هذه المائدة هي عضد نفوسنا… رباط ذهننا .. أساس رجائنا وخلاصنا ونورنا وحياتنا. عندما تري المائدة معدة قدامك قل لنفسك: من أجل جسده لا أعود أكون ترابا ورمادا, ولا أكون سجينا بل حرا. من أجل هذا الجسد أترجي السماء
(القديس يوحنا الذهبي الفم).
* مزمور لداود:
الرب راعي فلا يعوزني شيء في مراع خضر يربضني إلي. إلي مياه الراحة يوردني. يرد نفسي يهديني إلي سبل البر من أجل اسمه أيضا إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف مضايقي. مسحت بالدهن رأسي. كأسي ربا. إنما خبر ورحمة يتباعنني كل أيام حياتي, وأسكن في بيت الرب إلي مدي الأيام(مز23).
أقرأ المزمور السابق مرة أخري ثمدعنا نتأمل فيه قليلا..
يقدم لنا هذا المزمور صورة عن الحياة المسيحية.. فالمراعي الخضر هي كلمة الله…. وماء الراحة هو المعمودية… بينما يمثل وادي ظل الموت الدفن في المعمودية, والدهن كذلك يمثل الميرون. أما المائدة فهي سر الإفخارستيا, والكأس هو عصير الكرة, وبيت الرب هو الكنيسة.
إنها دبيحة الحب الإلهي والخطوة السادسة التي تضيء طريقنا الروحي…
دعنا في البداية ترسي معا مباديء هامة يتعلق بسر الإفخارستيا, والقداس الإلهي:
* سر التناول أو الإفخارستيا هو نعمة غير منظورة من خلال القداس الإلهي الذي يمثل قمة الصوات المسيحية, فالقداس الإلهي سواء بصلوات الأب الكاهن أو مردات الشعب غني بالطقوس والقرادات الكتابية.
* الله هو صاحب كل النعم في حياتك وليس لك فضل في شيء, وفي سر الإفخارستيا كأنك تأخذ مما أعطاك الله لتشكره به, فتصير دبيحة الخبز والخمر دبيحة شكر, وبعد التقديس تصير الذبيحة جسد ودم المسيح بالحقيقة.
* المسيح هنا هو الكاهن والذبيحة… ففي كل مرج تحضر القداس الإلهي كأنك في وقت الصليب تماما والمسيح المصلوب هو حاضر, فهل كل مرة تتقدم لهذا السر وأنت تشعر بحضور المسيح فيه؟!
* القداس الإلهي خارج حيز الزمن وكأنك المسيح يذكرنا: خذو كلوا هذا و جسدي(مت 26: 26), وهذا ما يكرره الأب الكاهن في القداس عن فم المسيح, وبفاعلية عمل الروح القدس.
ـ يقول الاباء: المسيحيون يقيمون سر الإفخارستيا, وسر الإفخارستيا يقيم المسيحيين.
ـ أتساءل الآن: لماذا لا استفيد من القداس الإلهي؟!
ـ دعنا نناقش سويا ما يمنعك من التمتع بالقداس الإلهي:
* الحضور المتأخر: كل صلوات القداس منذ بدايتها (عشية ـ باكر ـ تقدمة الحمل ـ قداس الموعوظين ـ قداس المؤمنين) إلي نهايتها وحدة واحدة, وعدم حضور أي منهم يفقدك جوهرة ثمينة من جواهر القداس الإلهي فضلا عن غياب التهيئة المناسبة للحضور بالاستعداد الذهني والروحي والجسدي.
* الحضور الروتيني: وفي ذلك عدم الاشتراك في المردات والألحان, فالقداس الإلهي هو سمفونية مقدسة مشتركة بيسن الكاهن والشماس والشعب. فضلا عن عدم التركيز والتأمل والإنشغال بأمور الحياة ويتبقي لنا في هذه النقطة… الانشغال بالإداريات مثل: جمع العطاء, البيع, التنظيم… التي بدورها تعوق الإنسان عن التمتع بالقداس الإلهي.
* الحضور الشكلي: ولهذه النقطة محاور عدة مثل: عدم التناول, عدم الاعتراف, وكذلك الجلوس في المؤخرة ومحادثة الآخرين.
كل ما سبق يمثل أساليب عدة يحاول بها عو الخير أن يمنعك عن التمتع بالقداس الإلهي, وبالتالي عن الشيع بالمسيح.
أتود أن تسألني الآن: كيف أستفيد من القداس الإلهي؟
في خطوات عملية سأوضح لك كيف يمكنك التمتع بالقداس الإلهي… ولكن في البداية ضع في قلبك أن القداس الإلهي هو رحلة شيقة للتمتع بالمعية الإلهية.
1 ـ أفم سر الإفخارستيا… كن واعيا لعظة السر وعمل المسيح فيه, وكأنك تستحضر بداخلك ما صنعه الفادي المحب لأجلك.
في طريقك إلي الكنيسة ردد: فرحت بالقائلين لي: إلي بيت الرب تذهب (مز 122: 1)… أملأ قلبك وذهنك بالاستعداد لمقابلة ملك الملوك ورب الأرباب.
2 ـ استعد بنفسك لكي ما تشعر بعمق هذا السر في حياتك, فالاستعداد النفسي سيهيء قلبك ليحل المسيح فيه… اقرأ قراءات القداس الإلهي في الليلة السابقة, وخذ قسطا كافيا من النوم, كي تتجنب الإرهاق الجسدي زثناء القداس الإلهي.
3 ـ شارك في القداس الإلهي بكل كيانك… اجلس في الصفوف الأمامية… احضر مبكرا… وقوفك في القداس الإلهي سيملأ قلبك بالخشوع وكأنك تمجد الله بتلك الصحة التي منحك إياها.
4 ـ اشترك في صلوات القداس الإلهي… سبح الله بالمردات والألحان…
5 ـ عش صلوات القداس الإلهي بفاعلية…. عش مع المسيح صلبه وقيامته في القداس الإلهي وانتظار الكنيسة لمجيئه الثاني.
6 ـ ارفع قلبك بالصلوات سوء التي تمجد فيها الله علي عظم صنيعه معنا, أو التي تطلب فيها غفران خطاياك, أو تصلي لأجل المتألمين والمرضي والذين رقدوا.
7 ـ استمتع بعضرة القديسين في المجمع المقدس, ومن خلال الأيقونات… أنظر إلي نهاية سيرتهم وتمثل بإيمانهم.