العلاقات بين الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والروسية الأرثوذكسية تمتد لأكثر من قرنين من الزمان، فالمطران الروسي بورفيري أوسبنسكي (1804 – 1885 م ) كانت له زيارات متعددة لمصر وسيناء وبلاد الشرق وله كتابات كثيرة عن الأقباط والكنيسة القبطية وكان يهتم بالجذور التاريخية للمسيحية واهتم بإعادة وحدة الكنائس وكان له مشروع للوحدة المسيحية.
وخلال القرن التاسع عشر ظهرت في روسيا كتابات لآباء نساك كان لها تأثير روحي ونسكي كبير في الكنيسة القبطية والرهبنة القبطية، وترجمت للغة العربية فيما بعد وانتشرت بين الأقباط. وفي عام 1894م في عهد البابا كيرلس الخامس أقيمت صلاة جنائزية بمقر البطريركية بالكاتدرائية المرقسية بالأزبكية على روح القيصر الروسي الكسندر الثالث.
وخلال فترة الشيوعية 1917م – 1991م اجتازت الكنيسة الروسية فترة اضطهاد وآلام شديدة كان لها تأثير على التواصل مع الكنائس الأخرى.. وعلى الرغم من هذا إلا أن امتدت العلاقات في القرن العشرين وتمثلت في زيارات متبادلة ومشاركات في المناسبات الكنسية المختلفة بين الكنيستين، منها زيارة البطريرك الروسي أليكس الأول للبابا مكاريوس الثالث في يونيه عام 1945م، وزيارة المطران غريغوري تشيكوف مطران ليننجراد ونوفجورود للبابا يوساب الثاني في نوفمبر عام 1946م، وزيارة البطريرك أليكس الأول للبابا كيرلس السادس 25 نوفمبر عام 1960م. وكان لهم مشاركات بوفود كنسية روسية في احتفالات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمرور 19 قرن على استشهاد القديس مارمرقس وافتتاح الكاتدرائية المرقسية عام 1968م وشارك وفد روسي رفيع المستوى من الكنيسة الروسية في تنصيب البابا شنودة الثالث عام 1971م
في فترة المتنيح البابا شنودة الثالث شملت العلاقات زيارات متبادلة لبطاركة الكنيستين، وكانت لقداسة البابا شنودة الثالث زيارة للكنيسة الروسية في أكتوبر 1972م وألتقى فيها بالبطريرك بيمين بطريرك موسكو وسائر روسيا وكانت تلك الزيارة تعد أول زيارة يقوم بها بطريرك قبطي للكنيسة الروسية. وكانت للبابا المتنيح زيارة ثانية للكنيسة الروسية عام 1988م للمشاركة في احتفالات الكنيسة الروسية بمرور ألف سنة على اعتماد المسيحية ديانة رسمية في روسيا.
وفي عام 1991م زار البطريرك اليكسي الثاني الكنيسة القبطية واستقبله البابا شنودة الثالث بدير القديس الأنبا بيشوي.
وفي أول القرن ال21 جاءت زيارة البطريرك كيريل للكنيسة القبطية بمصر عام 2010م واستقبله البابا شنودة الثالث بالمقر البابوي بالاسكندرية .
واستمرت العلاقات في عهد المتنيح البابا شنودة الثالث في إطار تبادل الزيارات في المناسبات وكذلك من خلال حوارات لاهوتية بين العائلتين – بين الكنائس الأرثوذكسية القبطية والسريانية والأرمنية من جهة والكنيسة الروسية الأرثوذكسية من جهة أخرى.
وفي عهد قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، جاءت الزيارتان التاريخيتان لقداسته للكنيسة الروسية الأرثوذكسية (28 أكتوبر – 4 نوفمبر 2014م) و(23 – 25 مايو 2017م)، وحدث نمو كبير في العلاقات بين الكنيستين.
تشهد العلاقات بين الكنيستين القبطية والروسية حالياً تعاوناً وتقارباً بصورة غير مسبوقة، ومن المتوقع زيادة هذا التعاون في المرحلة القادمة، ويشمل التعاون مجالات متعددة منها تبادل الوفود والزيارات، وأيضاً في مجال الزيارات واللقاءات الرهبانية والتعاون الأكاديمي والإعلامي والخدمة الإجتماعية والتنمية إلى جانب الحوارات اللاهوتية ومجالات أخرى.
