أنطون سيدهم .. ومشوار وطني
أنطون سيدهم .. وقضايا التعليم
إذا تكلمنا عن إصلاح التعليم فيجب أن نبحث في جميع جوانب العملية التعليمية بكل مشتملاتها ونواحيها حتي يصبح التعليم نظاما جيدا يمكن أن يقدم للبلاد مواطنين قادرين علميا وأخلاقيا علي حمل أعباء مصر والنهوض بها نحو التقدم والرخاء, قائمين كل واحد في موقعه بالعمل بجد وتفان وإخلاص وعلم وتدريب حتي يؤتي عملهم أحسن الثمار, أما محاولة إصلاح البرامج وضياع سنين طويلة بدون نتيجة, فهي عملية ترقيع فاشلة لا فائدة منها.
فدور التعليم أصبح الغالبية العظمي منها سبة في جبين مصر, المباني مهترئة ومتهدمة, ودورات المياه مخربة وجزء كبير منها لا يصلح للاستعمال, الأثاث بأكمله من تخت وسبورات محطم والمعامل اختفت من الوجود في هذه المدارس, إذا وجد في بعضها بعض المعامل فهي ناقصة ولا تصلح للاستعمال, ولا ملاعب بها ولا أجهزة رياضية, أماكن النشاط المدرسي والهوايات لا وجود لها, هذه المدارس التي يجب إزالتها تماما تستخدم لفترتين تعليميتين, وبعضها لثلاث فترات. من هنا علينا إصلاح وترميم بعضها وإزالة البعض الآخر وتبني مكانها مدارس جديدة, حتي تستوعب الملايين من التلاميذ والطلبة, وتنتهي أنظمة الفترات, وتكدس الفصول, وإعداد الأثاث السليم وكذا تجهيز المعامل اللازمة بأحدث الأجهزة العلمية ثم الاهتمام بأماكن للنشاط والهوايات, والأهم من كل ذلك هو العناية الفائقة بالملاعب وأدوات الرياضة حتي تقدم لنا نشأ صحيحا سليما. وقد يثير البعض ما ستتكلفه هذه العملية من مبالغ باهظة قد تبلغ المليارات من الجنيهات, ولكن علي الحكومة تدبيرها بشتي الأساليب سواء من معونات أو قروض أو ميزانية الدولة, كما يجب الاستعانة بالمجهود الشخصي لأولياء أمور الطلبة ومتيسري الحال في كل حي للقيام بمساندات مالية فعالة للحكومة لتخفيف العبء علي الدولة.
أما المعلم وهو عماد عملية التعليم وهو حجر الأساس فيها فيجب إيلاؤه كل الاهتمام, ليتم تأهيله تأهيلا علميا وتربويا علي أحدث ما وصلت إليه الأبحاث والدراسات في هذا المجال حتي يكون قادرا علي حمل أعباء العملية التعليمية علي أحسن وجه, وإذا طلبنا منه العمل الجاد والتضحية, بكل وقته وجهوده في عمله الشاق فعلينا أن نقدم له الدعم المالي والمرتبات الكافية ليعيش حياة كريمة ولا يلجأ إلي الدروس الخصوصية ليغطي أعباءه المالية, فمرتبات المدرسين الآن أصبحت ضئيلة لا تصلح لشيء, وخصوصا مع التضخم وارتفاع أسعار لوازم المعيشة باستمرار, كما يجب ألا يزيد عدد الفصل عن ثلاثين إلي أربعين طالبا علي أكثر تقدير, حتي يمكن للمدرس السيطرة علي الطلبة ومتابعتهم ليكتشف الضعيف منهم لتقويته, وإذا عملت الحكومة بهذا فإنها تكون قد قدمت للنظام التعليمي العمود الأساسي الذي سيحمل العملية التعليمية علي أحدث وأحسن ما يمكن.
أما النواحي التعليمية المختلفة والبرامج السليمة اللازمة لها, فيلزم أن تقوم الجهات المختلفة المختصة بتحضير الدراسات والإحصاءات الدقيقة والسليمة لما يلزم للاقتصاد المصري سواء صناعيا أو زراعيا أو ماليا أو إداريا من عمال ورؤساء عمال ومديرين وخبراء وموظفين من ناحية العدد والكفاءة, لإعداد البرامج اللازمة لكل نوع علي ألا يلتحق بكل معهد أو كلية إلا العدد الكافي واللازم لأوجه النشاط المختلفة.
كل هذه الإصلاحات يلزمها التمويل المستمر من أموال طائلة, لذا يلزم النظر بجدية وبدون شعارات خاوية وحساسيات لا معني لها إلي مجانية التعليم, وأن تقصر هذه المجانية علي التعليم الأساسي فقط والتعليم المتوسط, أما غير هذا فيجب منح المتفوق مجانية كاملة أما الشخص العادي الذكاء فيقوم بدفع المصروفات اللازمة لتعليمه أو عليه الالتحاق بالتعليم المتوسط.
يا سادة.. ليس هناك أي إصلاح اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي بدون إصلاح التعليم إصلاحا شاملا كاملا.