في تلك الفترة التي تشهد منطقة الشرق الأوسط صراعات متباينة مابين حروب الغاز المتوقعة وتوتر تشهده منطقة الخليج العربي, فضلا عن تنامي دور تركيا وقطر وإيران في التدخل بشئون بعض الدول وفي القلب بالطبع من هذه الصراعات تجد مصر إن لم تكن في المقدمة للدفاع عن أمنها القومي والأمن القومي العربي. وتتعرض مصر بسبب دورها ومسئوليتها إلي ضغوط نعلم أن مؤسسات الدولة قادرة علي إدارتها بالحرفية المطلوبة, أما الحروب والضغوط التي تمارسها الميليشيات الحقوقية لتلك الدول. تتطلب حركة حقوقية مصرية تتمتع بالكفاءة والمهنية ليس للدفاع عن الدولة فقط ولكن للدفاع عن شرف العمل الحقوقي الذي ننتمي إليه والذي يجب أن يظل دائما مجردا من أي هوي سياسي وألا تتحول بعض المنظمات المناصرة لمصالح تركيا وقطر وإيران إلي مرتزقة باسم حقوق الإنسان, لاسيما وأن الرهان علي المؤسسة الأممية بات رهانا خاسرا.
أثبتت التجارب أن مبادئ السيادة, وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدولة, ومبادئ حقوق الإنسان ودور المؤسسة الأممية في حفظ السلم والأمن الدوليين فضلا عن جرائم الحرب, والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب في سوريا, وليبيا واليمن علي يد الميليشيات المسلحة لازالت تقف الأمم المتحدة أمامها موقف المتفرج العاجز حتي إدانتها, كل هذا يتطلب أن تكون الحركة الحقوقية مستعدة تماما لمواجهة مهنية لا سيما وأن مصر ستمثل لآلية الاستعراض الدوري الشامل أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان في نوفمبر القادم.
وقد بدأت بعض المنظمات المسيسة التي تعبر عن مصالح دول بعينها في ممارسة ضغوطها عبر إصدار تقارير متنوعة للتدليس علي حقيقة أوضاع حقوق الإنسان في مصر, وفي ظني أن الحركة الحقوقية المصرية لازالت تفتقد إلي المنهجية والاحتراف الواجب لتقديم صورة حقيقية وموضوعية عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر بإيجابياتها وسلبياتها لتفويت الفرصة علي المنظمات الأخري التي تصدر تقارير في أغلبها غير موضوعية وتفتقد للبحث المنهجي.
فعشرات الحملات ومئات البيانات التي تصدر عن الحركة الحقوقية أغلبها إعلامية وفيسبوكية وذات طابع افتراضي ويظل تأثيرها محدودا ولا تحظي سوي باهتمام الداخل.
أعلم أن هناك صعوبات في العمل الميداني والإمكانيات الفقيرة لا تسمح بممارسة آليات الرصد والتوثيق والبحث الميداني لكن لا يجب أن يكون البديل حملات وهمية وبيانات خشبية يطير تأثيرها في الهواء بعد لحظات من إطلاقها.
علي أية حال لا أعفي نفسي من الخطأ ولا أمارس دورا مقدسا في إسداء النصح, بل يمكن اعتبار ما سردته اعترافا أسعي من خلاله للتحرر وعدم الرجوع للخطأ مرة أخري.
[email protected]