رصدت وطني بعض الزيارات التي تمت في شهر مايو الماضي والتي كانت لها تأثير إيجابي في علاقة الكنيستين وزيادة المشاركة الفعالة بينهما.. أخرهم زيارة الأكاديمية اللاهوتية الروسية (6 – 13 مايو 2019م) واجتماع لجنة الحوار الثنائي بين الكنيسة الأرثوذكسية الروسية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية (القاهرة 28 – 29 مايو 2019)
البابا تواضروس الثاني في لقاء مع البطريرك كيريل في روسيا
كتاب الدكتور اسحق عجبان من أهم المراجع التي رصدت العلاقة بين الكنيستين عبر قرنين من الزمان
وتم ترجمته إلى اللغة الروسية وكان أحد الهدايا التي قدمها الباباتواضروس الثاني للبطريرك كيريل وقت زيارته لروسيا
زيارة الأكاديمية اللاهوتية الروسية
في مجال تبادل الزيارات والتعاون الأكاديمي قامت الأكاديمية اللاهوتية بموسكو بزيارة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية خلال الفترة من (6 – 13 مايو 2019م) . وتعتبر الأكاديمية اللاهوتية بموسكو هي أقدم وأكبر الأكاديميات اللاهوتية في الكنيسة الروسية الأرثوذكسية، وتقوم بالإشراف على بقية الأكاديميات والكليات اللاهوتية في الكنيسة الروسية، والتي يبلغ عددها أربع أكاديميات (موسكو – سان بطرسبرج – كييف – منسك) و33 كلية لاهوتية في سائر الأنحاء التابعة للكنيسة الروسية. والأكاديمية اللاهوتية بموسكو تأسست سنة 1687م على يد الراهبان صفرونيوس ويوانيكي، ومقرها دير “الفرا” والتي تعني (الثالوث القدوس للقديس سرجيوس)، ، ويبلغ عدد الأساتذة بها 130 استاذاً وعدد الدارسين بها 800 طالب بالقسم النهاري و1200 طالب بالقسم المسائي، ويرأسها حالياً رئيس الأساقفة.
وضم وفد الأكاديمية الروسية: رئيس الأساقفة أمفروسي مدير الأكاديمية ورئيس الوفد، واستاذ علم اللاهوت الروحي والنسكي، والأب الراهب ستيفان من قسم العلاقات الكنسية الخارجية ببطريركية موسكو، وستة من الآباء الرهبان المدرسين بالأكاديمية وهم: الأب الراهب الإيغومانوس جراسيم (استاذ في علم الكتابات القديمة والتاريخ القديم)، الأب الراهب ثيؤدور (أستاذ في علم اليونانية القديمة)، والأب الراهب دومتيان (استاذ في علم اليونانية القديمة)، والأب الراهب فيتشسالف (أستاذ الليتورجيات)، والأب الراهب أبوليناري (أستاذ في تاريخ الكنيسة)، وضم الوفد ايضاً مجموعة من الدارسين شملت 11 طالباً من تخصصات متعددة، وقد رافقهم أيضاً الراهب القس داود الأنطوني الذي يقوم بالخدمة في موسكو والدراسة بالأكاديمية.
وصل الوفد لمطار القاهرة في الساعة الثامنة والنصف صباحاً من يوم الإثنين 6 مايو وعقب وصولهم إلى مركز مارمرقس بمدينة نصر، توجهوا لزيارة منطقة الأهرامات وأبو الهول وكان اعجابهم شديداً بالحضارة المصرية العريقة، وقاموا بجولات في المنطقة الأثرية .. وبعد ذلك توجهوا لمركز لوجوس بالمقر البابوي بدير القديس الأنبا بيشوي.
