رغم انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصرى في حدود 1.31 قرشا تقريباً فإن أسعار السلع والمنتجات في مصر لم تنخفض.
قالت الدكتورة بسنت فهمي الخبيرة الاقتصادية وعضو اللجنة الأقتصادية بالبرلمان ، لجريدة وطني ” إن المواطنين يتوقعون دائما تراجع أسعار السلع في نفس وقت تراجع أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري وهذا غير منطقي، لأن انخفاض أسعار السلع تحكمه عوامل متعددة بخلاف تراجع أسعار الدولار، يأتي في مقدمتها أن سعر السلع يتحدد بالإنخفاض، وفقاً لما يعُرف بالدورة التجارية والتي تمتد من 3 إلى 4 أشهر، إضافة إلى وجود حالة الكساد في السوق وانخفاض القوة الشرائية لم يشجع التجار إلى تخفيض الأسعار.
وأشارت الخبيرة الاقتصادية ، إلي أن زيادة أسعار وتكاليف الإنتاج كأسعار الكهرباء والمياه، والمواد البترولية، تسببت في زيادة الأسعار التي تزيد من تكاليف الإنتاج والنقل، مع وجود شريحة من التجار تريد تحقيق أعلى ربحية ، ولفتت “فهمى” إلي تخوف التجار من أن يكون هذا الانخفاض مؤقتا ويعود الدولار في الارتفاع مرة أخرى لا سيما أن الانخفاض جاء من بداية عام 2019.
وبسؤالها حول انخفاض أسعار الدولار الفترة القادمة، أوضحت أن انخفاض الدولار يأتي وفق العرض والطلب منذ قرار البنك المركزي في بداية نوفمبر 2016 بتعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية .
وطالبت” الدكتورة بسنت” تحويل هيكل الاقتصاد ليصبح اقتصاد منتج بشكل أكبر في مجالات الزراعة، والسياحة، والصناعة، ليكون ارتفاع الجنيه مقابل الدولار حقيقي ومستدام، من خلال تعزيز الصادرات غير البترولية، وتمكينها من استغلال الميزة التنافسية والتي نشأت بعد قرار التعويم، والتي جعلت أسعار الصادرات منخفضة مقارنة بمثيلتها في الخارج.
كما طالبت “فهمى” بدعم حقيقي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، لانة يوجد اقتصاديات قائمة بشكل كامل علي تلك المشروعات، مع ازالة كافة العراقيل والصعوبات بشكل كامل وحقيقي ، مضيفة، أنة يجب الإعتماد علي التدفقات الدولارية المستدامة مثل الاستثمارات الأجنبي المباشر، مع الاهتمام بقطاع السياحة والذي بدأت مؤشراتة في التحسن .
من جانبه قال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين، لـ “وطني” أن السلع التي تستورد أو السلع التي تصنع يعد الدولار جزء ومكون كبير في تكلفة السلعة، وهناك عوامل وأسباب تعمل علي أن أسعار السلع لا تنخفض بالرغم من تراجع الدولار، ومن أهمها هو احتكار البعض لأسعار السلع في البيع، بجانب زيادة عمليات التهريب بعد تراجع عمليات الاستيراد وخروج مئات المستوردين من السوق، فأصبح التهريب هو الوسيلة التي تعمل علي زيادة تكلفة المنتج.
وأوضح “شيحة” أن هناك أيضا بعض الممارسات الإحتكارية، التي يسعى من خلالها أصحاب المصانع لعدم حساب تكلفة المنتج النهائي بالاسعار الجديدة وفقا لانخفاض اسعار الدولار لمحاولة تحقيق مكاسب أكثر بالرغم من تراجع الدولار، ومع ارتفاع الدولار يقوم المحتكر ايضاً بزيادة أسعار بيع سلعتة لتحقيق مكاسب .
ويضاف إلي ذلك ايضاً، زيادة أسعار الجمارك علي السلع المستوردة بجانب الأرضيات، والغرامات، وشركات الشحن، كل ما سبق هي عوامل رئيسية في زيادة التكلفة، ومع الزيادات الأخيرة في أسعار الكهرباء والمحروقات بالتالي سوف تؤدي إلى أرتفاع أسعار النقل والسلع.
