غنت “محسنة توفيق” بصوت لمس قلوب المشاهدين في واحد من مشاهد ” الماستر بيس” للسينما المصرية في فيلم ” العصفور”، و رفاق مسيرة عسيرة و صورة حشد و مواكب ف عيون صبية بهية عليها الكلمة و المعنى”.
بدأ المشهد بترديد الممثل الراحل الرائع علي الشريف أغنية الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم الخالدة ” مصر يامه يابهية”.
يستمر وجه ” بهية” مبتسما اثناء النقلة الموسيقة شبه الراقصة خلال الشطر التالي للأغنية
مصر يا امّة يا بهية يام طرحة و جلابية
الزمن شاب و انتي شابة هو رايح و انتي جاية
ابتسامة تعبر عن شخصية الفنانة القديرة الراحلة المتطابقة مع “بهية” بطلة الفيلم، وبات المشاهد لايعرف محسنة من بهية ربما للتماهي بينهما تماما لدرجة أن اسم بهية ارتبط بالفنانة القديرة طوال عمرها المديد، وأصبح أيضا اسم مصر في حالة الثورة والانتفاضة، الانتفاضة الواضحة تماما في شخصية الفنانة الراحلة التي تمنت ان تحترف الهندسة أو الطب او الزراعة فقط لتتمكن من مساعدة البسطاء بشكل فعلي.
ارتبطت حالة الثورية في حياة الراحلة الفنية حتى في اداورها المعبرة عن البسطاء مثل دور “انيسة” في مسلسل ليالي الحلمية جسدت فيه الفنانة الراحلة شخصية المراة البسيطة المواجهة القوية حتى في اقصى لحظات ضعفها.
دخلت “انيسة” بنفس إصرار شخصية ” بهية” كل بيت يتحدث العربية في العالم يوميا على مدار أربعة أجزاء للمسلسل الخالد محتلة مكانا بارزا في عقول وقلوب المشاهدين.
ورغم عشقي “لأنيسة” ودورها في تربية “علي البدري” ابن اختها “عليه” وغفرانها لجريمة زواج رجلها “توفيق البدري” زوجة أخرى بل وتربيتها لابنه من “درتها” وغيرها من أحداث ” ليالي الحملية” المطبوعة في وجدان اجيال من العرب إلا أن دور “بهية” يظل عالقا بذاكرتي ومرتبطا بالست محسنة.
ويظل يوم مشاهدتي فيلم “العصفور” برفقة والدي في واحدة من دور سينما وسط القاهرة لاينسى، ربما بسبب الاقبال غير العادي على مشاهدة الفيلم بعد منع تصويره ولجوء يوسف شاهين الي مؤسسة السينما الجزائرية لانتاجه بالمناصفة معه، وتحقيق الفيلم نجاحات كبيرة في الجزائر وفي مهرجان كان ولبنان الأمر الذي أجبر مصر على عرضه اخيرا، ويظل تفاعل الحضور مع المشاهد شديدة الأرتباط بواقع الواطن في مرحلة مابعد نكسة يونيو 1967محفورة في ذاكرتي.
بحث الفيلم في اسباب النكسة الداخلية عن طريق تحقيق صحفى ليوسف يتعلق بسرقات فى القطاع العام، من خلال مصنع لم يكتمل بناؤه فى قرية بالصعيد، ويكتشف أن اللصوص من المسئولين، فى وقت تناضل فيه “بهية” الخياطة المقيمة فى حى الحسين لتوفير معيشة طيبة لابنتها الطالبة الجامعية، وتؤجر غرفا سكنية لأشخاص ينتمون لشرائح مختلفة من الشعب المصرى، وتقع حرب 5 يونيو، ويلتف الجميع حول أجهزة الراديو ليستمعوا إلى البيانات الكاذبة عن إسقاط طائرات العدو، حتى يظهر عبدالناصر فى 9 يونيو على شاشات التليفزيون.
اشتبكت بهية في الواقع مع المخرج يوسف شاهين بعد أن اختارها لدور بارز في فيلم اليوم السادس وأدت فعليا عدد من المشاهد؛ وفجأة دون مقدمات تعاقد شاهين مع الفنانة العالمية داليا لأداء الدور وواجهته “بهية” معلنة عن أنها انسب من داليا، ولكن حلم العالمية الذي كان يسيطر على “شاهين” حرمها من الدور على حد قولها.
وتنقل حكاياتها عن اعتقالها في احداث سبتمبر 1980 و صورتها في ميدان التحرير يوم 28 يناير في مواجهة عدد من الجنود تفعيلا للمشهد الأشهر في فيلم العصفور ردا على خطاب التنحي الشهير للرئيس الراحل جمال عبد الناصر وصريخ “بهية” كأنها تنقل رغبة ملايين المصريين وقتها : “لا .. لا.. هنحارب هانحارب” فى الوقت ذاته ينطلق العصفور من قفصه الحديدى.