يعترف داود النبي قائلا: معونتي باسم الرب صانع السماء والأرض (مزمور120:2).
يحكي أن رجلا كان يحلم بأنه عندما كان في سعادة لا مثيل لها بفضل الغني والصحة والنجاح, كان يشاهد علي شاطئ البحر آثار أربع أقدم علي الرمال, وعرف بأن اثنتين لله الذي يسير بجواره واثنتين له, فكان مطمئن البال لوجود الله بقربه, ومع مرور الأيام ضاقت به الدنيا حتي أنه فقد ما يملك وبدأ المرض يسيطر عليه حتي أنه فشل في حياته, وعندما ذهب مرة أخري لشاطئ البحر وجد قدمين فقط, فعاتب الله علي ما حدث له قائلا: كنت أري قدميك بجواري وأنا في حالة سعيدة وميسور الحال وناجحا في أعمالي, ولكن عندما بدأت العواصف تثور ضدي تركتني وحدي لمواجهتها! فأجابه الله: عندما كنت في حالة جيدة, كنت أسير بجوارك, ولكن عندما بدأت الصعوبات والمشاكل تحيط بك, حملتك علي ذراعي!.
هذه الأمثولة درس لكل واحد منا, حتي يثق بأن الله لن يتركه أبدا عندما تواجهه مشاكل الحياة, ومما لاشك فيه أن الله قد يسمح لنا بأن نمر بظروف صعبة, ومن المحتمل أن نري كل شيء حولنا قاتم اللون, حتي يصل البعض منا إلي حالة من اليأس, ولكن بجب أن نثق في أبوة الله وحنانه, لأنه يستطيع بلمسة من يده تغيير كل شيء للأفضل, لذلك يجب علينا أن نطمئن وإن كنا في وسط العواصف والزوابع والأمواج العاتية.
فقوتنا تكمل مع الله, لذا يجب علينا أن نلتجئ إليه طالبين معونته غير المحدودة والمجانية, فالله في أتم الاستعداد للتعاون معنا في كل لحظة حتي نتخطي العقبات التي لا نستطيع التغلب عليها وحدنا.
مما لاشك فيه أن الله لا يخيب آمالنا ولا يتأخر لحظة واحدة عن كل ما يعود علينا بالخير. فالتجاؤنا إلي الله لا يكلفنا أي شيء, ولكنه يعود علينا بالخير الكثير, لأن الله يغمرنا ببركاته وعطاياه التي لا تنتهي أبدا, وإذا وضعنا ثقتنا في معونته وتوسلنا إليه ليساعدنا, سنشعر في التو بالطمأنينة والسكون مهما كانت الظروف التي تحيط بنا, وكما يعدنا الله بذلك: من يدعوني, أستجيب له, أنا معه في الضيق أخلصه وأمنحه مجدا (مزمور 90:15).
أمام وعود الله لنا, هل نحبه حبا حقيقيا؟ ومن هو الله في اعتبارنا: ديان نعبده عن خوف وطمع, أم أب حنون يحبنا ونحبه ونتحاشي أي سوء يسبب له حزنا ومرارة؟ وكما نقرأ في القول المأثور: أنا أخاف الله, ليس لأنه شديد العقاب, بل لأنه رحيم ورحمته تخجلني.
إذا يجب أن نؤمن بالله وأبوته اللامتناهية, وأنه قادر علي تدبير أمورنا أفضل منا بكثير إذا التجأنا إليه بثقة بنوية, لأنه يعلم تماما ما نحتاج إليه وما هو الأفضل في حياتنا, وإن كانت لنا نظرة أخري في هذا. فالله لا يطلب منا ما هو فائق قدراتنا, كل ما يحتاجه من كل شخص أن يعبده ويعطيه قلبه ويتوكل عليه واثقين فيما يقوم به نحونا جميعا.
كم هو عجيب عندما نكتب علي بعض المحلات أو السيارات أو غيرها: توكلت علي الله, ولكن الواقع يدل علي عدم ثقة البعض في معونة الله وقدرته لتدبير أمورهم! كما أن البعض يعيش تناقضا عجيبا عندما يدعو الله المعلم ولا يطيعه, ويسميه الحياة ولا يذهب إليه, ويدعوه الحق ولا يثق فيه, ويسميه الكلي الغني ولا يطلب معونته, ويدعوه الطريق ولا يتبعه.
يجب أن نضع في الاعتبار أنه من المستحيل أن يكون الله كما يتخيله البعض ديانا ينتظر أخطاءنا ليحاكمنا ويعاقبنا علي كل كبيرة وصغيرة نقوم بها, لكنه أب حنون يهتم بنا ويسهر علينا من أجل راحتنا, ويعلم ما نحتاج إليه دون أن نسأله, ويغمرنا ببركاته في كل حين.
إذا كان الله رب السماء والأرض هو الأب الحنون الذي يعطف علي البشرية كلها, فماذا يخيفنا أو يعكر صفو حياتنا؟ لذلك ما أشقي الإنسان الذي يعيش بدون طلب معونة الله, لأنه لن يعرف الطمأنينة ولا السعادة ولن ينال السلام الداخلي, ولكن من يضع الله نصب عينيه نهارا وليلا أينما ذهب, لن يخاف شيئا في هذه الحياة, لأن الله موجود دائما أبدا.
ونختم بالقول المأثور: كل ما أعرفه من أمر الغد, هو أن عناية الله لي, سوف تستيقظ قبل الفجر لتهيئ لي نهاري.