في الوقت الذي تمر مصر بمرحلة بناء على كل المستويات الاقتصادي، وإعادة هيبتها على المستوى الدولي، وفي الوقت الذي كنا نأمل فيه البدء في تغير الثقافة والعمل على تأسيس أجيال جديدة تتواكب مع التطور في البنية الاقتصادية، إلا أنه مازال سيطرة الفكر الديني على مؤسسات التعليم والذى لم يصل فقط في القرى والنجوع بل وصل الأمر إلى المناطق الحضرية ذات الطبقات الاقتصادية العليا .
في “مدينتي” بالقاهرة والتي تعد من أرقى المناطق السكنية لم تخل من الفكر الرجعي الذي يؤسس للتمييز الديني ويرسخ الفرقة بين الأطفال، وهذا ما ظهر في حضانة “كيدي كوليدج بمدينتي” ملك رجل الأعمال طلعت مصطفى، عندما فجرت والدة طفلة قبطية عن كارثة ترتكبها الحضانة تتعلق بترسيخ التمييز الديني بين البراعم الصغيرة وعمرهم لا يزيد عن ثلاث سنوات، عندما ذهبت والدة الطفلة “لولي بيتر صبحي” للحضانة للإطمئنان على طفلتها من خلال شاشات توضع في الاستقبال يمكن من خلالها مراقبة طفلك داخل الفصل، وبالمتابعة في الشاشة لم تجد الأم طفلتها بالفصل رغم وجود كل زملائها، فذهبت للاستقبال للسؤال عن طفلتها، وبالبحث عنها تم العثور على الطفلة تجلس بمفردها خارج الفصل .
وجاءت الصدمة للأم بأنه تم إخراج الطفلة خارج الفصل “لأنها مسيحية ومينفعش تقعد في الفصل لأنه يتم تحفيظ الأطفال القرآن وهنا تعجبت الأم وتساءلت وهل يتم إعطاء الأطفال في هذا العمر “عامين” لحصة دين إسلامي وتحفيظ القرآن وكانت الإجابة بنعم، ولماذا لا يتم تدريس الدين المسيحي وكانت إجابة إدارة استقبال الحضانة “مينفعش ندى دين مسيحي أصل الإدارة رافضة تعيين حد مسيحي يشرح الدين المسيحي” .
شعرت والدة الطفلة بغضب شديد بمعاملة طفلتها بهذه الطريقة وعزلها عن زملائها وبداية زرع التمييز الديني في هذا العمر الذي يجب أن يتعلم فيه الطفل الإبداع والعمل الجماعي، فماذا يشعر زملاء “لولي” عندما يتم طردها من الفصل بهذه الطريقة لأنها مسيحية، وماذا يشعر الأطفال تجاه المسيحية والصورة الذهنية لهم بعد عزل طفلتها عنهم لكونها مسيحية، غضبت الأم وطلبت إحضار طفلتها وتركت الحضانة وتضامن معها بعض الأمهات المسلمات رافضين هذا النهج الذي تم التعامل به مع الطفلة البريئة التي ظلت في عزلة خارج فصلها، رافضين حصة الدين التي تفصل بين الأطفال، ومن المفترض أن تعلمهم مبادئ المحبة والمواطنة والتعاون .
هل هكذا نبني جيل جديد يقوم على مبادئ ثورة 30 يونية التي أسست مصر الجديدة شارك فيها جميع فئات المجتمع المصري؟ وهل هذا هو التعليم الذي من المفترض أن يرسخ قواعد مناهضة التمييز والتطرف وترسيخ المواطنة في وقت تدفع مصر ثمنا غاليا بسبب هذه الأفكار المتطرفة التي تحولت إلى إرهاب يسفك في دماء المصريين ؟ هل نؤسس جيلا جديدا يكون معداً لمصر الجديدة والنهضة الحديثة أم نبني جيلاً قائماً على أفكار التمييز والتطرف ويخرج جيل يزيد من تحديات البناء ؟
إنقذوا مصر من سموم التطرف.. لا تقتلوا البراعم الصغيرة أنهم ملائكة الأرض.. لا تزرعوا الشوك فى عقولهم..