تعلمت مع الوقت وبخبرتي كامرأة في مجتمع شرقي عربي كيف أواجه الذكور وتصرفاتهم غير الرجولية في تعاملاتهم مع النساء ومواقفهم التي تعبر عن الازدواجية في التعامل طبقا لمعايير وضعها المجتمع و التي نجد رفضا جزئيا لها في المجتمع – ووضحت لنا مؤخرا في حادثة اللاعب عمرو وردة، حيث وجدنا بعض النساء يدافعن طبقا للمعايير الموروثة و التي نعلمها جيدا، وإن كان رد فعلي أصبح تلقائيا مع من أتعامل معهم من الذكور، سواء في العمل أو الشارع وعلى كافة المستويات .
ولكن إلى الآن لا أعرف مع كم الحوارات والبرامج والكلام والمقالات عن استمرار بعض النساء في الإصرار على المبادئ المجتمعية الذكورية، فأقبل أن أجد رجل يتعامل بازدواجية في حياته طبقا للمكان أو المجموعة الذي يكون بينها محاولا الظهور بشكل لائق، ولكن إلى الآن لا أعرف كيف أتعامل مع نساء يلعبون هذا الدور المزدوج .
لازلت اصطدم مع نساء هم أكثر قسوة وعنف من الذكور، كأنهم ضد الآخر بشكل عام ، ضد مجتمعهم، بل ونجد لديهم نفس الازدواجية في التعامل مع زميلاتهن طبقا لمعايير المجتمع المرفوضة وهي الحرية في التعامل، في العلاقات، العمر، الزواج، إن كان لديها أخوة ذكور أم لا، مع من تعيش، وأين، وإلى الآن عندما أتعامل معهم أشعر بالصدمة .
وعندما أحاول مناقشة الأمر اصبح العدو للأخلاق والقيم والدين، أو الفتاه المسترجلة، وعند استخدام المنطق والعقل يلجأن إلى التقاليد والعادات، وعندما تستخدم نفس هذه التقاليد نجدهم يلجؤون إلى التشويه والعنف كأنه انتقام للآخر ولذواتهن .
من خلال دراستي للمشورة الشخصية وجدت أن هناك بعض الأشخاص ينتقمن من الآخر لا لشيء إلا لأنه يذكرهن بفشلهن وخيبات الماضي و كأنهم يرفضن الأشخاص والظروف التي جعلتهم هكذا فيردن للأخريات نفس المصير .
ورغم كتابة كثير من المثقفين قبل المثقفات أن كثير من النساء في مجتمعاتنا هم أعداء أنفسهن وذويهم، أجد أن الاعتراف لم يعد حلا، وإن كان الاعتراف هو أول سطر لطريق الحل ، ولا أنكر وجود محاولات كثير لدعم النساء ثقافيا ومجتمعيا لتغيير هذه النظرة نحو النساء الأخريات ولكن لم يعد يكفي.
لا أدعو إلى تشريع أو لوقف التنمية الثقافية والمجتمعية للأجيال الجديدة من النساء والفتيات، بل أدعو كل امرأة مستقلة تعاني أن تتعلم المواجهة وكيفية التعامل بشكل محترف وبناء، ففي كتاب “الحدود” للكاتب هنري كلود، وضع معايير للعلاقات، مؤكدا أن أي علاقة لا ينتج عنها سلام وراحة يجب أن أضع لها الحدود بدون انفصال سواء كان ذلك مع أقرب الأقرباء من أخوة أو أزواج أو حتى الأولاد إلى العلاقات في العمل ودور العبادة، عندما قرأت الكتاب لأول مرة كنت أرى صعوبة في تطبيق ذلك في مجتمعنا الشرقي الودود المحب “العشري بزيادة ” ممن يتغنى دائما أننا أهل وعشرة وبيت واحد..الخ، ولكن مع كثرة الصدمات وجدت أنني يجب أن أتدرب على ذلك وأن أبدأ المشوار الصعب، فوضع الحدود في العلاقات سواء الشخصية أو العملية ليس انطوائية أو عدوانية أو كره وبغض للآخر، بل هو نظام للحياة ، لعالم اصبح مجتمع صغير لا يعرف الحدود ، لذا لا أدعوا للفرقة أو العنف بل أطالب النساء بالتدريب علي وضع الحدود مع الحب والعطاء والتسامح مع الجميع لينتج في النهاية التغيير مع الفرح والسلام .