أشار خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء إلى عدة آراء بخصوص شجرة مريم وحدائق البلسم ذاكرًا أن العائلة المقدسة استراحت بعد عبورها سيناء والدلتا وويدى النطرون تحت ظل شجرة بحديقة البلسم التي أنشأتها كليوباترا السابعة (69 – 30 ق.م) وقد جاءت العائلة المقدسة إلى مصر بعد إنشاء حديقة كليوباترا بخمسين عامًا.
ويضيف الدكتور ريحان بأن الملكة كليوباترا أشتهرت بعطرها المميز الذي تحدث عنه الكتاب والمفكرون وكانت تقوم بإهدائه في آنية خاصة لضيوفها من كبار الزوار والحكام نقش عليها إسمها وأطلقوا عليه اسم بلسم الحب لما كان له من سحر خاص وتقوم بتحضيره في معمل خاص ملحق بمعبد إيزيس ويحتفظ بسر صناعته كهنة معبد آمون وذلك طبقًا لما ذكره الدكتور سيد كريم في كتابه “لغز الحضارة المصرية”.
ويضيف الدكتور ريحان بأن زيوت صناعة ذلك العطر كانت تستوردها خصيصًا من جوديا بمنطقة أريحا وكان يطلق عليها أشجار البلسم المقدس وقد حقق أنطونيو حلم كليوباترا بالاستيلاء على تلك الحدائق من زهور وزيوت عطرية وأخشاب معطرة للبخور وكذلك عملت كليوباترا على نقلها وزراعتها فى مصر وكانت تنقل أشجارها الكبيرة النامية فى سفن وأنشأت حدائق البلسم الشهيرة بالمطرية وتعتبر شجرة مريم من شجر الجميز ضمن حدائق البلسم بأشجارها المتنوعة.
ويوضح الدكتور ريحان أن لجوء العائلة المقدسة إلى مصر كان بعد إنشاء الحديقة بحوالي نصف قرن وكان أول مكان استراحت به العائلة المقدسة بعد اجتياز الصحراء هي حدائق البلسم وتظللوا بأحد أشجارها وهي شجرة الجميز بالمطرية.
وينوه الدكتور ريحان إلى أقوال المؤرخين الذين ذكروا أن شجرة مريم الأصلية التي استراحت عندها العائلة المقدسة سقطت عام 1656م والشجرة الحالية نبتت من جذور الشجرة الأصلية وتعود إلى عام 1672م والتي بنت الآثار حولها سورًا وقامت بتطويرها وحولتها لمزار سياحي محلي ودولي وكان بالموقع ساقية كانت تقوم بتوزيع الماء من عدة ينابيع لري حدائق البلسم.
ويشير الدكتور ريحان أيضًا إلى قول المؤرخ المقريزي في القرن الخامس عشر الميلادي أن العائلة المقدسة حطت بالقرب من عين شمس ناحية المطرية وهناك استراحت بجوار عين ماء، وغسلت مريم فيها ثياب السيد المسيح وصبت غسالة الماء بتلك الأراضي فأنبت الله نبات البلسان ولا يعرف بمكان من الأراضي إلا هنا.
ويتابع الدكتور ريحان، أن المقصود بالربوة التي أوت إليها العائلة المقدسة والمذكورة في سورة المؤمنون آية 50 (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) هى أرض مصر التي لجأت إليها العائلة المقدسة وهي أرض بها نبات وأشجار وقد جاء في الآية 265 من سورة البقرة }كمثل جنّة بربوة{وفسرها بعض المفسرون بأن الربوة تعني الأرض المستوية السهلة سواءً كانت مرتفعة أم نازلة فى الأودية وهذه الأرض متى كانت على هذه الصفة يكثر ريعها وتكمل الأشجار فيها وهذا يعني خصوبة هذه الأرض وأنها صالحة لنمو الأشجار والنباتات وهذا يتوافق مع أرض المطرية التي نبتت فيها العديد من الأشجار المحلية والمجلوبة من فلسطين.
كما يؤكد الدكتور ريحان أن مسار العائلة المقدسة بدأ في مصر من رفح، الشيخ زويد، العريش، الفلوسيات، القلس، الفرما، تل بسطة، مسطرد، بلبيس، منية سمنود، سمنود، سخا، بلقاس، وادى النطرون، المطرية، عين شمس، والزيتون) أى جاءت إلى المطرية بعد رحلة شاقة سريعة عبرت فيها سيناء والدلتا ووادى النطرون ولم تحدد مقرًا معين للاستقرار باقي المدة وربما كان في حسبانها الاتجاه مباشرة إلى موقع حصن بابليون وهو المسار الطبيعي من سيناء إلى وادي النيل لكنها عدلت فاتجهت إلى الدلتا ثم وادي النطرون وبعده مباشرة إلى المطرية وربما تكون كلها أقدار لتبارك مواقع عديدة على أرض مصر.
ويتابع الدكتور ريحان، أن العائلة المقدسة انتقلت من المطرية إلى عين شمس إلى الزيتون، وسط القاهرة، حارة زويلة، كلوت بك، مصر القديمة، حصن بابليون، المعادي وواصلت رحلتها إلى منف، دير الجرنوس، البهنسا، جبل الطير، أنصنا، الأشمونين، ديروط، ملوي، كوم ماريا، تل العمارنة، القوصية، ميرة إلى الدير المحرق بالقوصية نهاية الرحلة.
وأضاف الدكتور ريحان، أنه في طريق العودة مرت العائلة المقدسة على جبل أسيوط الغربي (درنكة) إلى مصر القديمة ثم المطرية فالمحمة ومنها إلى سيناء مبينًا أن عمر السيد المسيح عليه السلام وقت خروجه من بيت لحم كان سنة واحدة أو أقل واستغرقت الرحلة في مصر أربعة أعوام إلا شهر أى جاء السيد المسيح إلى مصر طفلًا وعاد صبيًا وقطعت 807كم وباركت 40 موقعًا بعضها بها شواهد أثرية من كنائس وأديرة وبعضها أشجار وأشهرها شجرة المطرية وبعضها آبار وهياكل ومذابح ومغارات ونقوش صخرية.