يحتفل الشعب المصرى ببدء شهر رمضان الكريم.. شهر الصوم والصلاه .. شهر العبادة والسهر.. وفى أماكن العبادة ينبعث منها وإليها ضوء خافت كضوء فوانيس .. وذلك بفعل الزجاج المعشق ”الزجاج الملون“ والذى نراه منتشرًا فى نوافذ الكنائس والمساجد.. وأيضا بعض القصور الأثرية التى تحكى وتحمل الكثير عن الحضارة الإسلامية.
إرتبط شهر رمضان بالفانوس سواء فى الماضى أو الحاضر.. وفانوس رمضان له حكاية.. تبدأ فى القرن الرابع عشر عندما صدر قانون يحتم على كل ساكن أن يشترك فى كنس الشارع.. وأن يعلق فانوساً مضاء فوق باب البيت من ساعة غروب الشمس حتى بزوغ الفجر طوال شهر رمضان.. ثم أخذوا يستخدمون فوانيس صغيرة الحجم فى إضاءة الطريق أمامهم.. وعرف فانوس رمضان أيضاً فى أيام الفاطميين عندما خرج أهالى القاهرة لإستقبال المعز لدين الله الفاطمى ليلاً حاملين الفوانيس ومرددين الأغانى إحتفالا به.. ومنذ ذلك التاريخ أصبح الفانوس من مظاهر الإحتفال بالشهر الكريم.
ومن الحرف والفنون الأصيلة.. صناعة فوانيس رمضان التى كانت ومازالت تخرج من بين أيدى صانعيها فى تشكيلات رائعة تكشف عن الفنان والفن الأصيل .. وصنعوا فوانيس أصغر حجما لأجل أطفالهم الذين كانوا يشاركونهم السهر حتى الفجر فى ليالى رمضان.. وكان يضاء بواسطة الزيت مع الفتيلة ومنذ القرن التاسع عشر ظهرت صناعة الشموع فاستخدمت فى إضاءة الفوانيس.. ثم تطور فانوس رمضان حتى أصبح يصنع من البلاستيك بدلا من الزجاج الملون والصفيح وتضيئه لمبة صغيرة مع بطارية.. وحاليا يمكن إضاءة الفانوس بواسطة لمبة كهربائية فى أحجام مختلفة.. وأصبح من السلع المستوردة من صنع الصين.
ولكن فانوس القرن الرابع عشر مازال له سحره وأصالته وأصبح من التراث الشعبى.. لما فيه من دقة النقوش والزخارف التى تحليه مع فرحة رمضان وما يميزه من عادات كبائع الكنافة والمسحراتى وبائع الفوانيس والعرقسوس.
و الشهر الكريم كان ولا زال مصدر إلهام كثير من الفنانين على مر العصور .. من هذه الإبداعات لوحات لفن الخط العربى.. وأعمال أخرى تعبر عن العادات والتقاليد لهذا الشهر .. والتى تعكس رمضانيات الحياة الإجتماعية المصرية.. وروحانية شهر رمضان من خلال المساجد وجمال زخارفها .. أيضاً عازف الربابة الذى يجلس فى السهرات يحكي القصص التقليدية الشعبية.. وأخرى عن الزار ورقصات “الكوديا” الزار..المسحراتي وبائع الكنافة، وغيرها من المظاهر التى أصبحت رموزا لرمضان.
ومن الفنون الشعبية الأصيلة الفانوس الملون بالزجاج المعشق بألوانه الزاهية المفرحة التى تضىء بين لهو البنات والبنين فى الأحياء الشعبية.. وهو فن يتطلب براعة فائقة فى لصق الزجاج على شكل مربعات أو مثلثات باللون الأزرق والأخضر، وأيضا الأحمر والعسلى تثبت فى الشكل المراد إستعماله مثل بانوه أو مشكاة مستديرة كالكرة أو بارفان.. وكل هذا يعكس أصالة هذا الفن .. وأصبح زينة الشهر الكريم.
يا رب نطلب منك في هذه المناسبة أن تعم المحبة والمودة .. والسلام بين الناس بعضهم مع بعض .. لكي تتأثر الأجيال الصغيرة تلك الصفات .. وتتعلم حب الآخر، وبالتالي حب الوطن .. مصر المستقبل.
وكل عام وأنتم بخير…