بعد نشر الرواية فى 1831 ازدهر الاهتمام الشعبي بالكاتدرائية وتنفيذ مشروع ترميم كبيرفى الفترة ( 1844 – 1864)
المؤلف يخصص فصلا عن الضيقات والهجوم على نوتردام وكيف كانت الكاتدرائية ملاذا للأمان والخير
“في السادس من يناير- كانون الثاني عام ١٤٨٢ استيقظت مدينة باريس على قرع الأجراس. كان هناك احتفالان في ذلك اليوم: عيد الغِطاس ومهرجان المهرجين. كان عيد الغِطاس عطلة دينية، أما مهرجان المهرجين فكان للشعب ..”
بهذه الكلمات وفى الفصل الأول تحت عنوان ” باريس تحتفل “افتتح الشاعر الروائى الفرنسى العالمى ” فيكتور هوجو ” رائعته ” أحدب نوتردام ” التى نشرت عام 1831 قبل أن تتحول الى عدة أعمال سينمائية عالمية ، ودارت أحداثها الرئيسية فى كاتدرائية نوتردام الشهيرة أحد أبرز التحف الأثرية والمعالم التاريخية فى العالم ..
وقد وصف الشاعر الفرنسي الكبير”ألفونس دي لامارتين ” (1790-1869) فيكتور هوجو بعد ظهور الرواية بـ “شكسبير الرواية”. اتخذ فيكتورهوجو دائما موقفا ضد الظلم وغياب العدل وأنصت لصوت الضعفاء والمحرومين، وهو كمبدع أصيل لم يعيش حياته بجبن، مطمئن على نفسه بالصمت ..، كما انه لم يبال بانتقاد رجال الدين كما حدث فى هذه الرواية عندما جعل من ” دوم كلود فرولو ” الأرشيدياكون شخصية تميل إلى الشر .
واليوم أيها المبدع الكبير وبعد هذه القرون يتحقق حديثك عن الهجوم على كاتدرائية نوتردام وان اختلفت الشخصيات والأحداث ..ياللمأساة أن يتحول هذا الأثر الانسانى والتاريخى النبيل فريسة لألسنة النيران التى التهمت السقف التاريخى، قبل أن يسقط بما عليه
من أبراج وتماثيل ووحوش خرافية. ( الا أن الهيكل واكليل الشوك الذى وضع على رأس السيد المسيح لم تنلهما النيران )
لمحة تاريخية
تقع كاتدرائية ” نوتردام دو بارى ” التاريخية فى قلب العاصمة الفرنسية باريس، على نهر السين، وهى إيبارشية بدأ تشييدها قبل 850 عاما، فى مكان بناء أول كنيسة مسيحية فى باريس، وهى “بازيليك القديس استيفان” التى كانت بدورها مبنية على أنقاض معبد جوبيتير الجالو – رومانى.
والنسخة الأولى من نوتردام كانت كنيسة بديعة بناها الملك شيلدبرت الأول وذلك عام 528م، وأصبحت كاتدرائية مدينة باريس فى القرن العاشر بشكلها القوطى، وكانت قبة الكنيسة ترتفع إلى 33 متراً.
تعد الكاتدرائية واحدة من أفضل الأمثلة على فن العمارة القوطية الفرنسية. وتتميز عن الطراز الروماني القديم باستخدامها المبتكر للقبو في الأضلاع والدعامة الطائرة، ونوافذها الوردية الهائلة والملونة، والواقعيَّة ووفرة زخارفها النحتية
وعن مراحل بناء الكنيسة بدأت فى عام 1160 ميلادية بأمر موريس دو سولى (يسمى أسقف باريس) بهدم الكنيسة الأصلية، وفى عام 1163 ميلادية وضع حجر الأساس لنوتردام دى باريس وبدأ البناء، وفى عام 1196 وفاة الأسقف موريس دى سولى، وفى عام 1200 بدأ العمل على الواجهة الغربية، وفى عام 1208 وفاة الأسقف أوديس دى سولى وكان الصحن على وشك الانتهاء، وفى عام 1225 أُنجزت الواجهة الغربية، وفى عام 1250 استتكملت الأبراج الغربية والشمالية والنافذة الموردة، وفى عام 1245–1260 تم بناء أجنحة الكنيسة على طراز “رايونانت” بجان دى ثم بيير دى مونروى، وفى عام 1250 – 1345 تم استكمال العناصر المتبقية.