وفي اليوم التالي الثلاثاء 7 مايو، كانت زيارتهم لدير القديس الأنبا بيشوي، حيث قاموا بزيارة كنائس الدير ومعالمه الأثرية، واستمعوا إلى شرح الأباء الرهبان، وتباركوا بأجساد ورفات قديسي الدير، وفي مساء نفس اليوم كانت لهم جلسة روحية عميقة مع مجموعة من رهبان الدير ومن آباء الدير الذين عاشوا لفترات طويلة في حياة الوحدة، ودارت حوارات روحية عن حياة الوحدة وحياة الرهبنة وحياة الصلاة عـند آباء الرهبنة القبطية وآباء الرهبنة الروسية.. وخلال زيارتهم لدير الأنبا بيشوي استمعوا لبعض الألحان القبطية وتعلموا كيف يستخدم الدف في الألحان القبطية وسجلوا اعجابهم وساهموا في تلاوة الألحان باستخدام الدف.
أب روسي يتدرب على استخدام الدف مع اللحن القبطي
وفي نفس اليوم كانت زيارة دير السريان العامر وقاموا بزيارة كنائس الدير ومزارات القديسين وشجرة مار آفرام السرياني ومعالم الدير الأثرية، وبعدما استمعوا لشرح آباء الدير جمعهم لقاء روحي مع نيافة الأنبا متاؤس أسقف ورئيس الدير، تناول فيه موضوع “أسس ونظم الرهبنة القبطية” ، ودار حوار مفتوح مع نيافته أجاب فيه عن تساؤلاتهم عن الرهبنة القبطية.. وفي أخر الجلسة قدم الأنبا متاؤس عصا الرعاية كهدية لرئيس الأساقفة أمفروسي مدير الأكاديمية اللاهوتية بموسكو.
الوفد الروسي بدير السريان
رئيس الأساقفة أمفروسي الروسي في دير السريان وفي يده عصا الرعاية التي أهداها إليه الأنبا متاؤس
في يوم الأربعاء 8 مايو، قاموا بزيارة لدير البراموس العامر، شملت كنائس الدير ومعالمه الأثرية ومزارات القديسين، ثم التقوا بمجموعة من الآباء الرهبان وتسلموا أيقونات قبطية كهدية تذكارية من الدير. وبعـد ذلك جاءت زيارتهم لدير القديس أبو مقار، وكنائس الدير، ومزارات الثلاث مقارات القديسين والتسعة والأربعين شهيداً شيوخ شيهيت والقديس يحنس القصير وزيارة المعالم الأثرية للدير، وزاروا أيضا مكتبة الدير، وطافوس الدير.. وقدم دير أبو مقار لرئيس الأساقفة أمفروسي هدية “الحية النحاسية” التي أبهرت الحضور.
دير البراموس
دير أبو مقار يهدي رئيس الأساقفة “الحية النحاسية”
وعقب العودة للقاهرة في مساء نفس اليوم، في مركز مارمرقس بمدينة نصر، شاهدوا عرض باللغة الروسية عن ارتباط الشعب الروسي بزيارة أهم معالم السياحة الدينية والأثرية بمصر وخاصة مواقع رحلة العائلة المقدسة بمصر.
يوم الخميس 9 مايو، توجهوا إلى منطقة مصر القديمة وقاموا بزيارة المتحف القبطي وكانت في استقبالهم الأستاذة جيهان عطا مدير عام المتحف القبطي، وكانت لهم جولة تفصيلية بالمتحف، كما قاموا بزيارة الكنيسة المعلقة وكنيسة أبو سرجة حيث المغارة الأثرية التي مكثت بها العائلة المقدسة، ثم زاروا كنيسة القديسة بربارة، وكان في استقبالهم بكل كنيسة الآباء كهنة الكنيسة الذين قدموا لهم شرحاً وافياً عن المكان وقيمته الأثرية والتراثية، وقاموا بزيارة كنيسة مارجرجس للروم الأرثوذكس في نفس المنطقة.
المتحف القبطي
وبعدها توجهوا إلى دير مارجرجس للراهبات وكانت في استقبالهم تماف تكال رئيسة الدير وراهبات الدير، وشرحت لهم تماف تكلا أنواع أدوات التعذيب التي كانت في عصر القديس مارجرجس ثم نالوا بركة القديس مارجرجس والسلسلة الحديدية التي تم تعذيبه بها.
