لم يكنالورق معروفا عند الفراعنة ولكن نبات البردي كان يؤدي نفس الرسالة إذ كانوا يدونون عليه أهم الوثائق والوقائع والأحداث التاريخية.
وكان هذا النبات ينمو في المياه الراكدة, وتمتد جذوره في الأرض امتدادا أفقيا أما سيقانه فتمتد أحيانا إلي أربعة أمتار.ولكل ساق رأس متفرع إلي عدة فروع صغيرة خضراء متدلية.
ولاستخدام عيدان هذا النبات تشق إلي شرائح توضع جنبا إلي جنب,ثم تصف فوقها طبقة أخري من الشرائح بوضع عكسي ثم تلصق الطبقتان بمواد لاصقة…وتدك وتدلك بقطعة من العاج لتصبح مستوية ناعمة الملمس.
وكانت تضم صحائف البردي بعضها إلي بعض وتلصق بعجينة خاصة فتتألف منها لفائف طويلة حتي أن (بردية هيرس) بلغ طولها نحو أربعة أمتار.
وكانت الكتابة علي لفائف البردي علي الوجه الذي تكون فيه ألياف البردية أفقية الوضع حتي يسهل سير القلم.وكان يثبت في نهاية اللفافة عصا رفيعة تلصق بها قطعة بردي صغيرة تحمل اسم المخطوط وبيانات عنه.وكانت لفائف البردي تطوي عادة بحيث يكون وجهها المكتوب إلي الداخل.
وعرف الاشوريون نبات البردي وسموه(قصب مصر) كما عرفه الأغريق أيضا وجاء من بعدهم الرومان فاستخدموه في الكتابة وزرعوه علي نطاق واسع.
وقد ظل المصريون القدماء يزرعون نبات البردي-للكتابة علي لفائفه-حتي القرنين الثامن والتاسع بعد الميلاد…فحل محله الورق العادي المصنوع من الخرق البالية والأعواد النباتية.
وما أن جاء القرن العاشر,حتي توقفت صناعة الورق من نبات البردي.
ولما بلغت فتوحات العرب مدينةسمرقند بالتركستان وتجاوزتها إلي الصين في عهد هشام بن عبد الملك نقلوا صناعة الورق من الصين,واقاموا في سمرقند أول مصنع له عام705ميلادية.وعملوا بعد ذلك علي نشر هذه الصناعة في بغداد.ومن بغداد انتقلت إلي دمشق ومصر.ولما دخل العرب بلاد الأندلس ادخلوا فيها صناعة الورق ومن بلاد الأندلس أنتقلت هذه الصناعة إلي دول أوروبا وأمريكا.
وكان الورق العادي يصنع في بداية الأمر من الخرق البالية ولا ريب أن الورق المصنوع من خرق القطن والكتان هو أجود أنواع الورق وأمتنها ولكن هذه الخرق لاتستطيع بكمياتها المحددة أن تسد حاجة العالم منه.لهذا فكر رجال الصناعة في استغلال الألياف والأعواد النباتية وتحويلها إلي ورق فكان لهم ما أرادوا.
ومانراه اليوم من تباين في أنواع الورق يرجع إلي المواد المصنوع منها.
فالخامات النباتية ذات الألياف الطويلة اللينة يصنع منها ورق متين لين,والخامات ذات الألياف القصيرة يكون ورقها سهل التمزيق.
وتنحصر عمليات صناعة الورق باختصار في فصل هذه الالياف وتنقيتها قدر الطاقة تم تبييضها وتعويمها في الماء.ونشرها علي شبكات لتصفي ثم ضغطها بآلات خاصة للتخلص من الماء الزائد ولتأخذ شكلها العادي هذا مع أضافة بعض المواد الصمغية والكيميائية التي تكسب الورق نعومة ولمعانا وألوانا مختلفة كما تمنع انتشار الحبر عليه أما ورق الصحف اليومية فلا يصقل في الغالب بمثل هذا الواد.