**الأحد الماضي كان الأحد الرابع من شهر بؤونة…وهو الأحد الذي خصصت فيه الكنيسة جزءا من إنجيل معلمنا لوقا البشير لقراءات هذا الصباح,والتي انحسرت في الآيات من27 إلي 38 من الأصحاح السادس..وفيما كنت مشاركا في قداس هذا الصباح بكنيسة الملاك ميخائيل بشيراتون دعا أبونا الحبيب القس مرقوريوس موريس إلي التأمل في الآيات الأربعة الأخيرة من هذا الفصل(35-38) بل دعي إلي المداومة علي قراءتها..كانت دعوة غريبة ولكنها كانت نابعة من رؤيته لهذه الآيات علي أنها القانون الروحي والفكري للإنسان المسيحي الذي يجمع بينه وبين أخيه الإنسان في روح الحب…ولما يحدث إلي قراءة الآيات الأربعة رأيت فيها بالحقيقة نداء إلهيا عجيبا لكل..مؤمن يطلب الاتحاد الروحي المبني علي المحبة وقبول الآخر والسمو بالنفس البشرية من أجل انتشار ملكوت الله علي الأرض بالحب والبركة والعطاء بلا حدود,,فيكون له الإيمان العامل الذي يتقاضي عنه الإنسان أجرا سماويا…
**الأكثر أنني رأيت فيها دعوة إلهيه لأكتب لكم اليم بعد غياب دام نحو شهور ثلاثة…كنت تعودت ومنذ أكثر من ثلاثين عاما أن التقي بكم أسبوعيات تحد مظلة المحطة أحكي لكم عن رحلاتنا مع أصدقائنا المرضي والمتألمين الذين نصطحبهم ونطوف بهم بين عيادات الأطباء ومراكز الأشعات والتحاليل وطرقات المستشفيات وحجرات العمليات ولانتركهم إلا وقد عادت الراحة لأبد أنهم والشفاء لمواجعهم والابتسامة لشفاههم…وتحدثكم أيضا عن أصدقائنا المحبين الذين يفيضون بعطاياهم ومنها نواصل رحلاتنا مع أصدقائنا وأصدقائهم المرضي والمتألمين فتملأ الفرحة قلوب الجميع بالمحبة الأخوية التي يرجوها الله منا,وتتهلل الروح الإنسانية.
**في السنوات الأخيرة كان لقاؤنا علي الورق يتأخر لأسابيع أو أكثر لأسباب ذكرتها مرارا ولا أريد أن أعيد تكرارها الآن…لكن ما أود أن أؤكده أن نحيا بنا علي الورق لم يكن يعني أبدا أن رحلاتنا مع أصدقائنا المرضي والمتألمين قد توقعت,فنحن لم نغب عنهم يوما واحدا ولا حتي لحظة من لحظات الزمن…لكن الجديد والذي أعترف به اليوم أمامكم وأمام الله أنه لم يحدث وسبق أن تغيب عنكم لأسابيع طالت فوصلت في غفلة مني لثلاثة شهور,ولم أتبنه إلا علي دعوة أبونا الحبيب القس مرقوريوس بتكرار قراءة الآيات الأربعة من أنجيل الأحد الرابع من شهر بؤونه…وأدعوكم لنقرأها معا.
أحبوا أعداءكم,واحسنوا المعاملة,وأقرضوا دون أن تأملوا استيفاء القرضي فيكون أجركم عظيما وتكونوا أبناء أهلي لأنه ينعم علي غير الشاكرين والأشرار فكونوا رحماء كما أن أباكم رحيم,ولاتدينوا فلا تدانوا,لاتحكموا علي أحد فلا يحكم عليكم,أغفروا يغفر لكم,أعطوا تعطوا فأنكم تعطون في أحضانكم ليلا جيدا ملبدا مهزوزا فائضا لأنه بنفس الكيل الذي تكيلون يكال لكم(لو:35-38).
**بعد قراءتي لهذه الآيات مرة ومرات عدت إلي قلمي لأنقل لكم علي الورق جانبا من رحلاتنا مع أصدقائنا المرضي والمتألمين لتروا عمل الله ويده الحانية علي كل مريض يتألم وكل موجوع يشكو..
أخترت لكم من بين عشرات الرحلات التي قطعناها خلال الشهور الثلاثة الماضية…أخترت قصة طفل رأيت فيه براءة أحباء الله…صغير لايعرف إلا الحب ففاض عليه الرب بمحبته وأنعم عليه بالشقاء..لكن المفاجأة كانت عندما أمسكت بقلمي لأحدثكم عن أصدقائناصنا الخير والذين بعطاياهم نواصل رحلاتنا مع أخوتنا المرضي والمتألمين كان حصاد الخير من عطاياهم طوال الشهور الثلاثة الماضية مايقرب من خمسين ألف جنيه علي النحو المنشور تفصيلا علي هذه الصفحة.
