من منطلق عدم التسليم بما يقال من تصريحات للمسئولين والوقوف على أرض الواقع، حرصت وطني على التواجد مع جمعية تكاتف داخل أحد الأعمال الميدانية بمدرسة الكمال بحي الجمالية بالقاهرة.. وكانت تجربة مفيدة حيث رصدنا حالة من التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة متمثلة في جمعية “تكاتف” ونادي “روتاري كايرو صن رايز” وصندوق “مكافحة وعلاج الإدمان” التابع لوزارة التضامن..
صورة تجمع بين أعضاء من جمعية تكاتف ونادي روتاري صن رايز وصندوق مكافحة الإدمان
من خلال الألعاب والقصص استطاع اليوم أن يخرج بأهدافه المتمثلة في تقديم الارشادات والنصائح للطلاب بمرحلة التعليم الإبتدائي، أيضا معرفة مخاطر التدخين والإدمان، وظهر ذلك على وجوه الأطفال وتكرارهم للمعلومات المقدمة لهم “لا للتدخين ولا للمخدرات”.. وجاء اللاعب محمد صلاح ليكون هو المثل الأعلى بتصدره بوسترات – لافتات يظهر من خلالها هو وشعار “أنت أقوى من المخدرات”
التقت وطني القائمين على هذا العمل للتعرف أكثر على نشاط وأهداف جمعية تكاتف ورصد فعاليات اليوم..
بدأت سارة محمد – مشرف البرامج في جمعية تكاتف – كلامها بأن الجمعية تعمل في مجال التعليم وهدفنا تطوير المدارس الحكومية خاصة مراحل الإبتدائية والإعدادية. وعملي في قسم البرامج الهدف منه العمل على أهم طرفين بالمدرسة وهما المدرسين والطلبة.. من أكثر البرامج شيوعاً في عملنا هي تدريبات المدرسين وهي تقوم على احتياجاتهم، إن كانت مواد تعليمية أو كيفية التعامل سلوكياً مع الأطفال، ثم يتم المتابعة معهم للتأكد من الاستفادة والاستمرارية في التطبيق. أما بالنسبة للطلبة، فنحن نعد لهم معسكرات أنشطة ترفيهية وأنشطة فنية، ويجب أن يتضمن المعسكر رسالة بناءة بداخله، فهو بمثابة مكافأة للطلبة لكي يحبوا مدرستهم ويحافظوا على أي تطوير تم عمله فيها.
كذلك يتم عمل حملات توعية للأطفال مثل حملة “أنت أقوى من المخدرات” و “لا للتدخين ولا للإدمان” وتقدم الحملة للطلبة في مرحلة ٤ و ٥ و٦ ابتدائي في إطار ألعاب وسرد قصة شيقة توصل لهم نفس الأفكار وتعلمهم أخطار التدخين وأضراره على الجسم وأهمية عدم الانسياق وراء أصدقاء السوق وكيفية نصيحة الأهل والأقارب في البيت بشكل مناسب.
وأضاف محمد الكيلاني – إنني أعمل بجمعية تكاتف للتنمية، والجمعية تهتم بتطوير المدارس إنشائياً من أول باب المدرسة حتى أصغر جزء بالمدرسة، بالإضافة إلى برامج توعية للطلبة والمدرسين.
المدرسة التي يتم تطويرها والعمل عليها يتم متابعتها خمس سنوات، وخلال تلك السنوات تتابع الإدارة الهندسية أي تلفيات ويتم صيانتها، وحتى على المستوى التطوير المجتمعي يتم التأكد من استمرارية تطبيق الطلبة والمدرسين والعمال بالمدرسة ما تعلموه أو اكتسبوه من مهارات تنموية.
تشرفت بالانضمام للجمعية من ٢٠١٠ ولم يكن لدي أدني خبرة في هذا العمل واكتسبت كل خبرتي من “تكاتف” ومن الاحتكاك بالمجتمع المدني والمدارس والمدرسين والطلبة.
وبالطبع خلال العمل يقابلنا بعض الصعوبات مثل الموافقات والإجراءات الروتينية، لكن في كل الأحوال الأمور بتمر والعراقيل تزول.
التوعية ضد التدخين والإدمان:
من ضمن مشروعات التنمية المجتمعية، حملات ضد التدخين والإدمان تتعاون فيها مؤسسة تكاتف مع صندوق مكافحة التدخين والإدمان التابع لوزارة التضامن وأحد أندية الروتاري بمصر – نادي روتاري كايرو صن رايز – بمدرسة الكمال الإبتدائية بالجمالية، وكان ذلك على مدار يومين.. والحملة استهدفت الفئة العمرية التي تتراوح ما بين 9 سنوات إلى 11 سنة .
