أصدرت منظمة الصحة العالمية إرشادات جديدة صارمة حول أحد القضايا التي تثير القلق في الحياة الأسرية في القرن 21 وهي تتعلق إلى أي حد يجب على الآباء اللجوء إلى مقاطع الفيديو والألعاب الفيديو عبر الانترنت للترفيه عن أبناءهم أو تعليمهم. وشددت المنظمة –بحسب موقع واشنطون بوست- على منع الأطفال نهائيًا في عامهم الأول، مع التعرض لتلك المواد بشكل نادر في العام الثاني. وحتى العام الرابع يجب ألا يقضوا أكثر من ساعة في اليوم أمام الشاشة.
استندت منظمة منظمة الصحة العالمية إلى العلوم الناشئة حول المخاطر التي تشكلها الشاشات على تطور العقول الصغيرة في الوقت التي تظهر فيه الدراسات الاستقصائية أن الأطفال يقضون أوقات متزايدة في مشاهدة الهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة المحمولة. هذا وتصل نسبة الأسر التي لديها أطفال تحت سن الثامنة ويتملكون هواتف محمولة إلى 95% -بحسب منظمة كومون سينس ميديا Common Sense Media (منظمة إعلام الفطرة السليمة) الغير ربحية- ويصل 42% من الأطفال تحت سن الثامنة إلى أجهزتهم اللوحية الخاصة بهم.
ويقول خبراء في تنمية الطفل– بحسب موقع واشنطون بوست- إن اكتساب اللغة والمهارات الاجتماعية والذي يتم عادة من خلال التفاعل مع الآباء والآخرين من أهم المعارف التي يجب أن يكتسبها الطفل. قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جبريسوس في بيان: “تحقيق الصحة للجميع يعني القيام بما هو أفضل للصحة منذ بداية حياة الناس. والطفولة المبكرة هي فترة من التطور السريع ووقت يمكن فيه تكييف أنماط الحياة الأسرية لتعزيز المكاسب الصحية.”
تسعى المبادئ، مثل مبادئ الصحة العامة الأخرى التي نظرت مثل هذه القواعد منذ سنوات عدة، إلى توفير قواعد واضحة للحالات الحقيقية الفوضوية المتعلقة بالأبوة والأمومة، فعندما يتم تهدئة طفل رضيع فأصبح يستخدم في ذلك فيديو أغنية حضانة، أو تشارك في ذلك الجدة الي تسكن على بعد ثلاث ولايات في تواصل عبر سكايب.
وقال جوش جولين من حملة من أجل الطفولة: “من الأمور الغاية في الأهمية أن يقول شخص لديه سلطة منظمة الصحة العالمية ونطاقها”. وأشار إلى الشاشة موضحًا إنها ليست ضرورية للتعلم وليست فعالة في التدريس.
قواعد منظمة الصحة العالمية تسلك مسار قواعد مجموعات الصحة العامة الأخرى في الولايات المتحدة وفي أماكن أخرى بشكل حر، والتي حثت على أن يكون وقت تعرض الأفطال للشاشة محدودًا وزيادة التفاعل الشخصي والنوم لمرحلة ماقبل المدرسة. وتعد إرشادات الأكاديمية للأطفال استثناء للسماح بدردشة الفيديو للأطفال دون سن 18 شهر وتشير إلى أن الأشخاص الأقرب إلى سن عامين قد يستفيدون من مشاهدة مقاطع الفديو التعليمية من حين لآخر. عموما قال المجموعة إنه يجب تحديد وقت اللعب الإبداعي وغير للرضع والأطفال الصغر.
على الرغم من وجود اتفاق واسع النطاق بين العملاء والأطباء حول مخاطر الإفراط في وقت الشاشة للأطفال– والحديث مازال لواشنطون بوست- إلا أن العديد منهم يعترضون على القيود المفروضة على الدراسة، حيث يصعب قياس النتائج طويلة الأجل، وتمنع الشواغل الاخلاقية التجارب التي تتضمن مشاهدة مجموعة من الأطفال ساعتين من مقاطع الفيديو يوميا بينما تقوم مجموعة ثانية باللعب خارج المنزل أو الدردشة مع الآباء.
هناك أيضًا نقاش حول نوعية وقت الشاشة، طارحين سؤال هل مشاهدة مقطع فيديو لأطفال آخرين يقومون بإخراج ألعب من صندوق أفضل أو أسوأ من دردشة وجها لوجه مع أحد الآباء المسافرين؟ هل الألعاب التفاعلية أفضل من المشاهدة دون فعل (مشاهدة سلبية).
وقد ارتبطت الأبحاث المتعلقة بالأطفال الأكبر سنًا بوقت الشاشة مع القضايا السلوكية والإنمائية. ولكن الأبحاث حول الأطفال الصغار والرضع لم تحسم بعد. وفي دراسة نشرت في صحيفةجاما بيدياتريكس JAMA Pediatrics (الجامع في طب الأطفال) المتخصصة في طب الأطفال في يناير الماضي، أن وقت الشاشة قد يؤخر مهارات اللغة والتواصل الاجتماعي للأطفال الصغار. وأوضحت دراسة أخرى أن عند قراءة الآباء لأطفالهم كتب مطبوعة فأن الآباء يتفاعلوا ويتحدثوا مع أطفالهم بِكل أكبر عن قراءة كتب الكترونية.
وأوضح واشنطون بوست أن الإجماع العلمي بدأ في الظهور من خلال بحث ما ومن خلال التجارب المرصودة لعلماء النفس وأطباء الأطفال ومن خلال الآباء. إرشادات منظمة الصحة العالمية وإرشادات المجموعات الأخرى تعكس كل ذلك.
وقال جان توينجي، وهو عالم نفسي ومؤلف كتايب iGen الذي يركز على آثار وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها: “الأولوية المطلقة للأطفال الصغار هي التفاعلات وجها لوجه والتمارين البدنية والنوم. واعتقد أن إغراء إعطاء هواتف أو أجهزة لوحية الأطفال الصغار في أي وقت هو أمر مضلل. فالأطفال يحتاجون لتعلم كيفية تهدئة أنفسهم وإدارة عواطفهم. وإذا تم تسليم هذه الأجهزة لهم بشكل متكرر، فلن يتعلموا هذه الأشياء.”
وقال ستيفن بالكم، مؤسس ومدير تنفيذي لمعهد أمان العائلة عبر الانترنت الذي يضم أعضاؤه لاعبين في صناعة التكنولوجيا مثل جوجل وأمازون وفايس بوك: “إن هناك فرقًا مهما بين وقت الشاشة واستخدام الشاشة. وما نريده هو وضع موقف يشعر فيه الأهل بالخزي من حقيقة أنهم يستخدمون الأجهزة اللوحية عندما يطبخون، فالأمر يتعلق بمحاولة إيجاد توزان.