على الرغم من تعديلها بشكل متكرر في القرون التالية. ولقرون كان يجري تتويج ملوك فرنسا في الكاتدرائيَّة. وفي عقد 1790، عانت الكاتدرائية من تدنيسها أثناء الثورة الفرنسية؛ حيث أُتلفت ودُمّرت الكثير من لوحاتها الدينية. في عام 1804، كانت الكاتدرائية الموقع الذي شهد تتويج نابليون بونابرت كإمبراطور فرنسا، وشهدت معمودية هنري كونت تشامبورد في عام 1821، وجنازات العديد من رؤساء الجمهورية الفرنسية الثالثة.
ازدهر الاهتمام الشعبي بالكاتدرائية بعد وقت قصير من نشر رواية فيكتور هوجو بعنوان “أحدب نوتردام” في عام 1831، أدّى ذلك إلى مشروع ترميم كبير بين عام 1844 وعام 1864، تحت إشراف يوجين فيوليه لو دوك، الذي أضاف أبراج الكاتدرائية الشهيرة. جرى الاحتفال بتحرير باريس داخل كاتدرائية نوتردام دو باري في عام 1944 تلاه إنشاد نشيد مريم. ابتداءً من عام 1963، نُظّفت واجهة الكاتدرائية وأعيدت إلى لونها الأصلي. ونفذ مشروع تنظيف وترميم آخر بين عام 1991 وعام 2000.
أثناء خضوعها للتجديد والترميم، اشتعلت النيران في الكاتدرائية في 15 أبريل من عام 2019 وأُصيبت بأضرار كبيرة، بما في ذلك تدمير ثُلثي الأسقف والأبراج. وقد أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيُعاد بناء نوتردام، قائلاً “إنه جزء من مصير، ومصير فرنسا، ومشروعنا المشترك على مدى السنوات المقبلة. وأنا ملتزم به”
ارتباط الرواية بالكنيسة
وارتبطت الكنيسة تاريخيا برائعة فيكتور هوجو “أحدب نوتردام” ، وتدور أحداثها الرئيسية داخل الكنيسة،ومما ذكر عن هذه الرواية الأشهر فى الأدب الفرنسى : إن فضل الرواية على الكنيسة كان كبيرا، بل إنها منعتها من السقوط قديما، فعندما نشر هوجو روايته كانت الكاتدرائية فى أسوأ أحوالها، حيث كانت متهالكة وتؤول للسقوط، وعند نجاح الرواية وانتشارها تمت الموافقة على ترميمها.
وعلى مستوى الأحداث التاريخية شهدت كنيسة نوتردام العديد من الأحداث، فى 16 ديسمبر 1431 توج هنرى السادس ملك إنجلترا ملكا على فرنسا، كما تم تتويج نابليون الأول فى 2 ديسمبر 1804 فى نوتردام.
