أكد خبراء الاقتصاد أن أي ارتفاع جديد في أسعار المحروقات في ظل الصعود الذي تشهده سوق النفط العالمي سوف يمثل ضغط علي الموازنة العامة للدولة مشيرين إلي غلاء المعيشة بعد أيام من زيادة أسعار المياه والكهرباء والبنزين.
قال الدكتور محمد معيط وزير المالية أن الخزانة العامة للدولة لتطبيق حزمة حماية اجتماعية تستهدف هذا القرار يوفر بالدرجة الأولي أصحاب المعاشات والأجور, مشيرا إلي أن زيادة أسعار المنتجات البترولية قد تكون مؤلمة لمنخفضي الدخل, ولكن سيتم مواجهتها بحزمة حماية اجتماعية ستعلنها الحكومة قريبا خصوصا إن تخفيض الدعم عن الوقود سيساهم في تخفيض عجز الموازنة جراء دعم الطاقة.
أشار معيط إلي أن ترشيد دعم الطاقة المواد البترولية, والكهرباء وفر هذا العام 48 مليار جنيه, عن ميزانية العام الماضي, تم توجيهها للصحة والتعليم, وبرامج الحماية والعدالة الاجتماعية وزيادة الأجور, لافتا النظر إلي أنه تم إقرار زيادة غير مسبوقة في الاعتمادات المالية المقررة للصحة لتصل 124.9 مليار جنيه, وقطاع التعليم قبل الجامعي 134.8 مليار جنيه, والتعليم العالي 67 مليار جنيه والأجور 301 مليار جنيه, وتم إدراج 9.7 مليار جنيه للأدوية مقابل 7 مليارات جنيه بموازنة العام الماضي, و1.5 مليار لدعم ألبان الأطفال, ورصد 7.6 مليار جنيه لبرنامج العلاج علي نفقة الدولة, مقابل 5.7 مليار جنيه العام الماضي, و1.3 مليار لسداد اشتراكات غير القادرين في نظام التأمين الصحي الشامل.
قالت الدكتورة يمن الحماقي أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس أن زيادة أسعار البترول والغاز والخدمات العامة من مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء لها آثار سلبية علي المواطن خاصة في ظل الظروف الحالية الصعبة.
وأضاف الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي أن الزيادة في أسعار الطاقة ستؤدي إلي تحريك الأسعار علي بعض السلع, خاصة وأن المحروقات هي من تحدد أسعار باقي السلع في مصر فكل السلع تعتمد علي وسائل النقل والصناعة, مشيرا إلي أن قيمة الرفع سيتم توجيه جزء منها لسداد قيمة المديونيات علي شركات البترول المصرية.
وقال الدكتور إيهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات إن المرحلة المقبلة تحتاج إلي مزيد من جهود الأجهزة الرقابية لمتابعة الأسواق ومواجهة التجار والموزعين, مشيرا إلي أن الإشكالية الحقيقة تكمن في أن الحكومة لا تهتم بوضع إستراتيجيات لحماية الفقراء ومحدودي الدخل عند إقرارها لأي زيادة في أسعار الكهرباء.
وأوضح أن محدودي الدخل كانوا الفئة الأكثر تضررا من الأرتفاع الذي طرأ علي أسعار الكهرباء في العام الماضي في حين لم تتأثر شريحة الأغنياء ورجال الأعمال الذين يمتلك أغلبهم مصانع كثيفة الاستخدام للطاقة.
ودعا الدسوقي إلي ضرورة أن يكون هناك دراسة حقيقية من جانب الحكومة, لأوضاع السوق وحجم الارتفاع في الأسعار للحد من الآثار السلبية لقرار خفض الدعم عن الكهرباء الذي كان حتما سوف يتم.
وطالب بضرورة أن تعيد الحكومة النظر في رفع الدعم عن الكهرباء خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة والتي زادت من أعباء المواطن وافقدته القدرة علي تلبية حاجاته الأساسية ومن ثم يكون رفع الدعم بصفة عامة ومن بينه دعم الكهرباء بمثابة الضربة التي تزيد من سخط المواطن بما لا يصيب في صالح أمن الوطن واستقراره.
قال محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية ورئيس جمعية مستثمري العبور أن الكثير من المصانع والشركات الكثيفة الاستهلاك للطاقة في صناعتها ستعاني من رفع شرائح الكهرباء وعلي سبيل المثال فإن هناك الكثير من المصانع تمثل الطاقة فيها ما بين 60% و 70% من مدخلات الإنتاج وإذا ارتفعت أسعار الفواتير بنسبة 10% فإن التكلفة النهائية ستزيد بنسبة تتراوح بين 6 و 7%, مضيفا أن فواتير الكهرباء أحيانا تصل لبعض المصانع نحو عشرة ملايين جنيه في الشهر الواحد نتيجة الاعتماد عليها في الصناعة وإذا ما أرتفعت علي سبيل المثال 10% فإن مقدار الزيادة سيكون مليوني جنيه شهريا وإذا ما جري تجميع الفارق علي مدار العام فإن التكلفة النهائية ستعني زيادة بمقدار 24 مليون جنيه.
وأضاف المرشدي بأن المصانع عانت مؤخرا وحتي مع مبادرة البنك المركزي بسداد المديونية للبنوك لغلق الحسابات المكشوفة علي أن يتولي هو التحصيل فإن طرق الدفع ستكون شهرية وعلي مدار عامين وهو ما يؤكد أن أصحاب المصانع سيعانون خلال تلك المدة بسبب تأثر الأرباح بشدة.
أكد هاني برزي رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية أن أسعار السلع ترتفع بشكل مبالغ فيه فهي لا تنتظر رفع الدعم عن الطاقة, مضيفا أن سياسات الحكومة المصرية تتنافي مع السياسات الدولية فيما يتعلق بتسهيل الاستثمار, لافتا النظر إلي أنه علي الرغم من أن الطاقة أحد عناصر الإنتاج ومدخلاته الأساسية إلا أن تعامل الحكومة المصرية معها يخالف جميع الأعراف الدولية.
وأكد برزي أن هناك ارتفاعا كبيرا في جميع الخامات ومدخلات الإنتاج والتي تكون واحدة وأهمها أسعار الكهرباء التي تضاعفت مرات متتالية وهذه هي المرة الرابعة.
وأكد علاء السقطي, عضو مجلس إدارة اتحاد المستثمرين, رئيس اتحاد جمعيات المشروعات الصغيرة والمتوسطة, أن أسعار الوقود لن تؤثر علي تكلفة الإنتاج, وأنه ينبغي علي الجميع تحمل مسئوليته, كل في قطاعه, موضحا أن متوسط زيادات الوقود 20% وأن تأثير سعر الوقود لا يتجاوز الـ4% من تكلفة إنتاج السلع, وهو ما يعني أن نسبة التأثير لن تتجاوز 0.8%.
وأشار إلي أن هناك انخفاضا بمقدار 8% في سعر الدولار, ومن 50% إلي 60% من مكونات السلع مستوردة, وهو ما يعني أن هناك استقرارا في الأسعار, وهو ما لا يحدث علي أرض الواقع بسبب غياب الضمير.
وأضاف السقطي أن تحرير سعر الطاقة يجعل مناخ الاستثمار مفيدا وجاذبا للاستثمارات الأجنبية, حيث إن معظم الاستثمارات كانت تخشي دخول مصر بسبب المخاوف من أسعار الطاقة غير المستقرة.