**المفاجأة الأكثر أني في لقائي الأخير معكم -4أبريل 2019- كنت قد كشفت لكم حقيقة الموقف وأوضحت أن المتوسط الشهري لما يصلنا من العطايا- وقتئنا-30ألف جنيه فقط في حين أن مصاريف العلاج في شهر واحد قد تصل إلي أكثر من 60أل جنيه…ويومها ناشدت أصدقاءنا صناع الخير أن يفيضوا علي اخوتهم الأصاغر بعطاياهم التي هي من عطايا الرب…وكنت أتوقع بعد هذا الذي كشفت عنه بشفافية وأوضحت بالأرقام أنه صار من الصعب الحدث في حفل الخير بعد زيادة أسعار الأدوية وتكاليف العلاج…كنت أتوقع أن يسرع بعطاياهم…لكن كانت المفاجاأة الأكثر…انخفض أصدقاؤنا المتوسط الشهري للعطايا إلي أقل من 20ألف جنيه…وصدمتني قائمة صندوق الخير عن الشهور الثلاث الأخيرة,وأخشي أن يكون احتجاب العطايا لأحتجات الحديث المتواصل عن عملنا في حفل الخير..لكننا علي ثقة أن ينابيع نهر الخير لن تجف أبدا وأنها ستفيض سواء ظللنا نتحدث عن رحلاتنا مع المرضي والمتألمين ليل نهار أو احتجبنا لأيام أو لشهور..
وها هو صوت الرب يأيتنا في كلمات معلمنا لوقا البشير…استهلها بدعوته للسماع بقولهأقول لكم أيها السامعون وأختتمها بدعوته للعطاءأعطوا تعطوا كيلا جيدا ملبدا مهزوزا فائضا لأنه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم…إنه صوت الرب يؤازرنا في هذا الصباح,وهو آن بعطاياه لنواصل رحلاتنا مع أخوتنا الأصاغر المرضي والمتألمين…ونحن في انتظاره.
أكل العيش…بكسر العظام!
يوسف الصغير ابن الأعوام الثمانية خرج ليعمل مع والده فدهمته سيارة وأنقذه الرب
د.باسم المصري
*تثبيت الكسر بشريحة ومسامير حتي لا يسبب الكسر أثرا في الساق كالتشوه أو العرج
*بعد 6 أسابيع انتزعنا الجبس وعاد الطفل إلي حياته الطبيعية…وإزالة الشريحة بعد عام
قاسية هي الحياة علي الأرض..
منذ بدء الخليقة قال الرب لآدممعلونة الأرض بسببك بالتعب تأكل منها كل حياتك, وبعرق جبينك تكسب عيشك.
ومن يومها ظلت عقوبة التعب وعرق الجبين لاصقة بكل أبناء آدم إلي يومنا هذا علي الرغم من عمل الفداء العظيم علي الصليب. حقيقي أنه من لطف الرب كثيرا ماننسي هذا عندما تتبسم لنا الحياة بمولود يملأ حياة والديه بهجة, أو بعمل ناجح يفيض علينا بلمسات مشجعة أو بكلمات معزية تأتينا من صفحات الكتاب المقدس وأقوال الآباء.. ومع ذلك تبقي عقوبة التعب وعرق الجبين تلازمنا أينما كنا…
رحلتنا اليوم في حقل الخير بدأت مع قصة من قصص تعب الحياة وعرق الجبين..أبطالها أب وأم وابنهما الصغير-8سنوات-كنا في شهر أبريل من هذا العام عندما دخل علينا رجل في الثلاثينيات أثقلته هموم الحياة فبدا أكبر من عمره لولا أن كشفت بطاقته عن تاريخ ميلاده في مايو1983.
بدأ الأب يحكي لنا قصة تعب الحياة معه.. واختلطت كلماته بالدموع.. شدتني دموعه أكثر من كلماته.. تذكرت وأنا أدعوه ليجفف دموعه كلمات القديس يوحنا ذهبي الفمما أجمل أيقونة المسيح المرسومة في دمعة إنسان يلزمنا أولا أن نصنع ما نستطيع فيعمل الله فينا مالا نستطيع.. رأيت في دموعه دعوة لنبدأ معه رحلتنا من أجل شفاء يوسف طفله الصغير.. رأيت فيها وعدا من الرب أنه معنا.
