أتدري يا صديقي.. إنه متي كانت لك حياة روحية حقيقية وقلب ممتلئ بالنعمة لابد أن ينعكس ذلك علي حياتك العملية, فتظهر رائحة المسيح في كل تصرفاتك؟
وهذا هو ما نود الحديث عنه في موضوعنا هنا.. إنها الخطوة السابعة في طريقك الروحي والتي تعكس نجاحك في الخطوات الست السابقة.
ولكن شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح في كل حين, ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان, لأننا رائحة المسيح الزكية لله, في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون لهؤلاء رائحة موت لموت, ولأولئك رائحة حياة لحياة. ومن هو كفوء لهذه الأمور؟ لأننا لسنا كالكثيرين غاشين كلمة الله, لكن كما من إخلاص, بل كما من الله نتكلم أمام الله في المسيح (2كو2:14-17).
- تظهر فينا رائحة المسيح, من خلال خمس فضائل:
كيف تظهر فينا رائحة المسيح؟
1- المحبة
2- السلام
3- اليقظة
4- الحكمة
5- ينبوع التعزيات
أولا: المحبة:
الإنسان المسيحي لا يعرف إلا المحبة, والعالم اليوم في أشد الحاجة إلي المحبة النقية الحقيقية, تلك المحبة التي يقدمها الإنسان المسيحي الحقيقي في معاملاته مع الجميع.
لذا علي الإنسان المسيحي أن يراجع نفسه دائما, ويسأل نفسه: هل يوجد في قلبه فكر كراهية من جهة أي أحد؟! وما هو مقياس المحبة تجاه كل من هم حوله؟! والقديس أغسطينوس له هذا القول الجميل: حب الكل, فيكون لك الكل.
ثانيا: السلام:
وتسمي صناعة السلام بالصناعة الصعبة.. بل إنها أصعب صناعة يحتاجها العالم اليوم, فالعالم أضحي ممتلئا بالتوتر في كل مكان, وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط وثمر البر يزرع في السلام من الذين يفعلون السلام (يع3:18).
فهناك شخص مجرد وجوده يكون سببا في تهيج المشكلات, بسبب كلامه غير الحكيم, ولكن نجد شخصا آخر, كلامه يريح الجميع بحكمته وتصرفاته التي تزرع السلام.
تعلم يا صديقي فن حل المشكلات بهدوء, بل اجعل نفسك دائما من صناع السلام, كما يقول الكتاب: طوبي لصانعي السلام, لأنهم أبناء الله يدعون (مت5:9).
ثالثا: اليقظة:
بمعني التوبة في كل يوم, فالإنسان المسيحي إنسان يقظ ومنتبه ومستعد.. واليقظة أيضا تعني السهر والاستعداد, فمتي تسلل الكسل إلي حياتك الروحية عليك أن تتدارك نفسك سريعا, واعلم أن هذا الكسل هو حرب من الشيطان, يجب الانتباه له حتي لا تفسد الخطية حياتك بسبب هذا الكسل.
رابعا: الحكمة:
إن كان أحدكم تعوزه حكمة, فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير, فسيعطي له (يع1:5).
فالفضيلة لا تكون فضيلة إلا بالحكمة, والحكمة تتجسد في حياة الإنسان بشكل عملي.. في حسن التصرف, أو في عرض موضوع ما, أو في حل مشكلة.. إلخ.
ويحكي في التاريخ, أن ملكا في أحد العصور أقام حفلة كبيرة, ودعا إليها جميع كبار رجال الدولة, وكان من ضمن المدعوين البابا البطريرك, وفي نهاية الحفل, كان كل فرد من رجال الدولة يقوم بتقبيل يد الملك اليمني, فيضع الملك فيها كيسا من الذهب, علي سبيل الهدية.
فجاء دور البابا البطريرك, فقبل صدر الملك! فتعجب الملك وقال له: لماذا صنعت ذلك, فقال البابا: لأنه توجد لدينا آية في الإنجيل تقول: قلب الملك في يد الرب (أم21:1). وأنا قبلت يد الرب التي تحرس قلبك يا جلالة الملك, فارتاح الملك لها الكلام, وأعطي البابا كيسين من الذهب! وهذه هي الحكمة. فقد كرز بالإنجيل وقدم محبة وتصرف بدبلوماسية.
الإنسان المسيحي الحقيقي عادة ما يكون إنسانا حكيما, لأنه يتعلم الحكمة من حياة ربنا يسوع المسيح, فعندما سألوا السيد المسيح عن الجزية وهل يجب دفعها أم لا؟! طلب أن يري عملة, ونظر إلي وجهيها, قم قال في حكمة: لمن هذه الصورة والكتابة؟ قالوا له: لقيصر. فقال لهم: أعطوا إذا ما لقيصر لقيصر وما لله لله (مت22:20-21).
وأيضا في قصة المرأة السامرية (يو4), تعامل السيد المسيح معها بمنتهي الحكمة, وبدأ هو في الحديث معها, وكان يشجعها في حديثها ببعض الكلمات المشجعة, مثل حسنا قلت, وبذلك قادها إلي التوبة والإيمان.
وفي مقابلة زكا, تقابل السيد المسيح معه بمنتهي اللطف, حتي إن زكا تغير قلبه وتاب, وقال: ها أنا يارب أعطي نصف أموالي للمساكين, وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف (لو19:8).
وفي قصة الابن الضال (لو15), كان من الممكن أن أباه لا يقبل عودته ويطرده, ولكنه تعامل مع ابنه بحكمة وأخذه في حضنه وقبله.
وهكذا يا عزيزي القارئ, الإنسان المسيحي يظهر رائحة المسيح في حكمته في مواجهة المواقف المختلفة.
خامسا: ينبوع التعزيات:
الإنسان المسيحي هو ينبوع التعزيات, فحضور المسيحي حضور مفرح, فعندما يأتي الإنسان المسيحي يأتي معه الفرح والبشاشة.
وهكذا حضور الإنسان المسيحي يعكس حضور الله, بالفرح الذي يملأ قلبه.
وأخيرا هذه الفضائل الخمس: المحبة, السلام, اليقظة, الحكمة, وينبوع التعزيات. هي مظاهر حضور الله في حياتنا, وإذا أخذنا الحرف الأول في هذه الكلمات الخمس, ستظهر كلمة مسيحي.
اجلس مع نفسك قليلا في هدوء, وراجع حياتك, ما هي المجالات التي يمكن أن تظهر رائحة المسيح فيها؟
والآن سأقدم لك عزيزي تطبيقا عمليا عن كيف تكون رائحة المسيح الزكية في تعاملاتك مع الآخرين..
في البداية هناك ثلاثة أسئلة مهمة يجب أن تضعها أمامك عندما تتعامل مع أي شخص:
هل تعرف احتياجات الإنسان الأساسية؟.. هل تعرف أشكال التواصل مع الآخرين؟.. هل تعرف مبادئ التفاعل مع الآخر؟