أنطون سيدهم…ومشوار وطني
أنطون سيدهم والسياسة الداخلية
نشرت بتاريخ 7/3/1976
** لماذا ينال أبناء مصر المكافحون العاملون جزاء سنمار؟…ولماذا يعامل المجاهدون الذين شقوا الصخر,وبنوا الأمجاد والصروح لوطنهم بمثل ماعوملوا به…جحودا وتشريدا…؟
وفي تاريخ مصر الحديث تطالعنا صفحات كفاح مضيئة سطرها رواد أوائل جاهدوا لكي يرسوا قواعد بناء اقتصادي وطني مصري,وخاضوا بحارا صعبة الأنواء في وقت كان يسيطر فيه الأجانب علي كل مجالات الاقتصاد.
كان إيمان هؤلاء الرواد بأنفسهم وبمصر قويا,فبذلوا من الجهد مايفوق الطاقة البشرية وقام اقتصاد مصري بفضل الإيمان والصلابة والصمود.
وماذا كان جزاء هؤلاء؟…إنه الجحود ونكران الجهود…!
*لقد قام طلعت حرب بإنشاء أول بنك مصري يعتبر صرحا شامخا في النهضة الاقتصادية وأنشأ أيضا الصناعات العديدة التي مازلنا نفخر بجودتها حتي اليوم…وكان جزاؤه الإبعاد…وحكم عليه أن يبقي في عقر داره بلا عمل…تملأ نفسه المرارة وتفيض مشاعره بالأسي حتي ودع الحياة.
*وجاهد أحمد عبود,وكان له أكثر من ميدان أثبت فيه قدرته وكفاءته…لقد أنشأ صناعة الأسمدة في مصر علي أحدث ما وصلت إليه هذه الصناعة في العالم…واعتبر عبود مصاص دماء,ومات في أوروبا بعيدا عن مصر التي زرع المداخن فيها تعبر عن مطلع نهضة صناعية حقيقية.
*وكافح يعقوب بباوي,وهو يحرر تجارة القطن من الأجانب الذين احتكروا هذه التجارة وكانوا حقا يمتصون دماء الفلاحين وصغار التجار المصريين,ودخل يعقوب بباوي في حرب ضارية مع الأجانب تحمل فيها الكثير من أجل مصر والفلاحين…وكان الجزاء وضعه تحت الحراسة والاستيلاء علي جميع أمواله.
ورحل يعقوب بباوي عن عالمنا حزينا متألما جزاء ما لاقي من هوان.
*هذا بعض من كل…ليتنا نتخلص من هذه العقدة…عقدة تعذيب وهدم العاملين المكافحين…وإلي متي تحكمنا هذه العقدة فننكر فضل العاملين ونحطم المجاهدين…ونضع العثرات وننال بالتجريح الذين يصنعون الخير…ويزرعون النماء…ويملون من ارتفاع المداخن؟
لقد شعرت بالمرارة إزاء هذه الحملة الشعواء التي تعرض لها قطب كبير من أقطاب الإنشاء والتعمير في مصر والبلاد العربية وهو المهندس عثمان أحمد عثمان.
لقد أممت الحكومة شركته وطلبت منه البقاء رئيسا لمجلس إدارتها فاشترط أن يترك له نشاطه الخارجي حرا.وكنت أحس بالفخر والزهو عندما أزور البلاد العربية,وأري أن أكبر المشروعات علي امتداد الوطن العربي قام بها المصري عثمان أحمد عثمان.
إن بصمات هذا الرجل نجدها علي أغلب الإنشاءات العملاقة في السعودية والكويت ودول الخليج والعراق والأردن وليبيا…هذا فضلا عن عمله العملاق في إنشاءات السد العالي والذي اختصر فيه الزمن وقدم عملا يعتبر مفخرة عالمية لمصر والسواعد المصرية.
*لقد كان قبول عثمان أحمد عثمان لمنصب وزير الاسكان والتعمير تضحية كبيرة بمصالحه الخاصة…ولكنه قبل التكليف من أجل مصلحة الوطن.
فهل رحمنا هذا المكافح العامل من عقدة الهدم وحب التشهير…؟!
أيها الهدامون…بحق الوطن….وبحق الضمير ….وبعيدا عن روح الأنانية….دعوا العاملين يعملون…وكفي تحطيما وتشهيرا حتي نبني لمصر الرخاء…والخير…والمحبة.