• بداية فكرة انشاء المتحف تعود الى عام 2006
• دعوة للتبرع بمقتنيات محفوظ
• اقتراح مشروع لتطوير منطقة تكية أبو الدهب
منذ ما يقرب من ثلاثة عشر عاما وبعد رحيل أديب نوبل في أغسطس عام 2006 ،طرحت قضية متحف نجيب محفوظ حيث علت أصوات المثقفين ومحبى صاحب نوبل مطالبين بضرورة وجود متحف يضم مقتنياته الخاصة، ويخلد ذكراه على مر العصور، وبالفعل استجاب لهذا الطلب الفنان الكبير فاروق حسنى، وزير الثقافة آنذاك، وأصدر قرارًا وزاريًا يحمل رقم “804” لسنة 2006، باختيار تكية أبو الدهب “أثر رقم 68” لتكون متحفًا للأديب الراحل »، لافتاً إلى أن «المشروع تعرض لكثير من فترات التوقف بسبب ما حدث في أعقاب 2011 (ثورة 25 يناير)، وغيرها من الأسباب.
واليوم بعد سنوات طويلة من العمل، تخللتها فترات توقف لأسباب مالية أو سياسية يتحقق حلم المصريين بافتتاح هذا المتحف عقب الانتهاء من الأعمال والتجهيزات النهائية، وبالتزامن مع الاحتفالات بثورة 30 يونيو، وسيناريو العرض يعبر عن الطابع الوجداني للأديب نوبل.
تكية أبو الدهب
—————
تم اختيار تكية أبو الدهب نظرًا لقربها من المنزل الذي ولد فيه صاحب نوبل بحي الجمالية في القاهرة، ولأن المكان يتوسط منطقة القاهرة التاريخية التي استوحى منها الأديب الراحل شخصيات وأماكن أغلب رواياته وكتب عن كثير من الأماكن بها.
كان للحارة الشعبية مكانة كبيرة في روايات الأديب الراحل، ولذلك جاء اختيار موقع متحفه في حارة شعبية، حيث أقيم بمبنى تكية أبو الدهب بحي الأزهر، وسط القاهرة، في منطقة غنية بالآثار الإسلامية، لكنها مزدحمة بالسكان والمحلات والباعة، حيث يعد حي الأزهر من أشهر الأحياء التجارية القديمة.
وتكية أبو الدهب في القاهرة التاريخية هي جزء من مجموعة أبو الدهب الأثرية التي تضم مسجد ومدرسة وتكية محمد بك أبو الدهب، وتقع بجوار جامع الأزهر، وبدأ إنشاؤها عام 1187هـ (1703م)، على يد«محمد بك أبو الدهب»، وتعد ثاني أهم مجموعة أثرية في المنطقة، بعد مجموعة الغوري، وما يميز هذا الأثر الكبير أنه يجمع ما بين جامع وتكية، وعلى الرغم من أن التكية لا يتواجد بها مئذنة أو منبر، إلا أن بها محراب للتعبد ولإقامة الصلاة ولذلك تعد هذه التكية من أهم التكيات في ذلك العصر وتضم : سبيلاً وكُتاباً وحوضاً للدواب، ومسجداً للمتصوفين من 3 طوابق، وحوضاً وسبيلاً ملحقين بالمسجد من الناحية الجنوبية، وتصميمها المعماري يتمثل فى صحن مكشوف به حديقة ونافورة، تحيط به مجموعة من القاعات. ، تم تخصيص الدورين الأرضي والأول للمتحف، بينما يظل الدور الثاني في حيازة وزارة الآثار.
الفكرة
————————
فكرة المتحف بدأت ( كما ذكرنا منذ قليل ) عام 2006، ثم تم تخصيص المكان، وفي عام 2016، بدأ التعاقد مع الشركة المنفذة للمشروع، بعد تجهيز الشروط والمقايسات المطلوبة، وكانت مدة التنفيذ لا تزيد على العام، إلا أن المشروع حدثت به كثير من التغييرات، فكان من المخطط أن يكون المتحف في الطابق الأرضي، ثم تغير بعد ذلك لينتقل المتحف إلى الطابق الثاني، بناء على آراء استشارية تتعلق بنسبة الرطوبة في الطابق الأرضي، وغيرها من العوامل الأخرى، و بلغت التكلفة نحو 15 مليون جنيه، وتم تمويلها من موازنة الدولة، بعد دخول صندوق التنمية الثقافية ضمن موازنة الدولة منذ عام 2017.
المتحف يرى النور
——————————
تفتتح المتحف وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم ويحضر الاحتفال الكاتب الكبير يوسف القعيد والدكتور فتحي عبد الوهاب رئيس صندوق التنمية الثقافية، والمهندس محمد أبو سعدة رئيس جهاز التنسيق الحضاري، ولفيف من مثقفي مصر.
