نظم المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالتعاون مع المعهد الفرنسي “يوم البعثات الأثرية” كعادته كل عام للتعريف بأنشطة البعثات الفرنسية في مجال الآثار المصرية.
صرح عمرو بهجت مسؤول التواصل والإعلام والدعم بالمعهد الفرنسي للآثار الشرقية بأن هناك حوالي 40 بعثة فرنسية عاملة في مصر، بالإضافة إلى 3 مراكز بحثية دائمة أكبرهم المعهد الفرنسي للآثار الشرقية (الايفاو) والذي تأسس عام 1880، والمركز المصري الفرنسي لدراسة معبد الكرنك الذي تأسس 1976، ومعهد الدراسات السكندرية .وأوضح أن البعثات الأثرية في مصر بشكل عام تقدر بحوالي 250 بعثة بحسب وزير الآثار المصري، منهم 80 بعثة مصرية خالصة، مشددًا على أن البعثات الأثرية الفرنسية هي أكبر بعثات أثرية أجنبية في مصر.
وفي لقاء مع رؤساء البعثات أشار كريستيان لوبلان، مدير بعثة الحفائر الفرنسية بغرب طيبة إلى أن العمل يتم من خلال تمويل من الحكومة الفرنسية، لكن، وبسبب ارتفاع أسعار المواد المستخدمة في الترميم يتم اللجوء أحيانًا إلى ممولين آخرين، مؤكدًا إنه لم تحدث أي مشاكل بسبب ذلك.
وقال مدير المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، لوران باڤيه: “نحن ضيوف على مصر وكل ما نعمله هنا يجب أن يتم بموافقات من وزارة الآثار ونحن نحترم ذلك بالطبع لكن أحيانًا تلك الموافقات تستغرق بعض الوقت والذي قد يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من ستة أشهر بسبب أننا نأخذ موافقات من وزارات أخرى، وأيضًا يجب أن نحصل على موافقات أمنية لكل العاملين في البعثات الأثرية، وكل هذا يؤثر على تنسيق عمل الأفراد والبعثات المختلفة.”
وأوضح أن مهمة الباحثين الفرنسيين الأساسية في مصر في الماضي كان التنقيب وكفى، لكن الآن لا يمكن الاكتفاء بذلك، لافتًا إلى أن وزارة الآثار المصرية تنتهج حاليًا استراتيجية جديدة حيث تقوم بفتح مواقع أثرية للزيارة لأن التنمية والسياحة مهمة جدا للعمل الأثري، حيث ستسمح بمزيد من التمويل والذي سيفيد في استمرار الأبحاث.
وأشار باڤيه إلى أن هناك الكثير من التفاصيل الحكومية، ملمحًا إلى أن وزارة الآثار لها ما يبررها في اتخاذ كافة الإجراءات، فهناك مخاطر تحيط بهذا المجال مثل التنقيب الغير رسمي والذي بسببه قد تتضرر المواقع الأثرية بسبب الحفر الغير محترف، وأيضًا تهريب الآثار، مؤكدًا على الالتزام الكامل والدقيق بالإجراءات التي تفرضها الوزارة في مصر.
بينما أكد لوك جابولد، مدير المعهد الفرنسي للآثار المصرية لدراسة معابد الكرنك، إنه لا توجد بلاد كثيرة لديها هذا الكم من الآثار الموجود في مصر، قائلًا: “برغم من مرور عقدين على عملي في موقع معبد الكرنك، حتى الآن تذهلني أمور أكتشفها في المعبد عن دقة العمل في مصر القديمة.”
وعلق باڤيه قائلًا: “الآثار الموجود بمصر كبيرة جدا وذات قيمة عالية، ولا يمكن لمصر وحدها أن تحافظ عليها، لذا يجب علينا جميعا أن نتكاتف لحماية تلك الآثار لأنها تراث إنساني عالمي.”
وأفاد عمرو بهجت أن المعهد ينقسم إلى جناحين، جناح إداري وجناح بحثي، يتضمن الجناح البحثي غرف للباحثين الذين يعملون في المواقع للاستراحة، كما يتضمن المركز أيضًا “معمل المواد” ويقوم الباحثون فيه بدراسة دراسة المواد الأثرية مثل الشقافات والأواني وكيفية التعامل معها من خلال نسخة شبيهة بها.
وأوضحت أنيتا كيلس، مديرة قسم الدراسات الأركيومترية بالمعهد الفرنسي للآثار الشرقية: أن المعهد يتضمن معمل للكربون المشروع وهو يقوم بخدمة الأثريين بشكل عام في مصر وليس المعهد فقط، لافتة إلى أن القانون المصري يمنع عبور الآثار خارج الحدود، لافتة إلى أن معمل الكربون المشع أو الكربون 14 يستخدم في تحديد الأعمار التقريبية للقطع الأثرية المصنوعة من مواد عضوية كالخشب والعاج.
وأضافت كيلس قائلة: “يتطلب نقل القطعة الأثرية من موقعها أخذ تصريح من وزارة الآثار وتصريح آخر لبدء العمل، وذلك في إطار العديد من الاحتياطات التي تتخذها الوزارة للحد من تهريب الآثار. ثم نقوم نحن بتحديد العمر التقريبي وإرسال تقرير بذلك للباحث أو المركز البحثي وتقرير آخر للوزارة لأهمية هذا العمل ولكون نتائج تلك العملية تؤثر على مسار البحث ومسار التاريخ ككل، كما لها اعتبارات وأبعاد أخرى.”
وأفادت أن العينة التي يتم استخدامها في المعمل يتم تدميرها خلال عملية التأريخ لذا فالقطع التي تأتي إلى المعمل لا تتعدى بضعة جرامات، مؤكدة على أن أجهزة أخرى سيتم جلبها خلال العام الحالي لن تؤدي إلى تدمير العينة المستخدمة.
وألمحت مديرة قسم الدراسات الأركيومترية بالمعهد إلى أن تأريخ العينة يكون من خلال نسبة ما تم فقده من كربون، طارحة مثال الأخشاب، فبعد قطع الشجر (وفاتها) يفقد الخشب المقتطع منها بشكل دوري نسبة من الكربون، وبقياس نسبة الكربون بالقطعة الأثرية يتم تحديد عمرها من خلال ما فقدته من كربون فإذا كانت نسبة الكربون كبيرة فهو يشير إلى أن تلك المادة اقتُطعت من شجرة منذ عهد حديث نسبًا وبالعكس، موضحة أن التعامل مع العينة يبدأ بتطهيرها من الشوائب وهو ما يستغرق حوالي ثلاث أشهر، ثم يتم حرقها وتحويلها لبنزين لقياس عمرها من خلال قياس جزيئات الكربون فيها.