أنطون سيدهم .. ومشوار وطني
أنطون سيدهم .. والسياسة الداخلية
علي مدي السنوات الأخيرة والآثار المصرية ترسل إلي الخارج لعرضها في معارض بالدول المختلفة نظير مبالغ معينة, وبالرغم من أن هذه البدعة الجديدة قوبلت بالمعارضة الشديدة من كثير من العلماء وعلي رأسهم الأستاذة الدكتورة نعمات فؤاد, خوفا علي هذه الآثار الثمينة التي لا تقدر بثمن من الضياع أو السرقة أو التلف, فإن هذه الآراء ضرب بها عرض الحائط واستمرت هذه العملية البغيضة من إرسال القيم من آثارنا العظيمة مع بعض رجال مصلحة الآثار للتجول بها في البلاد المختلفة نظير مبالغ مهما بلغت فهي لا توازي بأي حال تعريض هذه الكنوز الثمينة للتلف أو الضياع.
إن جميع متاحف أوروبا تتيه فخرا وتزهو عجبا بالآثار المصرية التي تحتويها, وفعلا فإن أجمل ما في هذه المتاحف وعلي رأسها متحف اللوفر بباريس والمتحف البريطاني بلندن ومتحف برلين وباقي متاحف أوروبا, هي الأقسام المصرية والتي تحتوي علي الآثار العريقة والرائعة والتي تتحدث بكل فخر عن الحضارة المصرية القديمة, وعما وصلت إليه من تقدم في جميع مناحي الحياة عندما كان العالم غارقا في دياجير الظلمة والجهل, إن هذه المتاحف تبرز هذه الآثار في أحسن قاعاتها لأنه بالحقيقة أثمن ما تحتفظ به من آثار.
أما نحن فإننا نفرط في آثارنا, بل وفي أجمل وأثمن ما لدينا منها ونرسلها لتتجول في بلدان العالم نظير مبالغ تافهة, كأن الحالة بلغت من السوء حتي جعلتنا نستجدي بعرض آثارنا في جميع بقاع العالم, إنها حقا لمأساة محزنة ما وصلنا إليه من سوء التصرف وضيق الأفق.
لقد علمنا بكل أسف أن المجموعة العظيمة من آثار رمسيس الثاني والتي كانت تتجول بصحبة بعض رجال مصلحة الآثار في بلاد أمريكا, لقد عادت إلي المتحف المصري وقد أصابها الكثير من التلفيات, بل وصل الأمر إلي أن بعض هذه الآثار وعلي رأسها تابوت الملك رمسيس الثاني قد أصابها التلف الجسيم الذي طمس معالمها, كيف حدث هذا ومن هو المسئول عن هذه الجريمة البشعة, إن هذه الآثار العظيمة والتي نفخر بها, بل ويفخر بها العالم أجمع إذ أنها تراث الإنسانية جمعاء, قد أودي بها غفلة وسوء تصرف المسئولين الذين تجب محاكمتهم علي ذلك.
ويقول الخبر المذاع بأن مجلس إدارة المتحف المصري طالب بعقد اجتماع مع أمناء الأقسام المختلفة للمتحف لمعاينة التلفيات التي أصابت هذه المجموعة, ووضع سياسة تأمينية خاصة لاختيار القطع الأثرية التي تسافر إلي الخارج في المعارض الدولية, وزيادة القيمة التأمينية عليها, لا يا سادة فإن تعويضات التأمين مهما بلغت من الملايين أو حتي المليارات لن تعوضنا عن هذه الآثار التي هي أغلي ما تمتلكه مصر.
إننا نطالب ببيان رسمي عن مدي التلف الذي أصاب هذه الآثار بكل تفصيل, بل نريد تقريرا مفصلا عن جميع القطع التي كانت ضمن هذه المجموعة وما أصاب كل قطعة منها وعن إمكان ترميمها وإرجاعها إلي ما كانت عليه, ولو أنه هيهات أن ترجع إلي القيمة الفنية والتاريخية التي كانت عليها وما أخرجها به العامل المصري القديم.
إننا نلتمس ونرجو من القيادة السياسية أن تصدر قرارا بمنع خروج الآثار المصرية إلي خارج البلاد لأي سبب مهما كان.