* علي مدي العصور كان أعداء الوطن يحاولون النفاذ إلي مصر عن طريق فضرب الوحدة الوطنية, وفشلت كل المحاولات والمخططات لأن عنصري الأمة وقفا ضد هذه المحاولات في ترابط ومحبة يذودان عن الوحدة الوطنية ويردان عنها المؤامرات الطامعة في مصر.
* لقد حاولت الحملات الصليبية بشتي السبل اجتذاب أقباط مصر ولكن محاولاتها باءت بالفشل إذ وقف الأقباط بثبات وقوة مع إخوانهم المسلمين ضد الغزاة وكانت مواقف خالدة أدت إلي فشل هذه الحملات وبالتالي اندحارها وانسحابها وسلمت مصر وسجل الكثير من المؤرخين الأجانب أن العامل الأهم لفشل الحملات الصليبية كان وقفة المصريين مسلمين وأقباطا وقفة رجل واحد ضد الغزاة.
* وتتوالي الحقب.. والأطماع لا تنتهي.. والوحدة الوطنية تزادد رسوخا مع الزمن, بل إنها تتجلي في صورها الرائعة عندما يلوح الخطر وتحيط بمصر الأخطار.
لقد حاول الفرنسيون, ومن بعدهم الإنجليز, ممارسة الخطة القديمة للاستعمار -فرق تسد- ولكن الشعب المصري بأصالته الحضارية وتاريخه الطويل كان يدرك ويعي تماما أهداف المستعمر ففشلت محاولات التفرقة وطاش سهم المتآمرين, ووقف البابا كيرلس الرابع من رسول قيصر الروسي وقفة مشرفة ورفض رفضا قاطعا العرض الذي قدموه وهو حماية أقباط مصر.
وحاول الإنجليز أيضا نفس المحاولة ورفض البابا كيرلس الخامس بكل شدة أي حديث في هذا الموضوع, الأمر الذي جعل الزعيم الخالد سعد زغلول يزور الدار البطريركية ويقدم الشكر للبابا علي هذا الموقف الوطني الجليل.
ويطول الحديث لو عددنا المواقف الكثيرة التي تدل علي صلابة الوحدة الوطنية المقدسة ووقوفها قوية صامدة إزاء العواصف والمؤامرات.
* إن مصر بحضارتها وتاريخها وثقلها وموقعها ستظل دائما منطقة جذب للأطماع.. ومن هنا فإن المؤامرات التي تخطط ضدها لا تنتهي.. والوسيلة التي يلجأ إليها الطامعون دائما.. وإن أثبت التاريخ فشلها- هي محاولات تخريب الوحدة الوطنية التي تقف دائما ضد العدوان وتحمي مصر..
فمنذ عام توالت الأخبار بأن إحدي الدول العظمي التي تحقد علي انتصارنا في أكتوبر المجيد, وساءها أن تملك مصر إرادتها, تخطط لعمليات تخريب واسعة في مصرنا الحبيبة, ويعاونها علي تنفيذ هذا المخطط أذناب يدورون في فلكها.
ولكن حكومتنا اليقظة كانت لهم بالمرصاد, فخيبت ظنهم وأوقعت بكل من أرسلوهم لتنفيذ مخططهم الآثم.
وإزاء هذا الفشل عادوا يخططون لعمل أخطر وهو محاولة ضرب الوحدة الوطنية والإيقاع بين عنصري الأمة, وهذا المخطط أفدح ضررا وأكثر إيلاما للوطن من عمليات التخريب الفاشلة, وبدأت تحركات غريبة تدل علي الخبث والمهارة في حبك المؤامرات وتوزيع الأدوار علي المنتفعين بأموالهم الطائلة التي يصرفونها بغير حساب ضمانا للنجاح في مؤامرتهم علي وحدتنا الوطنية الحبيبة.
يحدث هذا بينما يتربص العدو بنا علي حدودنا الشرقية منتهزا هذه الفرصة الذهبية ليتشدد في موقفه وليضرب ضربته المواتية.
إننا علي ثقة أن هذا المخطط, وإن بدا الإحكام في إعداده والذكاء في تنفيذه والأمل في نجاحه.. سيكون مصيره الفشل كما فشلت كل المحاولات الطائشة علي مدي الزمن.
إن صلابة هذا الشعب وإيمانه بترابه ووحدته والوشائج العميقة الجذور علي مدي عشرات القرون لن تهزها مخططات وتدبيرات وأموال وأوهام.
* وواجبنا اليوم أن ندق الناقوس محذرين المخدوعين الواهمين حتي يفيقوا ويراعوا الله في الوطن والوحدة.
وعلي رجال الدين الإسلامي والمسيحي أن يتعاونوا كما تعاونوا دائما بعزيمة صادقة وإيمان عميق لوأد هذه المحاولات الخبيثة ولتثبيت معاني الأخوة والمحبة والتعاون إزاء الخطر المشترك.
وعلي أجهزة الإعلام أن تعمل جاهدة ببرامج مخططة لتوعية الرأي العام جميعه ضد هذه المحاولات الخبيثة وتعبئة المواطنين لصيانة وحدتهم المقدسة.
وعلي رجال الأمن والإدارة واجب مقدس هو الوقوف بكل اليقظة والحزم ضد كل من تسول له نفسه أن يطعن وحدة غرسناها ورعيناها وذدنا عنها عبر القرون, وأن أي إهمال في هذا الواجب المقدس يدخل في عداد الخيانة للوطن ومقدساته وحرماته.
* إن وحدتنا الوطنية التي صمدت عبر الدهور كانت مثلا يحتذي للشعوب في أنحاء العالم, ومثار إعجاب سجله العديد من قادة التحرير والثورات وأقربهم زعيم الهند العظيم غاندي.
* لقد أهدينا للإنسانية حضارة قادتها إلي النور.. وأعطينا البشرية خيرا وجمالا وحقا وقيما علي رأسها وحدتنا الوطنية.. فما أجدرنا اليوم أن نواصل عطاءنا ونحافظ علي وحدتنا, ووأد التيارات الرعناء التي تحاول أن تعصف بالغالي من قيم هذا الشعب, وتقضي علي مفخرة من مفاخره العظيمة وهي وحدته الوطنية رمز نضاله وركيزة مستقبله وطريق عزته ونهضته.