أثبتت مصر بتنظيمها للنسخة الثانية والثلاثين لبطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم.. للعالم أجمع.. أنها قادرة لي تنظيم أكبر البطولات العالمية.. رغم قصر مدة الإعداد التي لم تتجاوز خمسة أشهر بعد إسناد تلك المهمة الكبيرة لها.. وهي البطولة الأكبر في تاريخ القارة السمراء.. حيث يشارك فيها منتخبات 24 دولة إفريقية شقيقة وذلك للمرة الأولي في تاريخ البطولة.
وإذا كانت مصر أثبتت قدرتها علي تنظيم هذه البطولة وإخراجها علي أكمل وجه.. فإنها أثبتت للعالم أيضا أنها بلد الأمن والأمان.. وأنها دولة مستقرة تستطيع أن تحمي ضيوفها كما تحمي أبناءها.. وأثبتت أيضا أنها الشقيقة الكبري لأشقائها الأفارقة.. والقادرة علي حل مشكلاتها.. فقد كانت الدورة ستقام في الكاميرون.. لكنها لم تستعد لها وتأخرت في إنجاز المنشآت الرياضية المتفق عليها في ملف الترشح.. مما دفع بالإتحاد الأفريقي لكرة القدم في نوفمبر الماضي إلي سحب التنظيم منها.. وتقدمت كل مصر وجنوب أفريقيا لتنظيم الدورة.. وفازت مصر بتنظيم الدورة بإجماع الآراء والأصوات في يناير 2019 .
وفي غضون خمسة أشهر كانت الملاعب الرئيسية والفرعية وكافة مستلزمات البطولة جاهزة علي أكمل وجه.. واستعدت كافة أجهزة المطارات والجوازات وفرق استقبال الضيوف وإنهاء إجراءات وصولهم وتوفير سبل الراحة لهم.. واستعدت الفنادق وجهزت نفسها لتكون في إستقبال الأشقاء من مختلف الدول الأفريقية وغيرها من دول العالم المهتمة بمتابعة الدورة.
وجاء حفل افتتاح الدورة الثانية والثلاثين لكأس أمم أفريقيا لكرة القدم بإستاد القاهرة الدولي.. أسطوريا مبهرا للعالم أجمع… رغم أنه لم يستغرق سوي 20 دقيقة فقط.. شمل عددا كبيرا من الاستعراضات التي مزجت بين حضارة الأهرامات والنيل وأفريقيا.. وشارك في أغنية الافتتاح 3 مطربين بثلاث لغات مختلفة.. علي رأسهم المطرب المصري حكيم الذي غني باللغة العربية.. والنيجيري فيمي كوتيه الذي غني باللغة الإنجليزية.. والمطربة العالمية دوبيه من كوت ديفوار.. التي غنت باللغة الفرنسية.
والأجمل هو عودة استاد القاهرة الدولي للأضواء بعد غياب لسنوات.. بعد تطويره الذي شمل إنشاء حدائق جديدة وزراعة النخيل والأشجار حوله.. وتوسعة الأرصفة والشوارع وإنشاء شوارع جديدة وربطها ببعضها البعض.. وغير ذلك من التطوير والتجديد.. واقيمت فيه مباراة الإفتتاح بين مصر وزيمبابوي.
والأهم تلك الرسالة التي بعثت بها مصر للعالم أجمع.. بأنها كبيرة وستظل كبيرة رغم الجراح والأزمات التي مرت بها.. وقد اعترفت جميع وسائل الإعلام العالمية بذلك الإعجاز الذي تم في بضعة أشهر لا تتجاوز أصابح اليد الواحدة.. واشادت بالجهد المبذول والإبهار الذي تم في حفل الافتتاح.
والاعجاز الذي تم لا يقتصر علي حفل الافتتاح.. بل يمتد إلي تجهيز الملاعب الرئيسية التي ستقام عليها الدورة في زمن قياسي.. وكذلك الملاعب الفرعية لتدريب الفرق المشاركة.. وللمرة الأولي في تاريخ البطولة.. يخصص لكل فريق من الفرق المشاركة ملعبا خاصا به وحده ليتدرب عليه دون مشاركة أي فريق آخر كما يتم في الدول الأخري.
لقد كانت مصر علي قدر المسئولية والثقة التي أولتها لها قارتها العزيزة.. واتمني أن يظل هذا النجاح المبهر حتي نهاية الدورة ويكون حفل الختام أفضل من حفل الإفتتاح.. ويجب علي المصريين أن يكونوا علي قدر المسئولية في الإلتزام وانجاح الدورة.. وأن يحسنوا معاملة الضيوف كما عهدناهم.. وأرجوا ألا تؤثر بعض التصرفات غير المسئولة علي منتخبنا.. كي لايفقد تركيزه.. ويفوز بالدورة للمرة الثامنة.. ليدخل السعادة علي قلوبنا وتكتمل فرحتنا بالبطولة.