(1) كيس الخصام
كان هرقل, البطل القوي في الحكايات اليونانية القديمة, يسير ذات يوم في طريق ملآن بالأحجار والصخور, فرأي علي الأرض شيئا يشبه التفاحة.. استصغر هرقل شأن ذلك الذي رآه, فداس عليه بقدمه. تعجب هرقل لأن ذلك الشيء, بدل أن يتحطم أو يصغر نتيجة الضغط عليه, انتفخ وزاد حجمه وتضاعف, وزادت دهشة هرقل, فرفع عصاه الغليظة وانهال عليه ضربا, لكن الشئ الذي يشبه التفاحة ظل ينتفخ حتي سد الطريق كله. ولم يستطع هرقل أن يواصل سيره, فرمي عصاه, ووقف ينظر في دهشة!!
عندئذ ظهر شيخ حكيم وقال: يا صديقي, اترك هذا الشيء ولا تقترب منه, إنه كيس الخصام, إذا تجنبته, ظل كما هو صغير الحجم.. أما إذا لجأت إلي التحدي والغضب والعنف, انتفخ كما تري, وحاصرك من كل جانب, ومنعك من الاستمرار في الطريق الذي تختاره لنفسك.
(2) صراع فوق الرف !
علي رف في بيت الصغيرين رشا ورشاد, التفت كتاب المطالعة المدرسي إلي يمينه, فوجد كتابا قصصيا كله رسوم ملونة مطبوعا بحروف جميلة كبيرة. اهتز الكتاب المدرسي في قلق, ولامس غلاف الكتاب القصصي وقال له: هذا الرف كان مخصصا لي وحدي, فما الذي جاء بك إلي هنا؟!, قال الكتاب القصصي: رشا ورشاد يحبان قصصي ورسومي. قال الكتاب المدرسي: لكنني أنا الذي أعلمهم إجادة اللغة العربية, والكلمات الجديدة, ويتدربون معي علي أساليب التعبير الرشيقة البليغة. تمايل الكتاب القصصي في رشالة, فظهرت صفحاته الملونة وقال: لكنني أنا الذي أثير خيال الأطفال وأشجعهم علي مزيد من القراءة, بما أحتويه من جاذبية وتشويق. ولا يحتاجون معي إلي مدرس يشرح الكلمات الصعبة أو العبارات غير المفهومة. هنا أحس الكتاب المدرسي بالضيق, وقال: قد يحبك الأطفال لكنهم يحترمونني أنا, فمن غير معاونتي لهم لن يجيدوا قراءة ما تقدمه أنت وأصحابك من قصص وشعر ومسرح ومعلومات.
هنا أدرك الكتاب القصصي سخافة هذا التفاخر بينه وبين الكتاب المدرسي, فقال في رحابة صدر: الصحيح أنه لا يمكن أن يستغني أحدنا عن صاحبه, فالأطفال يستخدمون ما تعلموه معك, في فهم ما أقدمه أنا لهم.
(3) الطبق والكوب
قال الكوب الزجاجي الفارغ, للطبق الخزفي الذي يحمله: لست أفهم ما الذي أتي بك تحتي؟! أنا الذي أحفظ المشروبات الساخنة والباردة, فما هو عملك؟ إنك تريد مجرد الظهور أمام الضيوف وأهل البيت.. ما أنت إلا قطعة زائدة يحسن الاستغناء عنها.. بعد قليل امتلأ الكوب بالشاي الساخن, وأطبقت عليه أصابع صغيرة لصبي صغير. ما إن رفع الصبي الكوب حتي لسعته الحرارة الشديدة, وفي الحال أفلتت الأصابع الصغيرة الكوب, ليسقط علي الأرض ويتحطم مائة قطعة!
نظر الطبق إلي بقايا الكوب وتنهد في أسف قائلا: لو كنت أنا الذي أحملك عندما رفعك الصبي, لما جري لك ما جري.. ومن الغريب أنني لم أتذمر أبدا من حملك رغم أنني كنت أحميك دائما من مثل هذا المصير, بينما لم تتحمل أنت أن أظل معك في مكاني المتواضع.. لقد كنت تخشي أن أفوز بشيء, ولو قليل, من تقدير الناس, فكانت النتيجة أنك فقدت كل حياتك.
(4) من المخطئ ؟
في إحدي القري, تخاصم أخوان يعملان بالفلاحة أثناء اقتسام محصول أرضهما, فقال الأكبر للأصغر بعض الألفاظ القاسية, فما كان من الصغير إلا أن غضب وبعثر بعض المحصول وانصرف ساخطا. فلما جاء العمدة ليصلح بين الأخوين, سألهما: من منكما الذي أخطأ؟.. توقع العمدة أن يؤكد كل منهما أن الخطأ خطأ أخيه, لكنه فوجئ عندما قال الأكبر: أنا المخطئ, فباعتباري الأكبر كان يجب أن أحافظ علي ألفاظي, وأمتنع عن كل ما يغيظ أخي. أما الأصغر, فقال: أنا المخطئ.. فقد كان يجب علي, باعتباري الأصغر, أن أتحمل كلمات أخي ولا أثور في وجهه. ملأت الدهشة نفس العمدة وقال: لو راجع كل إنسان نفسه, لاستراح القاضي.
E.mail: [email protected]