من الصفات الروحية التي يحتاج الانسان أن يقتنيها لسلامة حياته هي صفة الرجاء. الانسان يحتاج الرجاء في كل حياته، فروح الرجاء يساعده لرؤيته حياة النصرة، ويظهر روح الرجاء في سلوكه عندما يتعرض للمشكلات، ويكون له روح الرجاء في طريقة تعامله مع الضيقات.
الرجاء هو دعوة الكتاب المقدس لنا على مدى التاريخ فها اشعياء النبي يكتب بروح الرجاء “أما منتظرو الرب فيجددون قوة يرفعون أجنحة كالنسور يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون “ (أش 40: 31) وبولس الرسول يكتب “فليثبت الايمان والرجاء والمحبة“(1كو13:13) فنجد معلمنا بولس الرسول يعطي للرجاء أهمية كبيرة في حياة الانسان.
الرجاء له تاريخ قديم في حياة البشر فمنذ أن وعد الرب أدم وحواء “إن نسل المرأة يسحق رأس الحية“ والبشرية كلها عاشت على رجاء مجيء المخلص، فمن بعيد نظروا المواعيد وحيوها ورجوها حتى وإن كانوا لم ينالوها..
مازلنا حتى اليوم نحتاج جميعًا للرجاء في مسيرتنا في العالم فنحن نحتاج للرجاء في طريق جهادنا الروحي ومقاومتنا للخطايا المتأصلة فينا، ونحتاج للرجاء كلما تعرضت حياتنا للمشاكل والضيقات..
في رجاؤنا نحن لا نشترط أن يحل الرب ضيقاتنا بالطريقة التي نراها مناسبة أو في الوقت الذي نحدده نحن.. لكننا بالرجاء نثق أن الرب لابد وأن يحل مشاكلنا بالطريقة التي يراها صلاحة وفي الموعد الذي تحدده مشيئته.
ولكي نقتني لأنفسنا فضيلة الرجاء فإننا نحتاج لعدة أمور تساعدنا :
1. الثقة في وعود الرب للإنسان : وهذه الثقة تجعلنا لا نشك أن الله يحبنا، أو إنه ربما يعد ولا يفي، فالله ليس بإنسان حتي يكذب، فما وعد به هو أمين أن يحققه لنا، فعلينا أن نثق في مواعيد الله وقدرته وحكمته ومحبته. الله لا يتخلى عن وعده للانسان. لذلك فاننا نثق في كلمات الكتاب “ان الله يجعل كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الرب” (رو8: 28 ) ونثق أيضا أنه قادر أن يحقق وعده “تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم” (مت11: 28) لذلك عندما نرى في حياتنا ما يفقدنا الراحة الحقيقية سواء النفسية أو الروحية أو الجسدية نتذكر أنه وعدنا بالراحة فنتمسك بوعده لنا.
2. تذكر أن قصد الله هو أن يعطي الإنسان أثمن ما في الوجود وهو الخلاص: فان كان قد قبل كل الآلام من أجل خلاصنا. وقال “ إن أباكم سر أن يعطيكم الملكوت“ فكم بالأحري نتمسك بالرجاء ونثق إنه قادر أن يهبنا معه كل شيء فعندما تحاط بالآلام والمشاكل عليك أن تخاطب نفسك “لماذا أنت منحنية يا نفسي.. ترجي الرب“ ( مز ٤٢: ٥)
3. ادرك أن الله يهتم بكل الخليقة: يهتم حتى بالصغار وبالطبيعة غير العاقلة، فهو يوصي أن لا تزرع الأرض في السنة السابعة كراحة لها، ويلبس زنابق الحقل حلل أبهي من سليمان الملك في كل مجده (مت٦: ٢٩) فكيف لا يهتم بنا نحن أولاده؟ وكيف لا يهتم بالمتروكين والمهملين من البشر.
4. تجنب كل كلمة بها روح يأس: فمهما كانت مشاكلك مؤلمة تكلم مع المتألمين بكلمات مشجعة، وفي ضيقات الكنيسة تذكر كيف عبر الرب بكنيسته عصور الاضطهاد الشرسة وعصور البدع والهرطقات فيتقوى رجاؤك “إن أبواب الجحيم لن تقوى عليها“ (مت ١٦: ١٨) ولا تستسلم بيأس لروح المخاوف أو الضيقات والتهديدات، فهو قادر أن يحفظنا ويحمي كنيسته.
5. ثق أنك لست وحدك بل الرب يعمل معك دائما: بولس الرسول كان دائما واثقًا أنه يعمل مع الله فكان يعلم “الله هو العامل فيكم“ ( فى2: 13) وعندما يدرك الإنسان أن الله يعمل في حياته في مشاكله ويثق أننا بدونه لا نستطيع شيئا “ الفرس معد ليوم الحرب. أما النصرة فمن الرب” (أم ٢١: ٣١) لذلك في كل ضيقة ارفع قلبك إلى الله وقل له أنت الذي تستطيع أن تنقذني وأنا لا استطيع أن أصنع شيئا وحدي بدونك يا رب.
6. تذكر كلمات معلمنا بولس الرسول “ استطيع كل شيء في المسيح يسوع الذي يقويني“(فى4: 13): هذه كلمات بولس الرسول الذي قابلته مشاكل كثيرة في طريق كرازته، عانى من مشاكل من الأخوة الكذبة وصارع وحوشًا في أفسس ووقف أمام الأباطرة الرومان ليحاكم.. لكنه يتحدث في قوة إنه يستطيع كل شيء، وهذا الاحساس يجعله قادرًا أن يطرح من قلبه كل يأس ويجعله يشعر أنه قادر أن يتمم الرسالة التي وضعه الله من أجلها.
لذلك في أحداث كثيرة ووسط متغيرات كثيرة وأمام حروب شياطين الكثيرة وفي مواجهة عثرات كثيرة وخطايا متنوعة.. تعامل معها جميعًا بروح الرجاء واحرص ألا تسلم نفسك لليأس أو الشعور بالفشل، بل تتقوى في نفسك وترتفع معناوياتك . فتركض وتعمل ولا تتعب لأنك واثق أن يد الرب تسندك وتهبك بهجة النصرة وفرح السلام .