وشدد رئيس شعبة المستوردين على ضرورة، زيادة العرض، ” عرض السلع “وتفعيل المنافسة الحرة في السوق بشكل أكبر، من خلال أجهزة حماية المنافسة والأجهزة الرقابية وزيادة الانتاج، وأيضا أن يكون هناك وعي من جانب المواطنين بضرورة ترشيد الاستهلاك.
وأضاف “شيحة” أن النقطة الثالثة لا توجد منافسة بين أصحاب السلع وكل سلعة تحتكرها مجموعة من التجار، وهي المتحكمة في تحديد سعرها، وعلي الرغم من تراجع أسعار الدولار فما زال المحتكر يتمسك بنفس أسعار البيع لفرض سيطرته علي السوق. ومع ارتفاع الدولار يرفع ايضاً من سعر بيع سلعتة لعدم وجود رقابة ومتابعة من الجهات المختصة.
من جانبه قال خالد الشافعى الخبير الاقتصادى ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية: “إن سعر العملة يعتبر مقياسًا لأداء اقتصاديات الدول، وعندما تحدث تدفقات دولارية ورؤوس أموال بالعملة الصعبة، يؤدى ذلك الى دعم قوة العملة المحلية “الجنيه”، مشيراً إلى أن هذا التراجع فى سعر الدولار جاء نتيجة التقدم والتحسن فى مؤشرات الاقتصاد المصري الكلي.
وأشار إلى أن الدولار فقد أكثر من جنيه واحد منذ مطلع العام الجارى، الأمر الذى من شأنه أن يؤدى إلى التأثير ولو بشكل محدود على فاتورة تكلفة الاستيراد خلال الفترة المقبلة، فى ظل ارتفاع تكلفة الإستيراد لتتجاوز الـ 80 مليار دولار سنويا.” ، موضحاً أن رفع التصنيف الائتمانى لمصر وزيادة حركة الشراء من المستثمرين الأجانب للأوراق المالية المصرية، وكذلك التخلى عن آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب، كلها عوامل تدفع صعود الجنيه أمام الدولار.
وأوضح خالد الشافعى أن تأثير تراجع سعر الدولار سيظهر على أسعار السلع خلال 6 أشهر ، لأن دورة استيراد السلع ليست قصيرة، لافتا إلى أن هذا التراجع يعطي قوة أكثر للجنيه ويقلل إلي حد ما تكلفة فاتورة الإستيراد، ويعطي مؤشرات ورسائل خارجية باتجاه الاقتصاد الوطني نحو مزيد من الاستقرار، وكذلك يشير إلى أن الإصلاحات الاقتصادية بدأت تؤتى ثمارها.
وأوضح محمد عبد العال الخبير المصرفي أنه تحت تأثير انخفاض سعر صرف الدولار لمستوياته الجديدة، وانخفاض الدولار الجمركى المحتمل ، فإن تكلفة السلع المستوردة من منتجات نهائية أو مستلزمات الإنتاج سوف تنخفض، وبالتالى من المتوقع انخفاض أسعار بيع كافة السلع المستوردة أو المنتجة محلياً ، بما فيها السلع الإستهلاكية خلال فترة أقصاها 3 شهور ، متوقعاً حدوث تخفيض جديد فى سعر الدولار الجمركي لمستوى 15 جنيهًا.
وأكد أشرف هلال رئيس شعبة الأدوات المنزلية بالغرف التجارية أن انخفاض قيمة الدولار أمام الجنيه سيكون له أثر مباشر فى السلع خلال فترة قريبة، لكنها لن تكون قبل العيد، نظرا لأن الدورة الاستيرادية تستغرق حوالى 3 أشهر.. منذ بداية فتح الاعتماد للاستيراد وحتى شحن البضائع ووصولها والإفراج عنها، ثم طرحها بالأسواق، وإذا نظرنا منذ 3 أشهر من الآن لم يكن هناك تعاف للجنيه أمام الدولار، ورغم ذلك فإن معظم الشركات المنتجة قامت بعمل عروض على اسعار المنتجات والاجهزة المختلفة بالتوازى مع موسم شهر رمضان، واقتراب موسم الزواج عقب اجازة عيد الفطر، كنوع من تنشيط الاسواق واحداث حركة عقب حالة الركود التى عانى منها معظم التجار .