هنا سندخل غياهب عالم باريس في القرون الوسطى ونتعرف ( كما تذكر المترجمة أميرة على عبد الصادق ) على الحياة المعقدة لكل من (كوازيمودو، قارع أجراس كاتدرائية نوتردام القبيح؛ وكلود فرولو، رئيس الشمامسة المُعذَب؛ وإزميرالدا، الراقصة الغجرية الجميلة؛ وفيبس، القائد الوسيم الذي يخدع إزميرالدا بإيهامها بحبه لها.وغيرها من الشخصيات )
فاذا اتينا الى الأحداث ( التى تقع قى ثمانية عشر فصلا ) فهى تدور حول طفل أحدب يُدعى “كوازيمودو”كوازيمودو (بطل الرواية) لقيط قبيح المظهر ابن عائله غجرية أتت إلى نوتردام بهدف السرقة ولكن فرولو امسك بهم وهربوا وبقي كوازيمودو معه ليربيه القس في كنيسة نوتردام الدوم كلود فرولو و يدربه ليكون قارع الأجراس في كنيسة نوتردام ذاتها، وقد نجح الكاتب الكبير فيكتور هوجو فى تقديم شخصية تحمل صفات خيالية تمتزج بمظهر خارجى قبيح وصفات داخلية حسنة فى أواخر العصور الوسطى فى باريس ، يتم اختيار” كوازيمودو” ليكون زعيم المهرجين فى احتفال سنوى يسمى “احتفال المهرجين” وهذا ما لم يرده سيده، حيث أراده أن يقضى بقية عمره فى الكنيسة وألا يظهر أمام الناس بسبب مظهره السيئ ولكى لا يرعب الناس، كانت الفتاة الغجرية ” أزميرالدا ” من الشخصيات المهمة فى احتفال المهرجين واكتسبت إعجاب الناس برقصها وتغرى ملاحقيها ومنهم فرولو. يفشل دوم فرولو بجذبها إليه فيحاول أن يمتلكها بالعنف والاغتصاب.
لقد وقع الأحدب في حب شابة جميلة محاولا التضحية بحياته عده مرات من أجلها، وبدا أنه حب رجل لامرأة وارتفع الكاتب بمستواه بالقدرة على التصوير، لكن الواقع أن الأحدب بعاهته والنكران والقمع الذين عانى منهما، وقع في حب دفء الجمال الإنسانى المحروم منه (والموجود أيضا بأعماقه الداخلية) جمال ظهر أمامه في صورة امرأة، عطفت عليه ولم تسخر من عاهته أو تشويه جسده، وليس مجرد حب رجل لامرأة. كان هدف تضحياته من أجلها إبقاء هذا الجمال الإنسانى في الحياة فلا يحرم الوجود منه، لقد أدرك (وهو الأحدب) أن فناء جسده القبيح يعنى استمرارية أعماقه الإنسانية الجميلة بالبقاء، لقد ظل أحدب نوتردام قابعا خلف جدران الكاتدرائية، منعزلا عن العالم، عاجزا عن أى اتصال خارجي، كرمز لعاهة تبعده عن العالم، وكاتهام لمجتمع يعزل العاهة ويخفيها ويحتقر الضعيف وينهش المحرومين، ومايتحكم في كل ذلك هو منظومة المجال الحاكمة، لقد تحول الأحدب إلى كيان منعدم وعاجز عن الفعل حتى تأتى الشرارة التي أنارت مابداخله المتمثلة في الجمال الإنسانى (المرأة) فيحدث التغير ويمتلك القدرة على تغير مجرى الأحداث، ويصبح مصير القوة في يد المتحكم فيهم، ويتفوق أحدب نوتردام على الجميع بأن يصبح أفضل منهم .
أما “أزميرالدا “فهى بنت امرأة فرنسية من رايمس، واسمها الحقيقي أجنيس. منذ طفولتها كانت فائقة الجمال. وفي يوم ما أتت مجموعة من الغجر إلى المدينة وسرقوا أزميرالدا واستبدلوها بكوازيمودو القبيح. كبرت الطفلة عندهم وتعلمت عاداتهم وتقاليدهم وطرقهم في المعيشة وسُميت “لا أزميرالدا”. اعتقدت أمها أن الغجر قد قتلوا طفلتها، صامت وصلت بقية حياتها كناسكة وتوقر فردة الحذاء الذي أضاعته ازميرالدا عندما اختطفت، فردة الحذاء الثانية حملتها أزميرالدا كميدالية صغيرة حول عنقها لاعتقادها أنها ستجد أمها يوما ما. قبل إعدام ازميرالدا بقليل تجتمع الأم بابنتها من جديد.
في باريس لاحق أزميرالدا أعداء الغجر الحاكمين. أزميرالدا بلغت السادسة عشرة وتعمل راقصة. شعرها أسود، طويل، مجعد وبشرتها سمراء اللون، عيناها سوداوتان وكبيرتان ورموشها طويلة. الكثير من الرجال أحبوها وخصيصا كوازيمودو ،وفرولو اللذان يعتقدان أن الفتاة لاتحبهما أو ربما تكرههما.
