البنون… قد يكونون نعمة أو نقمة علي الآباء والأمهات لكنهم غالبا ما يتحولون عبر المسئوليات إلي سند الأيام حينما تحول أزمنة الستر وجهها عنا, البنون بمنطق البسطاء عزوة, ولمة, وعيلة, وونس,وستر, ومنفذ في الشدة. لكن مع السرطان لا منفذ ولامفر من الشدة, مع السرطان تظل العزوة لحما ودما ونفسا في حجرة خاوية إلا من خلاياه المتوحشة, وعقاقير الدفاع, عزوة بلا أوراق بنكنوت, ضجيج بلا طحين لأنهم لايملكون الإنفاق للدفاع ضد هجوم السرطان.
صارت تتسول لإنفاق علي والدها تسعة أنجبهم الرجل ذو الستة وثمانين عاما, ومع ذلك لايستطيعون مواجهة نفقات توحش المرض,حتي أنهم أنفقوا كل جنيه لديهم ولم يعد لديهم ما يمكنهم من تزويج شقيقتهم الصغري سناء.
تقول سناء:إحنا عيلة من خمس بنات وأربع أولاد أمي ماتت قبل ما أوعي علي الدنيا لاشفتها ولاحسيت بيها, وعيت لقيت إخواتي وأبويا حواليا, أنا أصغرهم, طلعت من المدرسة وأنا في الابتدائية, ماكانش حد مننا غاوي علام, ولا أبويا يقدر يعلم حد, كان راجل أرزقي علي أد حاله بيشيل تراب, وينقله, وكمان كبير في السن, وإخواتي صنايعية,حتي أنا باشتغل, وبأجري علي أكل عيشي, شغالة مشرفة في مدرسة أطفال وباقبض 1200 جنيه, الدنيا كانت ماشية كويس جدا وعمري ما تصورت إني هالجأ لحد يساعدني في جهازي,كنت محوشة مبلغ هو بالنسبة لي كبير 15 ألف جنيه, لأني كنت عارفة أن إخواتي هايشيلوا معانا, وعايشة كويس, لكن من تسع سنين بدأ أبويا يشتكي من وجع في بطنه, واتكرر الوجع في الجزء إللي تحت من البطن, وبدأنا اللف بيه, واتفتح طريق المستشفيات,واكتشفنا أن عنده سرطان في المثانة, وأنت عارفة طبعا يعني إيه سرطان.. غول بينهش في جسم العيان وأعصاب إللي معاه وفلوس الاتنين يعني قسوة ومذلة ومد إيد مهما كان المريض مستور يعني خوف وانتظار للموت, والواحد يستناه ولا يجيش, ويتعذب ولايخف ونتعذب بعذابه لأننا عاجزين وعرفت المعني الحقيقي لموت الأم لما لقيت نفسي مسئولة عن أبويا وباقوم بالدور إللي كانت هي لو عايشة هاتقوم بيه لأن بقية إخواتي متجوزين وكان لازم يعمل جراحة, عمل وقتها خمس جراحات وكل مرة الورم يرجع تاني,وإحنا لا فاهمين ولا عارفين ولا حد معانا أمين والراجل متعذب لابيخف ولابيموت واتبهدلنا في مستشفيات الحكومة وقررنا ننقله لمستشفي خاص, في الشيخ زايد, عملنا فيها آخر جراحة وصلت تكلفة الجراحة والتحاليل والمستشفيات 55 ألف جنيه, كل واحد من إخواتي ساهم بجزء وأنا كمان حطيت كل إللي حوشته كان 12 ألف جنيه, وبدأت رحلة الكيماوي اللعين وإخواتي شايلين وكمان كل واحد مننا بيحط في البيت 250 جنيه علشان المصاريف والأكل والشرب والنور والميه والإيجار.
وسط كل ده اتخطبت من سنتين وهاتجوز بعد شهر بس كل الفلوس راحت, مافيش عندي ولا جنيه ممكن أشتري بيه حاجة في جهازي رحت لأبونا في الكنيسة وداني لجنة البر أدوني 7 آلاف جنيه, لكن تجيب إيه السبع آلاف جنيه وسط الهموم إللي ملزمة بيها قدام عيلة العريس, الإتفاق كان علي أن عيلتي تتحمل الأجهزة الكهربائية وأدوات المطبخ وحجرة النوم, ده غير ملابسي وحاجتي الشخصية مش عارفة أعمل إيه, لكن في مرة كنت في الكنيسة وحد أداني رقم التليفون وقال لي أكلمكم وعشمي أنكم ماتكسروش خاطري, أنا أتكسرت في مرض أبويا وغياب أمي بما فيه الكفاية نفسي أفرح نفسي أحس أني عروسة من غير ما ألف كتير علشان أجمع حق جهازي حتي اللف والتدوير عن حد يساعدني مش لاحقة أعمله لأني بأخدم أبويا ماعنديش حلول تانية علشان ربنا يكمل ستره معايا قدام عيلة عريسي مش عايزة حد منهم يعايرني بعد الجواز.
إستغاثة عاجلة:
لدينا أربعة عرائس وعريسان مواعيد زيجاتهم ما بين 25 أغسطس المقبل وحتي 5 سبتمبر جميعهم يحتاجون للمساعدة المادية في شراء المراتب والأجهزة الكهربائية,والأثاث,ورغم مساعدة الكنيسة لهم جميعهم إلا أن ارتفاع الأسعار العنيف خلال السنوات الثلاث الأخيرة تسبب في استحالة الوفاء بالتزامات بداية الحياة الزوجية وتأسيس منزل جديد دون مساعدة وسند مما يدركون صعوبة ذلك, وجميعهم مرتبطون منذ سنوات ولايمكن التراجع عن ارتباطهم, تتوقف حياتهم علي إتمام الزيجة كونوا معهم فأسرة صغيرة بسيطة خير من الوحدة والتيه في معيشة عظيمة فاخرة.
ألبان الحياة
الفقر وضيق ذات اليد, وسوء التغذية لم يترك لبنا في أثداء الأمهات الصغيرات لم يترك لهن حلم الرضاعة الطبيعية الذي تحلم به كل فتاة منذ طفولتها, أن تحتضن وليدها وتسقيه من لبن الحياة الذي يرزقه الله لفتيات كثيرات شاركنا في تزويجهن قبل عام أو عامين لم يستطعن إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية ولايستطيع أزواجهن شراء علبة لبن صناعة سعرها مائة جنيه كل ثلاثة أيام فهن فقيرات تزوجن بفقراء ومن أين يأتي الشاب الذي لم يصل راتبه لألف جنيه بتكلفة الرضاعة الصناعية؟! لذلك لا نزال نناشدكم احتياجنا الشديد لكميات كبيرة من الألبان الصناعية لأطفال رضع لايستطيع ذووهم شراء علب اللبن التي يجدونها فارغة كل ثلاثة أيام.. أطفال يصرخون وأفواههم تمتص صدور أمهاتهم فلا يجدون فيها الغذاء, البعض منهم يحتاجنستوجين 2 والبعض يحتاج أميتال 2 والبعض يحتاج بيبي لاك1كونوا مع أولئك; الصغار الذين لا ذنب لهم إنهم أبناء الفقراء وأبسط حق من حقوقهم هو الغذاء فهم عزل قليلو الحيلة ينتظرون من يطعمهم ولايستطيعون حتي طلب الطعام, لايقدرون سوي علي الصراخ فلا تدعوهم يصرخون.