ثم زاروا دير القديس أبو سيفين للراهبات، وكانت في استقبالهم تماف كيرية رئيسة الدير وراهبات الدير، وتكلمت معهم تماف كيرية عن سيرة القديس أبو سيفين ومعجزاته وعن تماف ايريني وحياتها معهن، ثم زاروا مزار القديس أبو سيفين ومزار تماف ايريني، فوقفوا مصليين حول قبر تماف إيريني وقاموا بتلاوة تمجيد كنسي باللغة الروسية لروحها الطاهرة.
الوفد الروسي بدير مارجرجس للراهبات
في مزار تماف ايريني بدير القديس أبو سيفين للراهبات
وبعد ذلك قاموا بزيارة دير الأمير تادرس للراهبات، وكان في استقبالهم تماف أدروسيس رئيسة الدير، وخرجت كل راهبات الدير لاستقبالهم بموكب كبير بالشموع والورود ودخل وفد الأكاديمية وسط هذا الموكب وهم متأثرين بتلاوة الراهبات للألحان الكنسية القبطية فبدأوا يرددون الألحان الكنسية الروسية رداً عليهن، وكانوا في تناغم مؤثر جداً.. ثم تفقدوا معالم الدير ومزارات القديسين .
زفة بالألحان القبطية والألحان الروسية في دير الأمير تادرس للراهبات
الوفد الروسي يتبارك برفات قديسي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
أما يوم الجمعة 10 مايو قاموا بزيارة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ومزار كاروز الديار المصرية مارمرقس الرسول، ومزار القديس أثناسيوس الرسولي. ثم توجهوا إلى الكنيسة البطرسية وألتقوا مع أسرة من أسر شهداء الحادث الإرهابي بها، وهي أسرة الشهيد نبيل فراش الكنيسة، وتأثروا جداً من كلامهم ومشاعرهم التي اتسمت بروحانية عميقة حيث أعلنوا لهم عن سلامهم الداخلي قائلين “إننا نعلم أنه في السماء مع المسيح وهذا هو مبتغانا كمؤمنين.. وهذا يجعلنا مطمئنين عليه وفرحين واثقين أنه يصلي من أجلنا هناك”، وعندما تجولوا بالكنيسة البطرسية تأثروا بعلامات دماء الشهداء الموجودة على أحد أعمدة الكنيسة وعلى الحائط الخارجي وشعروا بهيبة عجيبة لوجودهم في مكان سجل شهداء معاصرين للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
الكاتدرائية المرقسية بالعباسية
وبعدها قاموا بزيارة الكلية الإكليريكية وكان في استقبالهم نيافة الأنبا مقار وكيل الكلية ومجموعة من الأساتذة والدارسين، واستقبلهم خورس الكلية بالألحان القبطية، وكان لقاء للتعارف بين الأكاديمية الروسية والكلية الإكليريكية وقاموا بزيارة كنيسة الكلية ومعـمل اللغات ومركز الكمبيوتر وقاعات المحاضرات..
ثم زاروا معهد الدراسات القبطية وكان في استقبالهم الأستاذ الدكتور سامي صبري عميد المعهد والأستاذ الدكتور عادل فخري وكيل المعهد والأستاذ الدكتور اسحاق ابراهيم عجبان الأمين العام للمعهد ونيافة الأنبا مكاري رئيس قسم الألحان بالمعهد، ورؤساء الأقسام أيضا، وقدم لهم عميد المعهد شرحاً لأقسام المعهد وبعدها تفقدوا المكتبة ومعرض الفن القبطي الذي أعده قسم الفن حيث يشمل أيقونات وأعمال موزاييك ونسجيات وأعمال الزجاج الملون والأعمال الفخارية وغيرها، ثم أقيمت مائدة للحوار جمعت ممثلي الإكليريكية ومعهد الدراسات القبطية مع وفد الأكاديمية الروسية وبحضور بعض أعضاء لجنة العلاقات بين الكنيستين، لتحديد أوجه التعاون بين المؤسسات التعليمية في الكنيستين، ومنها: تبادل زيارات الأساتذة والطلاب، وترجمة المطبوعات، وتبادل المطبوعات، وتعليم اللغات، والبعثات التعليمية، وتنظيم المؤتمرات، كذلك في مجالات الفنون ومنها فن الأيقونات، وتمت صياغة ذلك في هيئة توصيات لرفعها للجنة العالقات بين الكنيستين.
