حدث خلاف بين أصابع اليد الخمسة,كل واحد يريد أن يكون الأعظم,وقف الإبهام ليعلن:إن الأمر لايحتاج إلي بحث فإني أكاد أن أكون منفصلا عنكم,وكأنكم جميعا تمثلون كفة,وأنا بمفردي أمثل كفة أخري,إنكم عبيد لاتقدرون أن تقتربوا إلي.أنا سيدكم, إني أضخم الأصابع وأعظمها!
في سخرية انبري السبابة يقول:لو أن الرئاسة بالحجم لتسلط الفيل علي بني آدم وحسب أعظم منهم.إني أنا السبابة,الإصبع الذي يأمر وينهي,عندما يشير الرأس إلي شيء أو يعلن أمرا يستخدمني.فأنا أولي بالرئاسة.
ضحك الإصبع الوسطي وهو يقول:كيف تتشاحنان علي الرئاسة في حضرتي,وأنا أطول الكل.تقفون بجواري كالأقزام.فإنه لاحاجة لي أن أطلب منكم الخضوع لزعامتي,فإن هذا لايحتاج إلي جدال.
تحمس البنصر قائلا:أين مكاني يا إخوة؟انظروا فإن بريق الخاتم يلمع في, هل يوضع خاتم الإكليل في إصبع آخر غيري؟!إني ملك الأصابع وسيدهم بلا منازع!
أخيرا إذ بدأ الخنصر يتكلم,صمت الكل في دهشة,ماذا سيقول هذا الإصبع الصغير,لقد قال:اسمعوني يا إخوتي إني لست ضخما مثل الإبهام بل أرفعكم!لست أعطي أمرا ونهيا مثل السبابة!ولست طويلا مثل الإصبع الوسطي بل أقصركم!ولم أنل شرف خاتم الزواج مثل البنصر.أنا أصغركم جميعا,متي اجتمعتم في خدمة نافعة تستندون علي,فأحملكم جميعا أنا خادمكم!انحني الكل له وهم يقولون صدقت فقد قال كلمة الله:الأصغر فيكم جميعا هو يكون عظيما(لو9:48).
تذكر أن لكل فرد موهبة مميزة وقيمة ورسالة.
رابعا:الارتباط بالسماء:
وهذا هو دور الإنسان المسيحي الأساسي أن يساعد الآخرين للوصول إلي الملكوت وبولس الرسول يقول:لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح.ذاك أفضل جدا(في1:23).وكلمة اشتهاء تعنيرغبة قوية.
احرص يا عزيزي أن ترسخ فكر السماء في أذهان من حولك وقلوبهم.
بقي لي أن أحدثك في نهاية رحلتنا عن مهارة مهمة وفضيلة أساسية في خدمتك للآخرين ألا وهي الحكمة…وتنعكس الحكمة في خدمة الآخرين من خلال أربعة أوجه:
الحكمة في الخدمة
1-في العلاقات والمعاملات.
2- في المشورة والإرشاد.
3-البشارة المفرحة.
4-في الأنشطة والبرامج.
دعنا نتناولها سويا بشيء من التأمل:
أولا:في العلاقات والمعاملات:هناك قواعد عامة في هذه العلاقات:
*الاحتراس من العثرة,فيكون خوف الإنسان من العثرة,هو خوفه من الحية.
*ألا تكون سببا في عثرة أحد,وخصوصا أن الآخرين يرصدون كل تصرف وكل كلمة ننطق بها.
*اجعل هناك حدودا بينك وبين الآخرين.
*احرص دائما أن تكون صانع سلام,فالحكمة هي التي تصنع السلام.
تحكي قصص البرية عن راهب ذهب للسكن في منطقة في البرية,كان يوجد بها راهب آخر…وقد أعطي الراهب القديم الراهب الجديد قلاية كانت له.وبعد فترة بدأ هذا الراهب الجديد يتوافد عليه الزوار.وهنا بدأ يحدث نوع من الغيرة عند الراهب القديم,فأرسل تلميذه إلي الراهب الجديد يطالبه بأن يعيد إليه قلايته.
ولكن هذا التلميذ الحكيم,ذهب إلي الراهب الجديد وقال له:معلمي يرسل لك السلام,ويسأل إن كنت في احتياج إلي شيء!وعندما عاد إلي معلمه قال له:الأب يقول أمهلني يومين حتي أتدبر أمري!!
وبعد اليومين أرسل الراهب تلميذه مرة أخري إلي الراهب الجديد,وقال له:قل لهذا الراهب,إنه يجب أن يترك القلاية ويرحل.فذهب التلميذ وقال للراهب:المعلم يسأل عن أحوالك وإن كنت في احتياج لشيء,أحضره لك! فشكره الراهب.وفي المرة الثالثة قال الراهب لتلميذه:اذهب وقل لهذا الراهب,إن لم تغادر سوف آتي وأطردك بنفسي,فأسرع التلميذ إلي الراهب,وقال له:إن معلمني آت إليك لكي ما يسأل عنك.فخجل الراهب الجديد أن يأتي إليه شيخ كبير,فأسرع لاستقباله في الطريق,وضرب له ميطانية.وهنا أسرع التلميذ إلي معلمه,وهمس في أذنه قائلا: إني لم أنقل له كلمة مما قلته لي.
قد يقول شخص:إن هذا التلميذ قد كذب!بالطبع لا ياعزيزي, فالحكمة في المعاملات تحتاج أن نحترس من العثرة,ونعرف فن الحفاظ علي الحدود,ونصنع سلاما بمعني تجنب الخصام.
ثانيا:الحكمة في المشورة والإرشاد:
بمعني إن سأل أحد رأيك في أمر ما,احرص أن يكون خلاص نفسه هو الركيزة الأساسية في إجابتك…أي أن تضعه علي طريق السماء,ويسمي هذا الأمر القديس يوحنا الذهبي الفمهواية خلاص النفوس.
احذر أن ترشد شخصا من ذاتك,لأن الإرشاد يجب أن يكون مبنيا علي الإنجيل وسير الآباء وأقوالهم,فلايجب أن ترشد أحدا,بناء علي خبرتك الشخصية فقط,وكما قال الأنبا أنطونيوس: ليكن لك شاهدا من الكتب المقدسة علي كل عمل تقوم به.
ثالثا:البشارة المفرحة:
الخدمة المسيحية يجب أن تنصب علي الفرح, وعلي الصليب.
نصلي ونقول:نشكرك لأنك ملأت الكل فرحا أيها المخلص,لما أتيت لتعين العالم,يارب المجد لك.
عندما نتكلم عن الصليب نقول:آلام المسيح المحيية فبالرغم من أنه ألم إلا أنه يعطي حياة! فتخيل أن كل فرد منا,يحمل قلبه في يده,ويذهب تحت الصليب,ويقول للرب:املأني فرحا.وهنا يمسك المسيح بصليبه ويملأ كل فرد منا بالفرح.
أمنا العذراء تقول:أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص,وأما أحشائي فتلتهب,عند نظري إلي صلبوتك…يا ابني وإلهي.
فالحكمة تقتضي الرسالة المفرحة.حضورك بشكل عام يجب أن يكون مفرحا,وليس ثقيلا.
*تدريب الحكمة:هو أن تقرأ سفر الأمثال يوميا,ويتم قراءته حسب تاريخ اليوم,بمعني إذا كان اليوم هو 22من الشهر فعليك قراءة الأصحاح الـ22وهكذا,لأن هذا السفر يسمي سفر تعليم الحكمة.