**القصة التي حكاها لي الأب هي واحدة من القصص المتشابهة لكل البشر علي الأرضبالتعب يأكلون وبعرق الجبين يعيشون.. ولكن لأن الخيوط التي تنسج كل قصة تختلف فقد استوقفتني هذه القصة.. خيوطها متينة بقوة آلامها ومطبات الحياة فيها.
الأب من صعيد مصر وتحديدا من مركزأبنوب بمحافظة أسيوط …تعلم في مدرسة الصنايع الثانوية ببلدته ولما تخرج لم يجد عملا لتخصصهالنجارة ولا لغير تخصصه…وككل شباب جيله وبلدته حمل زاده وجاء إلي القاهرة العاصمة.. اختلط بأهلها وعمل في كل شيء وأي شيء: عامل محارة, مساعد سباك, مساعد كهربائي….كل صباح تأخذه الرياح إلي حيث لقمة العيش ليأكل بعرق الجبين.
**لما أراد له الله الاستقرار تزوج من ابنة عمته التي سبقته منذ سنوات بعيدة وهاجرت للقاهرة وأقاما في ضاحيةالخصوص…لم يبتعد كثيرا عن أسرة زوجته وكانت البداية شقة متواضعة قانون جديد, وبقي أكل العيش أرزقي كل يوم علي الله بعرق الجبين.. إلي هنا والحياة تمضي بهما إلي أن جاءت نقطة التحول منذ خمس سنوات…كان ابنه البكركيرلس في السابعة من عمره,لاحظت مدرسته وجود تشققات في أظافر يده,ظنت أنهاأنيميا ونصحت والديه بعمل تحاليل لوظائف الدم, وجاءت النتائج تحمل مؤشرا خطيرا لحالة غريبة ونادرة 70% من الكبد دهون.. ولم يعد التعب وعرق الجبين من أجل الأكل بل من أجل الحياة كلها.. دخلا في منحني صعب لمتابعة الابن كيرلس بمعهد الكبد ما بين أدوية وعلاجات وتحاليل متواصلة ونظام غذائي دقيق, وزادت المصاريف ولم يعد العملالأرزقي قادرا علي المواجهة…
بحثا عن مخرج اشتريتروسيكل يذهب به إليسوق العبور ويعود محملا بالخضراوات,واختار مكانا علي ناصية مدرسة قريبة من منزله يقف عندها يعرض ما جاء به من خضراوات فتتوافد عليه الأمهات حتي إذا ما انتهت المدرسة يكون قد باع ماحمله فيعاود الذهاب إلي السوق لإحضار خضار جديد للغد ترافقه زوجته وابنه الصغيريوسف ليحرساالتروسيكل أمام السوق لحين أن يدخل يتسوق بضاعته ويخرج لهما ليعودوا بالتروسيكل محملا.
**هكذا مضت بهم الحياة في رتابة وهدوء إلي أن جاء اليوم المشئوم من أيام مارس من هذا العام…عند عودتهم في الغروب داهمهم من الخلف أتوبيس سريع…انفصل صندوق التروسيكل عن العجلة…طار الأب والابن بالعجلة والشاسيه إلي الجزيرة وسط الطريق وارتطمت الأم داخل الصندوق علي الجانب الآخر..ولم يدركوا ما حدث إلا بعد أن حملتهم سيارة الإسعاف إلي مستشفي مدينة السلام.
الأشعات كشفت عن رضوخ في حوض الأم وكدمات في أجزاء متفرقة من جسم الأب وكسر في الساق اليمني للأبن.. ولأنه كما هو معتاد في المستشفيات العامة لايوجد مكان لعلاج مصابي الحوادث اصطحبهم تجمع من الأهل والجيران إلي أحد المستشفيات الخاصة بمصر الجديدة…الأب تحمل الكدمات التي أصابته وصمت…الأم تعايشت مع إصابات الحوض بالمسكنات وعدم الحركة…الابن وضعوا ساقه المكسورة في الجبس ولما عاد بعد أسبوعين لفك الجبس كشفت الأشعة أن الكسر لم يلتئم وفي حاجة إلي جراحة لتثبيته بشريحة ومسامير…وصدم الأب بالتكاليف التي لايملك منها شيئا, وذهب إلي الأب كاهن كنيسته – مارمينا والبابا كيرلس بالخصوص – وجاءنا يحمل خطابا للمساعدة في إجراء الجراحة للابن.
**القصة التي حكاها الأب بدموعه في دقائق كشفت أمام عيني عن مأساة أسرة تمتد إلي أعماق بعيدة ولسنوات عديدة…أغمضت عيني حتي لا أؤجل إنقاذ الطفل الصغير..