وأشارت لوطني الأستاذة أميرة رجب، مدربة وباحثة بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والمشرف المساعد على البرامج الوقائية في الصندوق، أن الهدف من هذا البرنامج للتوعية هو دعم وتنمية قدرات الأطفال من خلال معلومات صحيحة التي تهم النشأ وتساعده لمواجهة مواقف تعترضه في الحياة – سواء في الحياة بشكل عام أو تجاه قضية التدخين والمخدرات بشكل خاص. ويتم توصيل المعلومة للأطفال بأسلوب شيق ولغة سهلة وبإستخدام الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي تبرز المهارات والسلوكيات الإيجابية والهامة لحياته وكل من حوله في أسرته.
وأضافت “رجب” أن الصندوق هو الجهة المنوطة بمكافحة وعلاج الإدمان في مصر، وهو يتبع وزارة التضامن الاجتماعي، ونقدم حملة “أنت أقوى من المخدرات” بالتعاون مع مؤسسة تكاتف ونادي روتاري كايرو صن رايز، لأطفال أحد المدارس بالجمالية.. في مراحل ٤ و٥ و٦ ابتدائي
ويتضمن برنامج الحملة عدة ألعاب من خلالها كانت تقدم المعلومات عن التدخين وأضراره والإدمان وكيفية الإقلاع عنه. أولهم قصة “أنت البطل”، وهذه القصة عبارة عن قصة ولد له حلم وهدف يريد أن يحققه وهو مقابلته لللعاب المشهور محمد صلاح وهو راعي حملة “انت أقوى من المخدرات بالتعاون من الصندوق، والقصة لها عدة أهداف تصل الأولاد، بأن يبتعدوا عن أي شئ يضرهم، وخصوصاً التدخين والمخدرات، كذلك تعلم الأولاد كيف يكون لهم حلم يمكن الوصول إليه وهدف يسعون لتحقيقه وبالتالي أي شئ يحول بينهم وبين تحقيق هدفهم لازم يبتعدوا عنه ويلفظوه، وأيضا القصة تعلمهم عدم الإنسياق وراء المجهول، وأهمية اختيار الأصدقاء الذين يساعدوهم على تحقيق أهدافهم. ومن خلال تلك القصة نحاول توصيل كل ذلك بشكل مبسط لسنهم.
وأوضحت أميرة أن ثاني نشاط هو لعبة اسمها “السلم والدخان” وهي نفس فكرة السلم والثعبان لكن بدل الثعبان تم رسم هالات من دخان التدخين. واللعبة كانت عبارة عن سجادة كبيرة مرسوم عليها مربعات مرقمة بنفس فكرة السلم والثعبان و بعض المربعات تم كتابة رسائل تعليمية عليها مثل: “إختار حياتك” و”العقل السليم في الجسم السليم” و “هبعد عن التدخين.. لتكون صحتي أفضل” و”أسمع كلام الكبار وأبعد عن الأخطار” و”مش هشرب سجاير.. فأكون للدكتور مجرد زائر” و”أمارس رياضة” و”الخط الساخن لعلاج الإدمان 16023″ و”بعرف الحق.. أقول للتدخين لا” ومن خلال التحرك على لعبة “السلم والدخان” تشرح المدربات معاني تلك الرسائل وتتكلمن عن أهمية تقبل النصيحة من الكبير وأهمية اختيار الصديق جيداً حتى يكون له تأثير إيجابي في حياة الشباب وكذلك أهمية الرياضة وعدم الخضوع للتدخين. ومن أهم الصور التي لاقت حب وفرحة من الجميع عندما رأى الأطفال صورة محمد صلاح لاعب الكرة تتصدر بوسترات الحملة لتشجيع الأولاد أن يحتذوا به.
وأكملت: من خلال الألعاب نعلم الأطفال أن يكونوا شركاء معنا لتوصيل تلك المعلومات كلها لأهلهم وأقاربهم، لان بالمعلومات المقدمة يكون للأطفال تأثير إيجابي على أهلهم لحبهم لهم وخوفهم عليهم من أضرار تلك العادات السيئة. وندربهم كيف يتكلمون من الكبير بأدب وهدوء لتوصيل الرسالة بشكل إيجابي بدون أن يلحق بهم أي ضرر.
