عقد كل من مجلس الأعمال المصرى الكندى والمجلس المصرى للتعاون الدولى ندوة بعنوان : “الاقتصاد الرقمى .. الفرص والتحديات ” تحدث فيها الدكتور عمرو طلعت وزير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن استراتيجية مصر لهذا القطاع الذى أصبح فى العالم كله قاطرة الاقتصاد ، بل متوغلاً فى كل قطاعاته فى ظل الثورة الصناعية الرقمية .
فى البداية قال المهندس معتز رسلان رئيس مجلسى الأعمال المصرى الكندى والمصرى للتعاون الدولى: لقد كان كمبيوتر ستيف جوبز “أبل” هو أول كمبيوتر شخصى عرفته البشرية عام 1976 ،و هو البداية الحقيقية للثورة التكنولوجية التى رسمت واقعاً جديداً لعالمنا اليوم بما أحدثته من تحول جذري فى مختلف مناحى الحياة ، ولم يعد هناك مكاناً فى اقتصاد المستقبل لمن لا يواكب هذا التطور ، بعدما أمتدت ثورة التكنولوجيا لتطول كافة قطاعات الاقتصاد ويظهر ما يُسمى الاقتصاد الرقمى أو اقتصاد الإنترنت والذى برز وبقوة فى الأونة الأخيرة ، وأصبح ليس حديث الساعة فقط ، بل الضرورة الحتمية والشرط الأساسى لتحقيق التقدم الاقتصادى ، والذى سيغير تفاصيل الحياة البشرية ، ووظائف المستقبل التى ستركز ، على الذكاء الإصطناعى والروبوتات والنانو تكنولوجى ، وقد أصاب من وصف هذا التطور المذهل فى تكنولوجيا المعلومات بأنها “تسونامى” التقدم التكنولوجى ، فيكفى أن نعلم أن حجم الاقتصاد الرقمى على مستوى العالم يتجاوز 11.5 تريليون دولار بما يوازى 15.5% من اجمالى الناتج المحلى العالمى ، ومتوقع أن ينمو إلى 23 تريليون دولار بحلول عام 2025 ، فكما نرى الأرقام مذهلة وتعكس فرص الاقتصاد الرقمى ومزاياه.
وقال رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى : إن السؤال الآن هو؟ هل لحقت مصر بقطار التحول الرقمى؟وهل تمتلك مفاتيح وأدوات هذا الاقتصاد ؟… الاجابة نعم، فنحن نمتلك كل الفرص والامكانيات التى تؤهلنا لنكون مركزا اقليميا ولاعبا أساسيا فى هذا المجال ، لكن علينا أن نعترف أننا تأخرنا كثيراً ،والسبب ربما يعود للظروف والتحديات الهائلة التى ضربت الاقتصاد خلال السنوات الثمانى الماضية ، وأثرت على تباطؤ خطوات اللحاق بقطار التحول لكنها لم توقفها وهنا تحضرنى مقولة شهيرة للفيلسوف الصينى كونفوشيوس : “لا يهم مدى السرعة التى تتجه بها نحو هدفك المهم هو أن لا تتوقف” ، فمصر لم تتوقف عن مواكبة التطور التكنولوجى طوال العشرين عاما الماضية ، فمنذ إنشاء وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات عام 1999 ،وهى تتبنى استراتيجيات متواصلة لبناء مجتمع المعلومات ، لعلنا نتذكر البدايات بمبادرات الإنترنت المجانى قبل 16 عاماً ، وحاسب لكل بيت ، وإنشاء القرية الذكية التى احتضنت كبرى الشركات العالمية ، وغيرها الكثير والكثير من الإستراتيجيات التى تمكنت من بناء قاعدة قوية لانطلاق هذا القطاع تضم نحو 46 مليون ، مستخدم للانترنت ونحو 95 مليون مشترك بالمحمول .وملايين المستخدمين لمواقع التواصل الإجتماعى ، بخلاف التطوير المستمر للبنية التحتية والتوسع فى الخدمات الإلكترونية.
وأضاف المهندس معتز رسلان قائلاً : نمضى فى الطريق السريع والصحيح ، لكن هناك بعض التحديات التى مازالت تحد من الإنطلاق لعل أبرزها من وجهة نظرى نقص الوعى وانعدام الثقة فى التعاملات الالكترونية ، وارتفاع تكلفة الإنترنت ، وضعف البنية التحتية فى بعض المناطق .وقال : أتذكر دائما مقولة للكاتبة الانجليزية الشهيرة أجاثا كريستى ، البداية هى سر التقدم ، وأعتقد أن مصر امتلكت سر التقدم ولديها بنية أساسية قوية ورؤية طموحة ، وخطة لبناء جيل من الكوادر البشرية المؤهلة ، والأهم هى الإرادة والعزيمة ، والتى تظهر فى المبادرات والاستراتيجيات المتواصلة ، بالاضافة، إلى خبرة ضيفنا ، التى أمل أن تنجح فى نقل مصر إلى عالم الاقتصاد الرقمى .