حركت بأصابعي عليالموبيل حروف اسم صديقي الدكتور باسم المصري استشاري جراحة العظام والكسور العائد من كندا منذ شهور بعد غياب امتد لسنوات.
بمحبته المعتادة قال:سأنتظره في مستشفي العذراء بالزيتون وجدت أمامي كل الأشياء مرتبة ومرسومة بخطوط إلهية …في المساء أجريت أشعة علي الساق لتحديد وضع الكسر,وفي الصباح كانيوسف يدخل حجرة العمليات.
***
**في الموعد المحدد-العاشرة صباح الجمعة 5أبريل 2019-دخليوسف حجرة العمليات تسبقه دعواتنا.. كنا في الأسابيع الأخيرة من الصوم المقدس.. كانت الأجواء الروحانية تضفي سلاما وهدوءا علي المكان الملاصق لكنيسة عذراء الظهور.. حقيقي في ظل التقنيات الطبية الحديثة,والإمكانيات العالية المتوفرة بالمستشفي,ومهارة الأطباء القائمين بالجراحة,كان كل شيء يبعث علي الطمأنينة.. لكن صغر الطفليوسف ودخوله حجرة العمليات بعد أسبوعين من حبس ساقه داخل الجبس دون أي قصور لاحتياجه إلي جراحة, والظروف الحياتية لوالديه وشقيقه خاصة بعد الحادث المأساوي.. كل هذا جعل من دخوله حجرة العمليات مثار قلق عند الجميع…
ساعة كاملة قضاها الدكتور باسم المصري, والدكتور إيليا عزيز استشاري التخدير وفريق المساعدين والتمريض.. بعدها أعادت ابتسامة الدكتور باسم عند خروجه من حجرة العمليات الطمأنينة إلي كل القلوب المنتظرة في قلق.. عن تفاصيل الجراحة قال لنا:
**مضي علي الحادث نحو20يوما,وكان من المفترض أن يلتئم الكسر,لكن أشعة الأمس أوضحت أن الكسر تحرك داخل الجبس وحدث إعوجاج يمكن أن يترك أثرا في ساق الطفل فيما بعد كالعرج أو التشوه أو قصر الساق,لهذا كان لابد من ردعظم الساق وتثبيته بشريحة ومسامير في الوضع السليم لضمان سرعة الالتئام والرجوع للحركة والحياة الطبيعية وقد روعي عند اختيار الشريحة أن تكون مناسبة للحالة حتي تتأقلم مع الأنسجة المحيطة ولا تحتك بأعصاب أو شرايين أو أربطة تحت الجلد وبعد الجراحة تم وضع الساق في الجبس لضمان عدم الحركة وسينزع الجبس بعد6أسابيع.
***
**أكتب لكم هذا بعد مرور ثلاثة أشهر علي الجراحة.. والصغير يوسف الآن يسير علي قدميه ويتحرك بعد أن التأم الكسر وأخذ العظم صلابته.. وعلي وعد من الدكتور باسم المصري بإزالة الشريحة بعد عام أو عامين علي الأكثر فهذا أفضل مع الأطفال الذين هم في مرحلة النمو.. ونحن معيوسف والرب معه ومعنا.
صندوق الخير
4000 جنيه من يدك وأعطيناك
4000 جنيه من يدك وأعطيناك
10000 جنيه طالبين شفاعة البابا كيرلس
5000 جنيه من يدك وأعطيناك بأمريكا
1000 جنيه من يدك وأعطيناك
100 جنيه علي روح المرحومة وديدة فهمي
200 جنيه علي روح المرحومة فلة روفائيل
200 جنيه طالبين صلوات الأنبا كاراس بأسيوط
300 جنيه طالبين شفاعة السيدة السيدة العذراء مريم
5000 جنيه ربنا يقدر
200 جنيه منك وإليك
1000 جنيه من فيض إلهنا
1250 جنيها من يدك وأعطيناك
200 جنيه بركة صلوات البابا كيرلس بأسيوط
100 جنيه صلوات الأنبا هيرمينا بأسيوط
1000 جنيه من يدك وأعطيناك
200 جنيه علي روح المرحومة نرجس فهمي رزق
300 جنيه طالبين شفاعة العذراء مريم
200 جنيه منك وأعطيناك
14700 جنيه من يدك وأعطيناك بإنجلترا
600 جنيه صديقة من البحر الأحمر
600 جنيه طالب بركة الشهيد مارجرجس والأنبا ميخائيل بأسيوط
———–
50150 – خمسون الفا ومائة وخمسون جنيها لاغير
—–
تليفون الخير
تسهيلا للتواصل مع أصدقائنا صناع الخير وأحبائنا المرضي والمتألمين خصصنا تليفونا لتواصل المحبة 01223123394