أنطون سيدهم .. ومشوار وطني
أنطون سيدهم .. والسياسة الداخلية
إن آثارنا الرائعة التي يذهب بها الأجانب عند رؤيتها والتي تشهد علي تقدم وتفوق أجدادنا العظام في العلوم والفنون وأنظمة الري والإدارة منذ سبعة آلاف عام, عندما كانت شعوب العالم تعيش في ظلام الجهل والبدائية, بل وعندما كانت أوروبا وأمريكا مجاهل أغلبها غير مأهول ولا مسكون, نعم هذه الآثار التي يقف أمامها الإنسان مبهورا بروعتها ودقة فنها كانت ومازالت نهبا للناهبين, فإن ما رأيته في فيينا وبرلين والفاتيكان واللوفر بباريس والمتحف البريطاني بلندن والإرميتاج في ليننجراد بتروجراد الآن والمتروبوليتان في نيويورك, حتي متحف مدينة مانشيستر بإنجلترا يحوي الكم الرائع من الآثار المصرية, جميع هذه المتاحف بها من التحف المصرية مما يجعل الأقسام المصرية بها أروع ما تحتويه هذه المتاحف, والتي دائما ما يحتفظ به الأثرياء في قصورهم, إن هذه الروائع تفوق ما هو موجود بالمتحف المصري بمرات متعددة.
إن آثارنا الموجودة بمصر سواء بالمتاحف الإقليمية أو بالمخازن التي يتكدس بها كم هائل من الآثار, والتي يتولي كل مخزن منها خفير مسكين مسلح ببندقية قديمة لا قيمة لها, هؤلاء الحراس ذوو الأجر الضئيل هم تحت ضغط الخوف أو الاعتداء أو الإغراء المادي يتهاونون ويهملون في حراسة هذه المخازن فأصبحت نهبا للناهبين ومرتعا للصوص الآثار العتاة لينتقوا منها أكثرها قيمة ليبيعوها إلي تجار الآثار, وهواتها ليتولوا تهريبها إلي الخارج, حيث تصبح قيمتها مئات الألوف لما تمثله من فن رائع وقيمة أثرية كبيرة.
إن أرض مصر مازالت تحوي كما هائلا من الآثار التي تعتبر مغنما للمغتنمين خفية بعيدا عن نظر رجال الآثار, ثم يتولون بيعها للمهربين الذين أثروا ثراء فاحشا بإتجارهم في ثروة مصر العظيمة التي لا تقدر بثمن ولو كان ذهبا مقنطرا, فتجد طريقها إلي متاحف أوروبا وأمريكا, وهواة وأثرياء هذه البلاد الذين يعرفون جيدا قيمة هذه الآثار التي لا مثيل لها في العالم بأكمله.
هكذا أصبحت ثروة مصر من آثارها الخالدة سواء كانت بالمتاحف أو المخازن أو في باطن الأرض نهبا لكل طامع للاستيلاء عليها بشتي السبل وتهريبها إلي الخارج والإتجار بها, وبذلك فنحن نفقد أعز ما لدينا من آثار أجدادنا العظم بسبب غفوتنا وإهمالنا وتهاوننا.
كتب بعدد الأسبوع الماضي الأستاذ مسعد صادق مقالا تحت عنوان بيوتنا العريقة متاحف صغيرة ذكر فيه أن المباحث ضبطت مجموعة من الآثار الفرعونية لدي مزارع في فيلا بحدائق القبة وقدرت قيمتها بعشرة ملايين جنيه, كما ذكر أن هذا المزارع هو الأستاذ شارل ميخائيل فلتس الذي قرر أمام وكيل النيابة أنه ورث هذه الآثار من والده ونفي تهمة الإتجار بها أو بيعها للأجانب, لقد تكررت في السنوات الأخيرة مداهمة فيلات وشقق العائلات الكريمة العريقة والاستيلاء علي ما بها من تحف وآثار بتهمة الإتجار في الآثار, وهو ادعاء بعيد عن الصواب لأن هذه العائلات توارثت هذه التحف والآثار أبا عن جد لأجيال عديدة, وهي تحتفظ بها كتراث عائلي من الأجداد التي يعتز بها الأبناء ويحافظون عليها كذكريات ثمينة للعائلة, وبالطبع لم يضبط البوليس أصحابها يبيعونها لأحد أو يشترون من مهربي الآثار شيئا منها بل هي تراث قديم لديهم يهتمون بحفظه كحدقة أعينهم- وبالطبع استولت مصلحة الآثار علي هذه الآثار وأهملتها في مخازنها نهبا لكل ناهب وسارق.
إنا نرجو من مصلحة الآثار ورجال مباحثها أن يتحققوا من عملية الإتجار بالآثار قبل مداهمة بيوت الأبرياء والاستيلاء علي ما لديهم من آثار وإلقائها بمخازنها معرضة للتلف والسرقة, وليس هذا في مصلحة أحد.