الكنيسة البُطرسيّة دُرَّةٌ كنائس القاهرة وأشهرها جمالًا وهي أجمل الكنائس القبطية في العصر الحديث والتي لا مثيل لها من كثرة ونُدْرَةِ الزخارف والجداريات في كنائس أخرى.
وقد تم مؤخرًا الانتهاء من ترميم المرحلة الثانية والثالثة من جداريات الكنيسة البطرسية والتى تقع فى الناحية القبلية والشرقية والبحرية بالكنيسة، كذلك الهياكل، بقيادة المهندس ميشيل بطرس غالى، عن طريق فريق الترميم اليونانى المكون من المرمم “سوتروبولوجورجيا” والمرمم “ماتاراجاس يؤنس” والمرممة “ناتاشا شيهاف” وتحت اشراف ومعاونة الاستاذ الدكتور سامى صبرى عميد معهد الدرسات القبطية، والدكتور وديع بطرس، والاستاذ نبيل فاروق مدير مكتبة جمعية الاثار القبطية، والاستاذ الباحث خلف شحاتة ملاك.
والتقت “وطني” بأعضاء فريق الترميم الذي أطلعنا على ماتم مؤخرا من أعمال الترميم بالكنيسة.
في البداية قالت المرممة “ناتاشا شيهاف”:
“أعمال الترميم بالكنيسة قسمت لخمس مراحل؛ ففي المرحلة الأولى كانت هناك مشاكل كبيرة ناتجة عن شدة الانفجار الذي حدث بالكنيسة في يوم الأحد 11ديسمبر2016م،
والذي خلف وراءة شروخات كبيرة وأتربة وحفر نتيجة للشظيات التي اخترقت الحوائط والأعمدة، هذا بخلاف المياه التى كانت تتساقط من السقف والتى ادت الى وجود طبقات بيضاء من الاملاح، تم معالجتها بمواد خاصة مجهزة لذلك. كذلك الشروخات تم حقنها بمادة مخصوصة وايضا الالوان تم تثبيتها ومعالجتها قبل ترميم الحوائط بكاملها، وايضا الاعمدة تم معالجة اثار الانفجار الواضحة عليها مع ترك عمود واحد لم يرمم ليكون شاهد على هذا العمل الغادر الذي تعرضت له الكنيسة.
“وفى المرحلة الثانية والثالثة قمنا بتثبيت الجداريات كما هى ثم تم معالجة الألوان القديمة وتنظيفها وتثبيتها، ومن المعلوم أنه في المبانى الأثرية القديمة والتي يزيد عمرها عن الالف عام عندما يحدث فيها أي تعدى، تترك كما هى ولكن فى هذه الكنيسة فالمبنى لم يتجاوز المائة وخمسون عام لذلك تم معالجته وترميمه.
وقد رممنا وعالجنا حتى الآن حوالي 45 ايقونة فى جداريات الكنيسة بعد عمل الدرسات اللازمة لمبنى الكنيسة وطريقة الترميم وتحديد نوع زيوت الرسومات المطابقة للرسومات الاصلية، هذا بعد موافقة ادارة الكنيسة برئاسة المهندس واصف بطرس غالي”.
المشاكل التي واجهت عمليات الترميم بالكنيسة
وعن المشاكل التي قابلت فريق الترميم, أضافت “ناتاشا شيهاف” بعد نصب السقالات اتضحت المشاكل بصورة كبيرة فشاهدنا عن قرب طبقات من الاملاح وشروخ دقيقة وأشياء أخرى لم تكن موجودة فى الدراسات المبدائية تم أيضا معالجتها وإصلاحها وترميمها.
“ومن أكبر المشاكل التى قابلتنا معظم الألوان لم تكن ثابتة على الرسومات ويمكن إزالتها باليد “بتدوب وتتفتت” وهذا طبعا لم يكن واضح فى المعاينة الأولية، كذلك كانت هناك ترميمات سابقة خاطئة كانت ألوانها غير ثابتة على الحوائط والجداريات وكان لابد من وضع مادة تثبت الألوان على الحوائط ثم بعد ذلك تم ترميم الألوان.”
وعن ترميم أهم أيقونة في الكنيسة
قال المرمم “ماتاراجاس يؤنس” هي أيقونة موجودة بالجدار الجنوبي الشمالي داخل مذبح السيدة العذراء عبارة عن لوحة جدارية فريدة من نوعها للسيدة صفا زوجة بطرس غالي باشا تقدم الكنيسة هدية ويقف بجانبها ملاك.
جدارية لها معنى كبير فى الكنيسة ولكن كان يعلوها الاتربة وصناج الشموع وبعض الشروخات وتم ترميمها وتثبيت الوانها لتظهر بصورة جيدة وجميلة.
وعن المرحلة الرابعة والخامسة والتى ستشمل الجمالونات فوق الاعمدة ووسط الكنيسة فلم يحدد حتى الان متى سنبدء في أعمال الترميم فيها.
ويضيف الباحث خلف شحاتة ملك عن أعمال ترميم الكنيسة من الناحية البحثية
من المعروف أن الكنيسة تعرضت لحادث أليم وقع يوم الأحد 11ديسمبر2016م، وأودى بحياة الكثيرين من أبناء الكنيسة وتسبب في عاهات مستديمة للعديد منهم وأثر على المبنى والجداريات والاعمدة ، وقامت الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة بالاتفاق مع البطريركية وإدارة الكنيسة الممثلة في ميشيل واصف بك بطرس غالى بترميم سقف الكنيسة والمقاعد والابواب الخشبية بتاريخ 15ديسمبر وانهت العمل بها يوم 31 ديسمبر 2016م.