زيارة الكلية الإكليريكية بالعباسية
زيارة معهد الدراسات القبطية
رئيس الأساقفة بمعرض منتجات معهد الدراسات القبطية
وجاء وقت اللقاء مع قداسة البابا تواضروس الثاني بالمقر البابوي، وفي كلمة قداسته عبر عن سعادته باللقاء معهم وقدم لهم التهنئة بعيد القيامة المجيد، وأن هذه الزيارة تساعد على جمع خبرات عميقة عن مصر وعن كنيستها، حيث أن التاريخ المصري والمسيحي تاريخ رائع. وأشار قداسته إلى مقابلته مع غبطة البطريرك كيريل أثناء زيارته مرتين للكنيسة الروسية، ووجه قداسته الدعوة للبطريرك كيريل لزيارة الكنيسة القبطية. وأشار قداسته إلى زيارة المطران هيالريون منذ عدة أشهر وبزيارة الوفود الرهبانية الروسية للكنيسة القبطية، وزيارة وفد من رؤساء الأديرة القبطية إلى الكنيسة الروسية. وأشاد قداسته بتأثره بالروحانية الروسية إلي جانب تاريخ الكنيسة الروسية العريق. أما من ناحية مجالات التعاون بين الكنيستين، عبر قداسته عن سعادته بصفة خاصة لوجود شباب من الدارسين ضمن الوفد لكي يتعرفوا على الكنيسة القبطية عن قرب وأيضاً لكي تتعرف عليهم الكنيسة القبطية “فهؤلاء يكونون كنيسة المستقبل التي نشتاق أن تكون واحدة في المسيح”
وتحدث قداسته عن ثلاثة أهرامات رمزية في التاريخ المسيحية: الهرم الأول هرم التعليم اللاهوتي الذي تأسس في مدرسة الإسكندرية اللاهوتية على يد القديس مارمرقس الرسول وأمتد التعليم اللاهوتي في الكنيسة القبطية إلى الزمن الحاضر من خلال المعاهد اللاهوتية ولذلك من الرائع أن يأتي دارسين لللاهوت من كليات روسيا إلى الكنيسة القبطية ليتعاونوا مع الكليات والمعاهد القبطية.. أما الهرم الثاني هو هرم الإستشهاد فتاريخ الكنيسة القبطية مملوء بالشهداء وليس في الزمن القديم فقط بل في وقتنا الحالي أيضا، وأن دماء الشهداء هي بذور الإيمان. والهرم الثالث هو هرم النسك والحياة الديرية فأول راهب في العالم هو القديس أنطونيوس وهو مصري من صعيد مصر ومن بعده نشأت الأديرة الكثيرة. وأكد أن هذه الأهرامات الثلاثة تميز تاريخ الكنيسة القبطية. وأضاف أن شباب كثير يتجه إلى الحياة الديرية وأيضا إلى الدراسات اللاهوتية وكثيرون يكرسون حياتهم للخدمة الكهنوتية والشموسية والدياكونية وايضا هناك خدام متطوعين لخدمة مدارس الأحد . وطلب منهم أن ينقلوا هذه الخبرة لكنيستهم لأن هذا يساعد على بناء جسور قوية للعلاقة بين الكنيستين. ووجه قداسته الشكر لهم على هذه الزيارة وطلب أن تتكرر وأن قداسته سوف يبعث بوفد مماثل لزيارة روسيا وذلك من خلال لجنة الحوار بين الكنيستين. واختتم قداسته كلمته بأن مصر لها مكانة فريدة من حيث موقعها الجغرافي وطبيعتها وأيضا لوجودها في أيات كثرة بالكتاب المقدس.
