة استلامه رسالة من المستشار محمود عبدالحافظ هريدي يقترح فيها أن يدعو إلي جبهة قومية ذات رؤية واعية مخلصة صادقة تسعي إلي الحلول الجذرية التي تصل بمصر والإنسان فيها حاكما ومحكوما إلي بر الأمان والاستقرار, حقا إنه اقتراح وجيه ومهم في وقت تفشي فيه الإهمال والتهاون والفساد وضعف القيم والأخلاق وأصبحت الواجبات نسيا منسيا, أرجو أن يقوم سيادة المستشار بتنفيذ اقتراحه, وإننا جميعا مستعدون لوضع أنفسنا كجنود للقيام بهذا الواجب الحيوي للنهوض بوطننا الحبيب من كبوته وتدهوره.