يقول داود النبي الذي اختبر قوة الله معه ومساندته له:معونتي من عند الله خالق السماء والأرضمزمور120:2.يحكي أن ولدا صغيرا أراد أن يرفع حجرا ثقيلا جدا ملقي في الشارع,ولكن دون جدوي وكان والده يمر في ذلك الطريق فوقف يراقبه من بعيد ويتابع معاناته, ثم سأله:يا بني!هل استعملت كل إمكانياتك في رفع الحجر؟ فأجاب الابن وكان في غاية التعب والإرهاق:بالطبع يا أبي!فقال له والده بكل هدوء: لا يا بني! لم تفعل ذلك, لأنك لم تطلب مني مساعدتك!مما لاشك فيه أن هذا ما يحدث معنا في حياتنا اليومية,لأننا لا نستعين بالله القادر علي كل شيء ليسهل لنا أمورنا ويعيننا في حمل الأثقال التي نراها تفوق طاقتنا وقوانا البشرية, فقد نسينا أن قوتنا الحقيقة تكمل بالله عندما نطلب معونته غير المحدودة, سائلين إياه أن يشاركنا في المهام الصعبة حتي نستطيع إنجازها,كم عدد الذين يصلون لله قبل البدء في عملهم اليومي طالبين منه المعونة وقوة التحمل في إتمام واجبهم؟إذا يجب علينا أن نتوكل علي الله الذي لايتركنا وحدنا, ولكنه يستجيب لنا دون توان ليزيل من أمامنا العقبات التي لانستطيع التغلب عليها بسبب ضعف قوانا البشرية,مادام الله معنا,فكل عائق يزول,وكل طريق صعب يمهد,لأن الإيمان بالله يملأ القلب ينابيع الأمل والثقة, ويحرر النفس من القلق والخوف والاكتئاب,كثيرا ما ننسي الله ولاسيما عندما تحل بنا المصائب والكوارث,أ و تحيط بنا المخاطر وتسيطر علينا المشاكل,لماذا لا نلجأ إلي الله القادر علي كل شيء طالبين منه المساعدة, فإذا فعلنا ذلك سنشعر بطمأنينة لا مثيل لها, وبشجاعة تقوينا علي مواجهة كل ما يمر بنا, لأننا سنكشف حنانه وعطفه وأبوته لنا جميعا,
وكما يقول الله علي لسان داود النبي في المزمور:من يدعوني,أستجيب له,أنا معه في الضيق أخلصه وأمنحه مجدا 90:15,فالله معنا بيده الجبارة التي تسند ضعفنا,وتزيل العقبات من طريقنا,أو علي الأقل تساعدنا علي اجتيازها,لكن بشرط أن نستعين به ونقوم بواجبنا.
نحن نعيش عصرا فيه يتم تزييف كل شئ,حتي أن الكثيرين قاموا بتزييف وتشويه صورة الله الحقيقية لتناسب مصالحهم الشخصية وأهواءهم الذاتية,فبالرغم من أنه الأب الحنون الذي يسهر علي أبنائه,والمعلم الصالح الذي لا يغش ولا يغش,إلا أنهم يتعاملون معه كأنه أمين الصندوق الذي يدفع لهم المال مقابل مايقومون به من أعمال خيرية وصالحة,كما أن البعض منهم يعتبرونه ساحرا يستطيعون اللجوء إليه حتي ينزل بتعاويذ العقاب واللعنة علي كل من يخالفهم الرأي والدين والمعتقد والجنس,والبعض الآخر يرونه موظفا في مصلحة الأراضي يطلبون منه مكانا في السماء مقابل بعض الصلوات والطقوس والعبادات الشكلية,وما أكثر الذين عندهم إله الأنانية والمصالح الشخصية الذي يعمي عيونهم فلا يبصرون حاجة القريب,ويصم آذانهم فلا يسمعون شكوي المظلومين واليتامي والأرامل,حتي أنه يحول قلبهم إلي حجر لايهتز أمام أي عاطفة إنسانية؟
كل هؤلاء يتساءلون:أين الله ليعيننا؟ نحن لا نشعر بوجوده في حياتنا هل الله بعيد عنا؟هل الله آمال بوجهه عنا؟ إنهم يذكروننا ببعض التلاميذ الذين طلبوا من المعلم أن يساعدهم في اكتشاف وجود الله فأجابهم:لايستطيع أي شخص أن يساعدكم في ذلك.فسألوه:لماذا لا يوجد من يفعل ذلك؟ أجابهم المعلم قائلا:لنفس السبب الذي لايستطيع أحد أن يساعد السمك في اكتشاف البحرإذا…
الله حاضرفي كل لحظة من حياتنا اليومية,لكن العيب فينا,فالله موجود دائما معنا ليس كديان لكل فعل نقوم به أو مراقب لكل تصرفاتنا حتي يعاقبنا,كما كنا نعلم الأطفال قائلين لهم:انتبهوا,الله يراكم دائما وسيجازيكمحتي أنهم كانوا يرتعبون منه.لكن الله حاضر في حياتنا كأب رحيم,عطوف,طويل الأناة,كثير الرحمةإذا يجب علينا أن نثق بأن عين الله ساهرة علينا وتحرسنا,لذلك فالإنسان المتمسك بالله,لايتزعزع إيمانه مهما تغيرت ظروف الحياة,فلا يتأثر بخيانة صديق أو غدر رفيق أو حدوث كارثة له,ولكنه يواصل مسيرة الحياة.ونختم بكلمات المؤرخCarlyle :إن نسينا الله,فلا يبقي شئ يستحق ذكره.