نرفع أفكارنا وقلوبنا إلى السماء حيث انتقلتِ يا أمنا بالنفس والجسد، ونأمل أن نحظى بنعيم السماء فنلقاكِ مع ابنكِ يسوع فنكرمكِ على الدوام ، آمين .
” العذراء مريـم معلِّمة الصمت والإصغاء ”
الصمت يؤلف جزءاً هاماً من حياتِنا الروحيّة ، فهو يُعزّز و يرعى الصلاة و القداسة و الإصغاء لله و سماع ما يريده الله لنا . كما أنّه يساعدنا في التحكم بعواطفنا إذ يساعدنا أن نكون دائماً في حالة صمتٍ وإصغاءٍ وهدوء .
يقول لنا الكتاب المُقدّس : ” فكّفوا واعلموا أَنِّي أنا هو الله ” . كم هو ملفت و مهم هذا الكلام ، فإنّه لم يقل لنا ان نقرأ او نتعلّم أو ندرس ، بل أن نكون صامتين و مصغين لنسمع صوت الله ونتعرّف عليه . الربّ يتكلّم في صمت قلوبنا ، يتكلّم معنا في معظم الأحيان ، وخاصةًعندما نكون في سكون عميق .
يمكن للسيدة العذراء أن تساعدنا كي نكون صامتين ، إذا إلتجأنا إليها بالصلاة و طلبنا منها نعمة الصمت والإصغاء . لأن الصمت جزءاً من حياتنا، وعندما نغتني من نعمة الصمت ، يتوجب علينا في كلّ يوم أن نقضي بضع لحظات صمت وإصغاء مع مريم ، واضعين ذواتنا وحياتِنا في حضورها . وعندما نكون في هدوءٍ ، وسكونٍ ، و صمت . وخاصةً خلال وقت الصلاة سنتجدد بنِعَم الصمت و السكون التي منحتنا إياها السيدة العذراء .
إليكم هذه الصلاة الصغيرة التي تساعدنا على الصلاة والصمت والتأمل :
” يا مريم يا أّم الله ، علميني أن اكون صامتاً ، و بالإصغاء سأفهم أن أعمل مشيئة الله ” .
يجب المحافظة على هذه النِعم طوال اليوم ، فعلينا أن نغلق باب غرفِنا وأن نطفئ التلفزيون والراديو وكلّ ما هو مصدر للضجيج و الإزعاج . وأنً نسعى وراء الصمت و نكسر دائرة الضجيج اليومية المزعجة ، التي عندما نسمعها تضطرب قلوبنا و يسيطر الهمّ على أذهاننا . إنّ جرعة من مآسي العالم قد تحرمنا الهدوء و الطمأنينة . ونسعى أنّ نكون ممتلئين سلاماً داخلياً وخارجياً ، و هو أمر يتطلب جهداً كبيراً ، و يتطلب الصلاة و التخلي عن أمور كثيرة كالضجيج والشهرة والأنانية ومغرايات الحياة وغناها .
أطلب من السيدة العذراء مريـم أن تساعدك على زيادة ومضاعفة الصمت في حياتِك ، أقضِ وقتاً كلّ يوم في تعزيز الصمت في داخلِك وحولِك . أخبر أحباءَك بما تقوم به لكي يفهموا أنك تصغي إلى صوت الله بالصلاة والتأمل والمحادثة معه ، لكي يتعلّموا منك ويرافقُكَ . وعندما تحصل على قلبٍ و فكرٍ أكثر هدوءاً ، اشكر سيدتنا العذراء الطوباوية على هذه العطية الغالية التي لا تُقدّر بثمن .
و هناك نوع آخر من الصمت و هو أكثر صعوبةً : عندما نكون صامتين ونتعرّض للأذى و الإهانة ، وعندما نكون صامتين وفجأةً نغضب ونتعصّب من ايّةِ كلمة أو ملاحظة . أمام هذه الصعوبات ، ومضايفة ومعارضة الناس لنا ، علينا أن نمتنع عن التفوّه بالكلمات المسيئة و الجارحة ، و أن نصمت ونسيطر على الوضع بالمحبةِ والصمت والصلاة .
وهذا ليس سهلاً ، فاطلب المعونة من السيدة العذراء ، اسألها بثقةٍ أن تساعدك وتجعلك أكثر تشبهاً بإبنها يسوع الذي بقي صامتاً في وجه من كانوا يتهمونه زوراً وكذباً .
فلنكرّم العذراء مريـم ، سيدة الصمت والإصغاء تكريماً خاصاً .
هلمّوا نمنح الصمت مكاناً في حياتنا، في ضمائرنا، و في قلوبنا . فهو سيساعدنا لنصبح أكثر هدوءاً و طمأنينةً ، و يجعلنا ننمو في القداسةِ والنعمةِ والحكمة .
هلمّوا نبدأ من اليوم مسيرة الصمت والصلاة والتأمل . ولكي نعيش هذه النقاط المذكورة أعلاه بفرح روحي ، نحتاج للمعونة والقوة الإلهية ، فلنطلبها من أمّنا مريم ، سيدة الصمت .