وأشادت أميرة بأهمية مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات مثل “روتاري” و”تكاتف” كنماذج تتعاون مع الصندوق، لأن من خلالهم مكن نصل لأماكن كثيرة يمكن ونساعد بشكل أكبر.
التوعية ضد العنف والتحرش:
تنفذ جمعية تكاتف معسكرات لتوعية الطلاب عن التحرش والعنف، بناءً على دراسة إحتياجات المدرسة والمنطقة المحيطة.
وروت لوطني السيدة ميراي نسيم – الرئيس التنفيذي لجمعية تكاتف للتنمية – عن مدرسة بمحافظة السويس، أظهرت الدراسات أن بها حالات عنف شديدة جداً، فلجأت مؤسسة تكاتف لشركة متخصصة في التنمية من خلال الرياضة للحد من هذه الظاهرة بطريقة مبتكرة من خلال “أيام رياضية” تحت شعار برنامج “مدرسة بلا عنف”. فقامت الجمعية بتنفيذ يومين رياضيين، تعلم الطلبة خلال الأيام الرياضية عن العنف اللفظي والعنف الجسدي وعيوبهما ونتائج العنف وكيفية التحكم فيه، كذلك تعلموا كيفية وفوائد عدم العنف.
استكمالاً للبرنامج تم تدريب المدرسين على كيفية احتواء العنف وتوجيه الطاقة السلبية داخل الأطفال إلى طاقة إيجابية عن طريق الفن والرياضة، وكيفية الحد من عنف المعلم نفسه مع الطلاب وتوضيح مدى الضرر الذي يمكن أن يتسبب فيه العنف مع توجيههم لحلول بديلة لإدارة الفصل.
وأكدت “نسيم” أن هذا البرنامج كان له صدى عظيم جدا لأن بعض المدرسين استجابوا، واقدمت مدرسة التربية الفنية على تشجيع الأولاد على الرسم وتحديد موعد لعمل معرض فني.. فبدأ الأولاد في الاستجابة وقدموا أعمال فنية جميلة جداً ومن هنا بدأوا يحبوا المدرسة ويتجاوبوا مع باقي المدرسين تدريجياً.. ومن هنا استطاع برنامج تكاتف تحويل الطاقة السلبية إلى فنون وإبداع وتم نبذ العنف تدريجياً، ومن خلال الألعاب الرياضية والفن والشعر انخفضت نسبة العنف في المدرسة.
وعلى صعيد أخر يتم عمل برامج توعية لأهالي الطلبة عن كيفية حماية الأبناء من أخطارالعنف والتحرش. ففي مدرسة هدى شعراوي بالمطرية تم شرح مفصل للأهالي وتوضيح لهم أهمية الاستماع لأبناءهم وعدم التغافل عنهم ونبذ الخوف من إعلان أي عنف أو تحرش حتى يتم وأده من المجتمع المحيط.
ردود أفعال الطلاب ما بين المبادرة والتدريب:
في حملة ضد الإدمان:
“تعلمت أن التدخين ضار بالصحة ويجب الابتعاد عنه”
“تعلمت أهمية أن لا أدخن لأضرار التدخين أو الإدمان علي جسمي وعقلي”
“تعلمت أهمية تقديم النصيحة لأصدقائي وأقاربي المدخنين بأضرار التدخين وتقديم لهم الحلول عن كيفية الإقلاع عن التدخين من خلال اللجوء لصندوق مكافحة الإدمان للعلاج بالمجان في سرية تامة”
وفي مبادرة مناهضة العنف:
“إتعلمت حاجات كثير كويسة وجديدة، علمونا ما نضربش بعض وعلمونا الحب والإنسجام”
“إنعلما إزاي نتحكم في غضبنا ونسيطر على نفسنا ومشاعرنا لما نكون متضايقين”
ومن خلال معسكرات اليوم الواحد الترفيهية :
“عجبني في المعسكر إن إحنا بنتعاون مع بعض وبنتعرف على أصدقاء جدد وبنشارك بعض الأفكار وبنتعلم حاجات جديدة”
من هنا تأتي أهمية أن يكون بناء الإنسان وتنوير العقول هو المحور الرئيسي للتنمية.. ومن يقوم بالتنمية أياد لا نراها لكن نلمس تأثيرها أولئك هم الذين يزرعون الأرض ويصلحون المجتمع.. يمثلون طاقة نور في حياتنا ومجتمعنا المصري.