وفى هذا الصدد قالت وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم: الثقافة واجهت الكثير من التحديات حتى تم الانتهاء من جميع الاعمال والتجهيزات الخاصة بمتحف نجيب محفوظ مؤكدة ان ما تم انجازه يمثل فخراً لكل المصريين كما يجسد ايمان الوطن بضرورة صون المفردات التاريخية التي شكلت قوته الناعمة ، مشيرة الى اعادة صياغة وتجميل المنطقة المواجهة للمتحف من خلال جدارية نفذها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بالتعاون مع محافظة القاهرة وتصور بورتريه لنجيب محفوظ يتوسط عدد من المآذن التاريخية التي تمثل روح مؤلفاته، ونوهت الى أن سيناريو العرض المتحفي جاء معبراً عبر الطابع الوجداني لأديب نوبل ويضم مجموعة من متعلقاته الشخصية ، كما وجهت الدعوة للمؤسسات والافراد لإهداء ما يمتلكونه من مقتنيات لضمها الى نوافذ العرض بهدف اثرائه والقاء الضوء على جوانب مجهولة في حياة الاديب الكبير . «جدير بالذكر أن جميع مقتنيات محفوظ في المتحف هي من إهداء أسرته».
المتحف من الخارج إلى الداخل
————————————————-
قال الدكتور فتحي عبد الوهاب، رئيس صندوق التنمية الثقافية، مع اقتراب موعد افتتاح المتحف، بدأنا التفكير في المنطقة المحيطة به ومن هنا، جاءت فكرة إنشاء هذه الجدارية التي نفذها جهاز التنسيق الحضاري، بالتعاون مع محافظة القاهرة، وهناك خطة متكاملة لتطوير المنطقة، تشمل السوق والمنطقة المحيطة، لدى محافظة القاهرة وجهاز التنسيق الحضاري، بدأ العمل عليها، كما تم تصميم لوحات إرشادية ولافتات لإرشاد الزوار إلى موقع المتحف، ستتولى محافظة القاهرة وضعها في أماكنها.
وعند دخولك لمقر المتحف من باب التكية الأثري، تستقبلك صورة كبيرة للأديب الراحل تتوسط صحن التكية، مع مجموعة من اللوحات على جدران الصحن تحمل صوراً وعبارات تحكي قصة حياة محفوظ، ويحيط بالصحن مجموعة من القاعات بأبواب زرقاء اللون، لكل قاعة اسم بحسب الهدف منها، ويضم الطابق الأرضي قاعة صغيرة للندوات، تسمى «قاعة درس»، وقاعات مكتبات عامة تضم مؤلفات محفوظ، والدراسات النقدية عنه، ومكتبة سمعية بصرية تتيح لزائرها الاطلاع على جميع مؤلفات محفوظ والدراسات النقدية عنه، إضافة إلى مشاهدة أفلامه وما كتب عنه، وكذلك قاعة سمع بصرية للباحثين تتيح للزائر الاطلاع على كل شيء بصورة إلكترونية، مع مراعاة حقوق الملكية الفكرية، إذا أراد الباحث الحصول على نسخ منها، فكل ما هو متاح على الإنترنت مجاناً متاح في المتحف مجاناً، لكن النسخ يخضع لحقوق الملكية الفكرية.
بينما يحكي الطابق قصة حياة نجيب محفوظ بسيناريو عرض متحفي، يبدأ بغرفتين تضمان مجموعة الأوسمة والنياشين والشهادات التي حصل عليها محفوظ طوال مشواره الفني، بخلاف جائزة نوبل التي خصصت لها غرفة مستقلة تحمل اسم «نوبل»، وتحوي صوراً لجميع من حصلوا على جائزة نوبل في الآداب، وبينهم محفوظ الذي حصل عليها عام 1988، ولوحة كتب عليها نص كلمة محفوظ خلال حفل تسليم الجائزة التي ألقاها بالنيابة عنه الأديب محمد سلماوي.
وخلال الجولة، يطوف الزائر بمجموعة من القاعات تحمل كل منها اسماً، وتحكي جزءاً من تاريخ حياة محفوظ، منها قاعة «أصداء السيرة»، التي تحكي نشأته وحياته، وتضم بعضاً من متعلقاته الشخصية، مثل أدوات الحلاقة، ونظارته وقلمه، وبدلة رسمية، وقاعة السينما التي تشاهد فيها مقاطع من أشهر أفلامه على شاشة سينما، وقاعة «تجليات» التي تضم مكتبه وشاشة عرض صغيرة يظهر عليها محفوظ وهو يحكي برنامج حياته اليومي، وقاعة «الحارة» التي يشاهد فيها الزائر كيف صور محفوظ الحارة المصرية، وقاعة «أحلام الرحيل» التي تتحدث عن محاولة اغتياله، وتضم مجموعة من الأوراق بخط يده في أثناء تدربه على الكتابة في تلك المرحلة بعد إصابته، ثم قاعة «رثاء» التي تتحدث عن وفاته، وبجانب كل ذلك يوجد شرفة تسمى «مقهى الحرافيش».