إطلاق 25 خدمة حكومية
وأكد الدكتور عمرو طلعت وزير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات على أن التحول الرقمي ليس مسئولية وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات وحدها؛ ولكنها مسئولية تشاركية بين كافة قطاعات الدولة المختلفة لإنجاح عمليات التحول إلى المجتمع الرقمي؛ موضحا أنه يتم العمل من أجل تحقيق التحول إلى حكومة رقمية والتي بدأت بتنفيذ مشروع البنية المعلوماتية المصرية لتحقيق التكامل بين قواعد البيانات وهو الأمر الذي ساهم في تنقية قوائم دعم التموين وضمان وصوله لمستحقيه ، منوهاً أنه يتم العمل على تنفيذ عدد من المشروعات بالتعاون مع قطاعات الدولة في إطار تحقيق التحول الرقمي؛ ومنها: مشروع السداد الإلكتروني والحصول على كافة استحقاقات المواطن لدى الحكومة من خلال الكارت الموحد، ومشروع الربط الجغرافي من خلال خريطة رقمية، ومشروع المحتوى الرقمي الثقافي؛ مؤكداً على أنه سيتم إطلاق 25 خدمة حكومية رئيسية رقمية خلال العام الحالي في مدينة بورسعيد على أن يتم تعميمها في باقي المحافظات ومنها مشروع منظومة التأمين الصحي الشامل، ومشروع إنفاذ القانون، وخدمة الشباك الموحد بالمناطق الاستثمارية، ومشروع ميكنة مصلحة الضرائب من أجل تحقيق العدالة الضريبية، ومشروع التأشيرة الإلكترونية، ومشروع ميكنة مكاتب التوثيق.
وأوضح الدكتور عمرو طلعت أن الوزارة تعمل على زيادة عدد فروع معاهد التدريب التابعة للوزارة (معهد تكنولوجيا المعلومات، والمعهد القومي للاتصالات) إلى 13 فرع من خلال انشاء 8 فروع جديدة في الجامعات؛ حيث تستهدف الوزارة خلال الفترة المقبلة تدريب 15 ألف شاب وتعميق مهاراتهم في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال تنفيذ عدد من المشروعات التدريبية ومنها إنشاء أكاديمية رقمية للتدريب، وتنفيذ مبادرة “وظيفة تك” بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي من خلال بنك ناصر الاجتماعي لتأهيل الشباب لسوق العمل؛ موضحا أنه تم البدء في المرحلة الأولى في انشاء مدينة المعرفة في العاصمة الإدارية الجديدة والتي تشمل إنشاء مركز متخصص للبحوث التطبيقية، وفرع لمعهد تكنولوجيا المعلومات، والمعهد القومي للاتصالات، بالإضافة إلى أنه يتم دراسة إقامة جامعة متخصصة في علوم الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال توأمة مع أحد الجامعات العالمية؛ مشيرا إلى أن مصر تعد أسرع البلدان نمواً من حيث مناخ ريادة الأعمال ونمو الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ مضيفا أنه تم البدء مع البريد المصري في دراسة كيفية تقديم قروض صغيرة ومتوسطة للشباب لإقامة مشروعاتهم من خلال التكنولوجيا وتطبيقات المحمول، وأنه يتم العمل مع البنك الدولي على إطلاق مبادرة في هذا الشأن.
وأكد الدكتور عمرو طلعت أن الوزارة أعدت بالاشتراك مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي يتم تنفيذها خلال 3 إلى 5 سنوات؛ وتضطلع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالشق الأكاديمي، بينما تضطلع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالشق التطبيقي؛ موضحا أنه سيتم البدء في تطبيقها في مجالات الصحة والزراعة والبيئة، مشيرا إلى أن استراتيجية الذكاء الاصطناعي تشمل 3 محاور رئيسية أولهما البيانات حيث تأتي أهمية التوازن بين حماية البيانات الشخصية للمواطن وإتاحة كم ضخم من البيانات بما يثري صناعة الذكاء الإصطناعي ويُمكن الشركات المتخصصة في هذا المجال من توفير حلول ذات كفاءة عالية؛ بينما يعني المحور الثاني بتوعية المجتمع حول الذكاء الاصطناعي والحلول التي يوفرها للقطاعات المختلفة، والمحور الثالث وهو الخاص بالبنية المعلوماتية لإقامة هذه الصناعة وتحفيزها وتشجيع الشركات على العمل باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ، مؤكداً على أنه يتم العمل على رفع كفاء الإنترنت من حيث السرعة والقدرة النفاذية والاستمرارية؛ مشيرا الى أنه من المقرر استضافة مصر لفعاليات المؤتمر العالمي للاتصالات الراديوية التابع للاتحاد الدولي للاتصالات في شرم الشيخ في أكتوبر المقبل والذي سيخرج بميثاق شرم الشيخ لتنظيم تكنولوجيا الجيل الخامس.
وأشار الدكتور عمرو طلعت إلى تنفيذ الوزارة عدد من المشروعات ومنها مشروع التشخيص عن بعد، وانشاء أكاديمية للتكنولوجيا المساعدة في القرية الذكية لتطويع الحلول التكنولوجية في تمكين ذوي القدرات الخاصة والتي من المقرر نقلها لاحقا إلى مدينة المعرفة، كما تستهدف الوزارة تنفيذ مشروع الإتاحة التكنولوجية للمواقع الحكومية لتمكين ذوي القدرات الخاصة من الإستفادة منها بشكل مستقل، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع لإستقطاب التكنولوجيات العالمية التي تساعد في تمكين ذوي الإعاقات السمعية والكلامية من الحصول على خدمات طلب الطوارئ والإسعاف والمطافئ.