علينا الاعتراف أننا في حاجة إلي الخيال حتي نتمكن من العيش في هذا العالم المملوء بالإحباطات.علينا الاعتراف أن الواقع ما عاد بشبعنا,ولا يلبي احتياجاتنا, وقدرتنا علي التعاطي معه صارت شبه معدومة,كل أنواع الإحباطات ألمت بنا, وما بين الغرق فيها وبين طلاب النجاة,رحلت أعيننا إلي الخيال, وحينما عدنا وجدنا المحرومين يبحثون عن خيال من نوع آخر, ليس الخيال السياسي الذي يحلم بالعيش في ظل نظم الديموقراطية العادلة,ولا الخيال الاجتماعي الذي يحلم بالمدينة الفاضلة,وإنما خيال المحرومين الذين لايجرؤون إلا علي الحلم بملء بطون ذويهم,وإطعامهم لينعسوا شبعي في أرض الجوع.
الشبع صار حلما يراود الناس في أخيلتهم,الشبع صار هدفا يسعي البعض لتحقيقه,وتدور عجلة النهار للحصول علي قوت اليوم, ونوم الليل, ولايأتي النوم لأن الخيال فاعل والأرق فاعل علي غد مجهول القوت. تلك هي حال من يترددون علينا, ويحلمون بالمساعدة,والذين لم نخصص اليوم حالة أحدهم لأن حلول الأعياد يضعنا دائما في مأزق العاجز, إلي أن يدق الله أبواب الرحمة العاملة في قلوب الناس.
العيد أصبح خارج أسوار الخيال, البعض طرده خارجها لأنه صار رفاهية لن يقوي عليها, لذلك نقرع آذانك ليلا قبل نهار الأعياد,اقرأ هذه السطور بمشاعرك بظروفك,بإمكانياتك,أطلق لخيالك العنان دعه ير من يخجلون من طلب العون, من يحتاجون إلي ألبان بشكل يومي عددهم خمس أسر,لديها أطفال معاقون ويعانون من ضمور تام في الجسد, والألبان غذاء يومي ليس لديهم القدرة علي شرائها.
أطلق خيالك دعه يري الذين جاءوا طيلة الأيام الماضية يتسولون المعايدات خمسمائه جنيه قد تسعد أسرة كاملة,دع خيالك يبحر في دنيا العوز التي يحيونها ويري كم جنيها يمكن أن تحتاجها أسرة مكونة من خمسة أفراد حتي يمر العيد بلا انكسار,أو حرمان,كم جنيها في كفة الميزان,وفي الكفة الأخري تستقر السعادة كم جنيها يحتاجها رب الأسرة حتي يطعم أسرته طعام العيد؟ كل السلع مفرومة تحت عجلة الغلاء كل النفوس في مفرمة الجنيه,الكل يلهث ربما يوفر شيئا فأطلق خيالك مع أولئك المطحونين.
أطلق خيالك مع المرضي الذين ليس لديهم من يسعد أبناءهم قبيل العيد, أو يشتري لأطفالهم ملابس جديدة,أطلق خيالك مع المستورين الذين لايمكنهكم الصراخ واللجوء لأحد أو التسول عبر كشوف البركة, الذين قد يكونون خداما سترهم الله فلا يمكن أن نكشف نحن سترهم,أطلق خيالك مع كل أولئك الذين ذكرناهم ربما تجد لديك ما تقدمه لهم قبل حلول العيد,ونحن معك وفي انتظارك نبحث معا عن لحظة سعادة نقدمها للمحرومين من كل أشكال السعادة.