وقال المهندس كريم الشابورى، المسئول عن سيناريو العرض المتحفي، «التدقيق وجمع المعلومات وربط الأحداث والبحث عن المادة التاريخية كان أكثر شيء استغرق وقتاً»، كان العرض في البداية يقتصر على قاعات للنياشين والأوسمة، ثم تطور ليشمل قاعات أخرى تتيح للزائر التعرف على قصة حياة نجيب محفوظ، وتسمح له بأن يقضي فترة من الوقت في زيارة المتحف، حيث تم جمع مادة علمية من مصادر كثيرة لعمل سيناريو العرض، وتم تقسيمه زمنياً لقاعات الأوسمة، والشهادات، وحارة السينما، وأصداء السيرة.
دعوة للتبرع بمقتنيات محفوظ
——————————-
دعا الكاتب يوسف القعيد، وهو أحد المقربين السابقين من نجيب محفوظ، تلاميذ وحرافيش عميد الرواية العربية وكل الهواة الذين يمتلكون أياً من مقتنياته إلى دعم المتحف الجديد بها، مشيراً إلى أن منزل «محفوظ» بالإسكندرية كانت به مكتبة غنية ومسودات لكتبه، وهي موجودة بالمتحف حالياً، لكنها لا تمثل قطرة في مقتنياته، كما طالب أيضاً بإنهاء المشكلات العالقة بين وزارتي الثقافة والآثار وإخلاء آخر دور من المبنى، الذي لا يزال مقراً لمنطقة آثار الغورى، وفتح باب المتحف المطل على شارع الأزهر.
مشروع تطوير منطقة تكية أبو الدهب
——————————————
تقدم المهندس محمد أبوسعدة، رئيس جهاز التنسيق الحضاري، إلى محافظ القاهرة عاطف عبد الحميد، بمشروع تطوير منطقة تكية أبو الدهب وتمت الموافقة عليه مبدئياً وقال أبوسعدة :وقفنا عند موضوع السوق تحديداً، مشهد سوق الخضار والمخلفات والروائح الكريهة النابعة منه لا تليق بأن يكون واجهة لمتحف بحجم الأديب العالمي نجيب محفوظ، وحتى الآن محافظة القاهرة ما زالت تدرس موضوع نقل السوق، وإيجاد مكان مناسب له، خاصة أن موضوع النقل ربما يواجه صعوبة في ظل احتياج أهالي المنطقة له.
وأضاف رئيس جهاز التنسيق الحضاري: المنطقة المحيطة بتكية أبو الدهب، مقر متحف نجيب محفوظ، منطقة غنية جداً، وتحتوي على مبانٍ ذات قيمة تراثية، تطرق لها المشروع من خلال إعادة طلاء واجهات المباني وإعادة وضع اللافتات بشكل يتماشى مع قيمة تلك المباني التراثية، كما أن المشروع تطرق إلى حل المشكلة المرورية التي تعاني منها المنطقة، وكذلك يتضمن إزالة الإشغالات التي تحاصر المنطقة ووكالة أبو الدهب، كما أنه سيتم تمهيد الطرق والشوارع المؤدية إلى الوكالة من مداخل الأزهر والسلطان الغورى بمادة البازلت المستخدمة في تطوير المناطق التراثية، كما أنه سيتم وضع نصب تذكاري في مدخل المتحف من ناحية وكالة السلطان الغورى يحمل نموذجاً لميدالية نجيب محفوظ التي حصل عليها في نوبل، لتكون دليلاً ومرشداً للمارة بمكان المتحف، كما تمت مراعاة تصميم مكان مخصص لانتظار السيارات ستكون بدايته من مدخل الغورى على شارع الأزهر بجوار التمثال، وينتهي عند مدخل متحف نجيب محفوظ من ناحية الجامع الأزهر، حتى يتمكن رواد المتحف من ترك سياراتهم بالخارج.
وحول التطوير الذي سيشهده مدخل المتحف من ناحية شارع الأزهر، أوضح أبوسعدة، ستتم إزالة إشغالات الباعة من أمام المدخل وستتم زراعة صناديق من الزهور والأشجار في المداخل، وكذلك ستمتد منطقة انتظار السيارات من أمام مدخل الغورى حتى مدخل المتحف من شارع الأزهر، كما أنه سيتم تخصيص مقاعد لرواد المتحف، ولن يتوقف التطوير على المداخل والمخارج المؤدية إلى المتحف فقط، حيث إن التطوير سيشمل أيضاً إزالة الأدوار المخالفة في المباني ذات القيمة التراثية وإعادة طلائها مرة أخرى، وإزالة التعديات على واجهات المباني من قبل المحال التجارية، وأيضاً إزالة التعديات الموجودة في مداخلها.
وحول الإطار الزمنى الذي يمكن أن يستغرقه تطبيق المشروع في حال الموافقة عليه كلياً وتنفيذه من قبل محافظة القاهرة، أشار أبوسعدة، المشروع لن يستغرق أكثر من 6 شهور لتنفيذه، وأنه في حال تنفيذه بهذا التصور سيتم نقل المنطقة لتكون أشبه بما تم إنجازه في القاهرة الخديوية، موضحاً أن ما يعطل المشروع الآن هو محاولة إيجاد حل مناسب لسوق «التبليطة» من قبل محافظة القاهرة نظراً لأهمية السوق بالنسبة لأهالي المنطقة.