أما العوامل التي أدت إلى تلف الجداريات فهي
عوامل طبيعية: ننتجه الرطوبة المتواجدة بكثرة نتيجة المياه الجوفية وقد أثرت على الجداريات وقد تسببت في فقد بعض الألوان
وجود شروخ بالجداريات أدت إلى ترسب أملاح فوق طبقة الجداريات وتريحات في المباني من أحداث الزلازل .
عوامل بشرية: نتيجة الانفجار ادت الى تراكم طبقات سودا مع تشويه للأعمدة والجداريات مما نتج عن ذلك من تاثيرات شديدة الخطورة علي مباني الكنيسة من ثقوب بالحوائط والجداريات والاعمدة والاسقف
أولا: ترميم الأعمدة : ترجع الأعمدة الرخامية إلى مدينة كراره بإيطاليا وقد تأثرت حادث الانفجار حيث ادي إلى ثقوب وتفتيت بعض أجزاء الأعمدة وتراكم بعض المواد عليه.
لذا تم تنظيف الأعمدة من التراكمات السطحية التي عليها وتم تنطيف الشوائب المتبقية من الحادث وتم معالجتها لكى تصبح على الأقرب لما كانت علية
ثانيا: ترميم الجداريات الإنشائية فقد تم تكملة الاجزاء المدمرة والثقوب الناتجة عن الانفجار باستخدام مواد إنشائية (مواد بناء)
ثالثا: ترميم الجداريات الفنية حيث تم تنظيف الجداريات من الأتربة الناتجة من عوامل الانفجار ورد الأجزاء الايلة الى السقوط الى مكانها بواسطة مواد مثبته مصرح بها ومحافظة
كما تم تثبيت الألوان القابلة للسقوط و استكمال الأجزاء الناقصة من الجداريات بتقنية علية لتصبح كما كانت عليه باستخدام درجة الألوان المناسبة للجداريات.
وعن تاريخ الكنيسة يقول الأستاذ نبيل فاروق مدير مكتبة جمعية الآثار القبطية:
أنشأت الكنيسة البطرسية على اسم الرسولين بطرس وبولس, وقد تولت عائلة بطرس باشا غالي ارملته السيّدة صفا خليل وانجاله نجيب باشا وواصف باشا ويوسف باشا وكريمته السيّدة جليلة بناءها على نفقتهم الخاصة فوق ضريحه عام 1911، وقد انتهت أعمال البناء في يوم الأربعاء 12 أمشير سنة 1628 للشهداء 21 فبراير 1912م، أي عامين من بعد وفاة بطرس باشا وفي ذلك اليوم قام قداسة البابا كيرلس الخامس البطريرك 112(1874-1927) بتكريس الكنيسة وقد حضرة مندوب الخديو عباس حلمي وكبار رجال الدولة
أوقفت الأسرة واحد وسبعين من الأطيان الزراعية لأدارة الكنيسة اقيمت الكنيسة على قطعة من الأرض الكائنة على ناصية شارع رمسيس ( وقتئذ شارع عباس) وعند مدخل مدافن الأنبا رويس. في عام 1922 قام نظار الوقف (العائلة) بشراء قطعة أرض غرب الكنيسة لحساب الوقف مساحتها 3000م تقريبًا بواجهه طولها 60 مترا على شارع رمسيس وذلك لضمان عدم اقامة عمارات قرب الكنيسة حفاظًا لرونقها.
مهندس الكنيسة
وضع تصميم المباني المهندس المعماري الايطالية الجنسية أنطوان لاشاك بك (1856-1946) كبير مهندسي السرايات الخديوية في عصر الخديو عباس حلمي الثاني. وهو الذي وضع تصميم البناء المعماري لبنك مصر وبعص المباني بالقاهرة والإسكندرية
بنيت الكنيسة بالحجر المنحوت من أساسها إلى قمة أبراجها (المنائر) على الطراز البازيليكي مثل كنائس الأقباط في القرون الأولي ويبلغ طول الكنيسة 28 مترًا وعرضها 17 مترًا وهي مساحة مسطيلة الشكل قُسمت إلى ثلاثة اروقة، وبها صفان من الأعمدة الرخامية يقسمانها إلى ثلاثة أقسام، وغُطيت بأسقف جمالونية من الخشب المغطي بالقراميد. وقد كان للكنيسة عند انشائها تسعة ابواب، ثلاثة في كل من الواجهات الغربية والقبلية والبحرية.
رسام الكنيسة
في عام 1924 قامت الاسرة بعمل مسابقة بين فنانين تشكيليين عالمين لتصميم زخرفة حوائط الكنيسة الداخلية. وقد فاز البروفيسور ﭘـريمو ﭘـانشيرولي (1875- 1946) الايطالي الجنيسية بالجائرة الأولي. وتمت اعمال الزخرفة بأشراف مرقس باشا سميكة مؤسسة المتحف القبطي (1864-1944) ويوسف غالي بك ناظري الكنيسة وذلك في 1933.
وتم تزيين الكنيسة بالجداريات ( الرسم على الحوائط) التي تصور حياة يسوع ورسله وعدد من القديسين على الجدران فوق الأعمدة والشمال والجنوب والأجزاء العليا من المدخل والمذبح