” دوم كلود فرولو ” أرشيدياكون فرولو خصم البطل في الرواية، ومع ذلك فهو لايجسد الشخصية الشريرة المثالية، يضحي ليعتني بأخيه الأصغر
أفلام سينمائية عن الرواية :
1923 أحدب نوتردام (والاس وورسلي، لون شاني)1939 أحدب نوتردام (وليام ديترل، تشارلز لوتن، مورين أوهارا)
1956 أحدب نوتردام (جين دلانوي، أنتوني كوين، جينا لولوبريجيدا)1982 أحدب نوتردام (مايكل تكنر، أنتوني هوبكينز، ديرك جاكوبي، جون جيلغود، ليسليان داون ،1996 أحدب نوترادام لشركة والت ديزني ،
1997 أحدب نوتردام (بيتر ميداك، ماندي باتينكين، ريتشارد هاريس، سلمى حايك، إدوارد أترتون، بنديك) ،1999 المسلسل السوري جواد الليل، وهو مقتبس عن القصة.
فيكتور هوجو فى سطور
فيكتور ماري هوغو ( فبراير 1802، مايو 1885) كان أديبا وشاعرا وروائيا فرنسيا، يُعتَبر من أبرز أدباء فرنسا في الحقبة الرومانسية، وترجمت أعماله إلى أغلب اللغات المنطوقة. وهوَ مشهورٌ في فرنسا باعتباره شاعِراً في المقام الأول ثُم راوٍ، وقد ألّف العديدَ من الدواوين لعلّ أشهرها ديوان تأملات وديوان أسطورة العصور . أمّا خارِج فرنسا، فهو مشهورٌ لكونِه كاتِب وراوٍ أكثر من كونه شاعِر، وأبرَز اعمالِه الروائية هي رواية البؤساء وأحدَب نوتردام. كما اشتَهر في حِقبَته بكونِه ناشطٌ اجتماعي حيث كانَ يدعو لإلغاء حُكم الإعدام. في كتابه الشهير كما كانَ مؤيّداً لنظام الجمهورية في الحُكم، وأعمالُه تَمَس القضايا الاجتماعية والسياسيّة في وقته.
وُلِد هوغو عام 1802 في بيزنسون، وتوفّي عن عُمرٍ يناهز الـ83 عام 1885، ودُفِن في مقبرة العظماء. واشتهر فكتور هوغو حول العالم، وقد تمّ تكريمُ ذكراه بعدّة طُرق، فمثلاً وُضِعت صورته على الفرنك الفرنسي، وقد اقتُبِست روايته البؤساء للعديد من الأعمال التلفزيونية والسينيمائية والغنائية والمسرحيّة.
أعماله :
كرومويل 1819 (مقدمة فقط) قصائد متنوعة 1822 قصائد (1823) هانز من أيسلندا (1823) قصائد جديدة (1824)
بوغ جارجال (1826) قصائد وأغنيات (1826)الشرقيون (1829) كرومويل (1827) آخر يوم لمحكوم عليه بالإعدام (1829)
إيرناني (1830)أحدب نوتردام (1831 ماريون دو لورم (1831)أوراق شجر الخريف (1831)الملك يتسلى (1823) )
أنجيلو، طاغية بادوا (1835) (نص كلامي لأوبرا كتبها بنفسه) (1836) ماري تيودور 1833)الأشعة والظلال (1840)
الأصوات الداخلية (1837)نهر الراين (1842)نابليون الصغير (1852) البؤساء (1862)أغاني الشارع والخشب (1865
العقوبات (1853الرجل الذي يضحك (1869) تاريخ جريمة ( جزآن فى 1877و1878 ) وليم شكسبير (مقال) (1864)
عمال البحر (1866)االعام الرهيب (1872) الشفقة الأسمى (1879)
وقد سكن فيكتور هوجو في عدة أماكن في فرنسا وفي باريس ولكن أشهر الأماكن هي ساحة فوج فيها يوجد منزله الذي تحول إلى متحف