ثم جاءت كلمة رئيس الأساقفة أمفروسي حيث عبر عن سعادته بهذه الزيارة وقدم الشكر لقداسة البابا على الاستقبال الحافل وكرم الضيافة ، وتحدث عن أن هذه الزيارة تعد الأولي في التاريخ، وتحدث عن أهمية الزيارات المتبادلة، وأهمية تعريف الدارسين بالأكاديمية عن الكنيسة القبطية بزيارتها ميدانياً ، وأن كل من زاروا الكنيسة القبطية عادوا بانطباعات طيبة جداً، ولذلك هم جاءوا لزيارة الكنيسة القبطية بعدما استمعوا إلى انطباعات من سبقوهم بالزيارة إلى الكنيسة القبطية .. كما عبر عن تأثره بمشاهدة دماء الشهداء في بعض الكنائس، وأن الكنيسة القبطية كنيسة ما زالت تقدم شهداء . وهذا يعطي قوة للكنيسة.. وأوضح أنهم اكتشفوا مفاهيم جديدة وخبرات جديدة عن الكنيسة القبطية وعن الرهبنة القبطية وعن مفهوم الاستشهاد ..
وفد الأكاديمية اللاهوتية الروسية مع البابا تواضروس الثاني
هدايا تذكارية في لقاء الوفد مع قداسة البابا تواضروس الثاني
وبعد انتهاء اللقاء مع قداسة البابا قام الوفد بزيارة كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، وابدوا إعجابهم الشديد بهذه الكاتدرائية المتسعة جداً..
يوم السبت 11 مايو، كان الصعـود لمغارة القديس الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر سيراً على الأقدام، وبعدها قاموا بزيارة دير القديس الأنبا أنطونيوس وتقابلوا مع آباء الدير وزاروا كنائس الدير ومعالمه الأثرية ومزارات القديسين. وبعدها قاموا بزيارة دير القديس الأنبا بولا بالبحر الأحمر وكنائسه ومعالمه الأثرية وتقابلوا مع نيافة الأنبا دانيال أسقف ورئيس الدير، وتحدثوا معه عن مجالات التعاون بين الكنيستين ..
الوفد الروسي أمام مغارة القديس الأنبا أنطونيوس
يوم الأحد 12 مايو، سافر رئيس الأساقفة امفروسي ومعه عضوين من الوفد إلى الإسكندرية للقاء مع غبطة البطريرك ثيئودورس بطريرك الاسكندرية للروم الأرثوذكس، وقدم غبطة البطريرك الشكر للكنيسة القبطية وعلى رأسها قداسة البابا تواضروس الثاني على استضافته لوفد الأكاديمية اللاهوتية الروسية متمنياً نمو علاقات التعاون بين الكنيستين .. ومساء يوم الإثنين 13 مايو غادر الوفد مطار القاهرة بسلامة للعودة إلى موسكو .
اللقاء مع غبطة البطريرك ثيئودورس بطريرك الإسكندرية للروم الأرثوذكس
اجتماع لجنة الحوار الثنائي بين الكنيسة الأرثوذكسية الروسية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية
سبق للجنة الحوار الثنائي بين الكنيسة الأرثوذكسية الروسية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن عقدت اجتماعاً بالقاهرة في (فبراير 2015م) يضم أربعة أعضاء من كل كنيسة لوضع أسس وأوجه التعاون وتشكيل اللجنة، وتم الإتفاق في هذا الإجتماع أن يتم تمثيل كل كنيسة بستة أعضاء، وعقدت بعدها ثلاث اجتماعات دورية للجنة : بالقاهرة (فبراير 2016م)، وأستانا – بكازاخستان (يونيو 2017م) . وكان اجتماعها الثالث في القاهرة خلال الفترة من 28-29 مايو 2019 في ضيافة صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني، وحضر الإجتماع من جانب الكنيسة القبطية: صاحب النيافة المطران الأنبا سيرابيون مطران لوس أنجلوس الرئيس المشارك للجنة، ونيافة الأنبا كيرلس أسقف عام للتعليم المسيحي في إيبارشية لوس أنجلوس وعميد كلية القديس أثناسيوس والقديس كيرلس القبطية الأرثوذكسية اللاهوتية بلوس انجلوس، والقمص بولس حليم المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والراهب القس داود الأنطوني طالب بأكاديمية موسكو اللاهوتية، والدكتور إسحاق إبراهيم عجبان الأمين العام لمعهد الدراسات القبطية، والسيدة بربارة سليمان مديرة المكتب البابوي للمشروعات والعلاقات والأمين المشارك للجنة.
أما ممثلي الكنيسة الأرثوذكسية الروسية: نيافة الأسقف جينادي أسقف كاسكلين بكازاخستان، والأب الراهب ستيفان إيغومانوف مسئول شئون المسيحيين في إدارة العلاقات الخارجية للكنيسة الروسية ، والقس فيكتور كوالجا ممثل بطريرك موسكو وسائر روسيا لدى بطريركية الإسكندرية للروم الأرثوذكس، والدياكون إيليا كاتشيزين من مكتب ادارة العلاقات الخارجية بالكنيسة الروسية، والسيد سيرجي ألفيروف، من مكتب إدارة العلاقات الخارجية بالكنيسة الروسية والأمين المشارك للجنة.
واستعرضت اللجنة الأعمال التي سبق الاتفاق عليها، وما تم تنفيذها منها على أرض الواقع خلال العامين الأخيرين منذ اجتماعها السابق في أستانا – كازاخستان عام 2017. كما ناقشت اللجنة أيضا مجالات التعاون الجديدة ذات الإهتمام المشترك للدفع نحو الأمام لنمو وتقوية العلاقات بين الكنيستين . كما تابعت اللجنة أيضاً الزيارات المتبادلة المثمرة للوفود الرهبانية التي قامت بزيارة الأماكن المقدسة في مصر وروسيا. والإعداد لإجراء مشاورات حول الرهبنة خلال المؤتمرات التي ستقام حول الرهبنة والتي ينظمها قسم الأديرة والرهبنة بالكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وكذلك أثناء الزيارات المتبادلة التي يقوم بها رؤساء الأديرة لكل من مصر وروسيا. ومن بين الموضوعات التي سيتم مناقشتها التحديات التي تواجه الرهبنة في القرن الحادي والعشرين
وتسعى اللجنة أيضا إلى تسهيل التعاون في مجال الدراسات الأكاديمية ، ومنها تبادل الأساتذة والطلاب، وتبادل الكتب للمكتبات، وفي مجال دراسة اللغات والترجمة. كما تسعى اللجنة إلى ترتيب برامج صيفية للشباب لزيارة روسيا ومصر. ومن المقرر أن تبدأ اللجنة مشاوراتها اللاهوتية في يناير 2020م لمناقشة مختلف الموضوعات اللاهوتية. كما تابعت اللجنة تبادل الزيارات المثمرة والتي قامت بها الوفود خلال عامي 2017 و 2018 من أجل تعزيز علاقات الكنيستين في مجال الخدمة الإجتماعية والتنمية، ويجرى التنسيق في مجالات تعاون أخرى مشتركة في المستقبل.
وفي مجال الإعلام تابعت اللجنة زيارات القنوات الروسية التي ستنتج أفلامًا وثائقية وحلقات تلفزيونية عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. كما وجهت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية الدعوة إلى المركز الإعلامي القبطي الأرثوذكسي والقنوات الفضائية القبطية للسفر إلى روسيا لإنتاج أفلام وثائقية مماثلة لتعريف المؤمنين الأقباط الأرثوذكس بالكنيسة الروسية.
وأوصت اللجنة أيضاً بضرورة التواصل بين الكنائس الروسية والقبطية في بلاد المهجر، وكذلك التعاون في التسهيل لكل كنيسة للعمل الرعوي لرعيتها في روسيا ومصر. وأعربت اللجنة عن امتنانها لقداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية على حسن الضيافة. ولقد نال أعضاء اللجنة بركة اللقاء مع قداسة البابا تواضروس الثاني مساء يوم الأربعاء 29 مايو 2019م.
وستقدم نتائج أعمال اللجنة إلى المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية الروسية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية للموافقة النهائية عليه. وسيعقد الإجتماع القادم للجنة العلاقات في مايو من عام 2021 في ألماطية ، بكازاخستان.
اجتماع لجنة الحوار الثنائي بين الكنيسة الأرثوذكسية الروسية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية