الأصنام لا تنحني (2)
الأصنام لا تنحني، بل تظل واقفة في صمت وثبات، لا تنحني حتى مع هبوب العواصف، وهطول المطر، لا تنحني حتى وسط السيول، وهياج الأعاصير، لكنها تنكسر حينما ترتطم بالأرض، بالواقع، بالضمائر المهزومة من الداخل، بالحوج، والأيادي الممدودة دون مجيب، تنكسر حينما تخسر جميع جولاتها في معركة الأمل، هذا هو ما حدث مع رضا.
رضا التي كتبنا عنها منذ سنوات، وأعدنا الكتابة منذ شهور، نكتب مرة ثالثة الآن، رضا التي تحاول الحفاظ على ثلاثة أبناء 19 سنة، و 16سنة، وأربع سنوات، تحميهم بغريزة الأمومة تحوطهم برعايتها، رفعت رضا الجدعة سورًا بين سلوك أبيهم وبينهم, مدت جسرًا يصل من بيتها إلى السماء، فترعرع الثلاثة داخل الكنيسة، التي تساعدهم قدر استطاعتها، في ظل ظروف مادية قاسية، وأم تعمل في بيع المكرونة أمام المدارس في حي شعبي فقير، فتبيع كيس المكرونة بجنيه، وأب في حالة مرعبة، صاحب كيف، مدمن وضع الجميع في قفص الاتهام، فصاروا ملعونين، منبوذين، مهزومين أمام الجيران و الأقارب، بسبب لعنة الكيف التي أصابت رب أسرتهم.
جاءت رضا الأسبوع الماضي, تبكي بعدما ضاق الحال بها، وتقول: مش لاقية كلام أقوله، بس ماعنديش أي فلوس، أصرف علي العيال، ولد رايح الحضانة بعد شهرين، والتاني في أولي ثانوي صنايع، والتالت خلص الدبلوم وداخل الجيش راح قدم ورقه، إللي بيقدر منهم ينزل يشتغل شوية باليومية بيشتغل، لكن مش ملاحقين، الدنيا غالية، وزاد و غطي لما جوزي اتسجن.
قاطعتها في صدمة: اتسجن إزاي؟ آخر مرة كان عامل مشكلة وضربك، إيه الجديد؟.
أجابت باكية: بعد ما فشلنا في علاجه في المستشفي، في يوم كان هايموت بعد جرعة هيروين، بكي ولطم على خدوده, وقال لي: عالجيني، أنا عايز أخف، صعب علي وصدقته، وحاولت علاجه - ده لسة ماكملش أربعين سنة خسارة شبابه وولاده - جبت له العلاج في البيت وكانت الكنيسة بتدفع تمنه، لكن مافيش فايدة، كان بيخلينا ننام ويخرج ويشم، واشتغل في الهيروين المطبوخ، ومانفعش معاه أي علاج، وأنا عايزة أجري علي أكل عيشي مع العيال، وفي نفس الوقت خايفة يتعلموا منه حاجة وحشة.
احترت وتعبت, وفي يوم لقيت ناس بتكلمني، وتقول لي: جوزك في القسم، جريت علي هناك لقيته ممسوك في قضية اتجار وتعاطي هيروين، كان راكب توك توك ومعاه واحدة معاها 3 جرام، وبعدها اعترف أنه بيتعاطي علشان مايلبسش قضية الاتجار لأن صاحبة الجرامات أنكرت.
وفعلا اتحول الموضوع لقضية، واتحكم عليه بسنة سجن وعشرة آلاف جنيه غرامة، وهايشتغل بيها تلات شهور لأنه طبعا مش هايدفع، يعني هايتسجن سنة وتلات شهور، مر منهم تلات شهور، واتحول لسجن طنطا، أنا باروح له مش هاسيبه، لأن المسيح قال: كنت محبوسا فزرتموني، أنا مش هاسيبه، مش علشانه لكن علشان ربنا، ويمكن يطلع من السجن متعالج, مين عارف؟.
تلألأت الدموع في عيني رضا، وتعبيرات وجهها حائرة ما بين الفرحة أنه ابتعد عنها وأتقت شر إدمانه، والخوف منه، وما بين العار الذي يلحق بالأبناء الثلاثة، والمستقبل المظلم الذي ينتظرها في الطواف على السجون.. تذكرت كلامها في المرة الأخيرة لما قالت: ساعات بأكون برة البيت أدخل ألاقيه مرمي على الأرض قاطع النفس، مغرب عينيه، أخاف ألمسه أو أفوقه، يكون مات، أخاف أرش عليه مية، ولا أنادي حد من الجيران، بأخاف من كل حاجة، لما الخوف عشش في قلبي وخلاني زي الصنم مش بانحني بس سهل جدا أني أنكسر، ساعات بأخاف يدبح حد فينا لكن هاعمل إيه؟.
لحظة إفاقة صدمتني علي صوت ابنها الصغير يقول: بابا في السجن.. بابا في السجن، يا إلهي كل هذه البراءة التي لا تعلم معني كلمة سجن حتى تتغني بها، الآن متروكة لنهش الفقر والمرور علي أقسام الشرطة، والسجون، رضا ليس لديها أهل لتترك الولد معهم حينما تذهب لتقوم بواجبها نحو زوجها، فالجميع قاطعوها بسبب المدمن، والأبناء يتوارون عن أعين الجيران.
جاءت رضا تطلب عوناً شهرياً حتي تتمكن من سداد احتياجات الطفل الصغير، والإيجار، لأن عمل الولد الأوسط لا يكفي لسد كل الحاجات، جاءت تطلب عونا قبل حلول العيد، حتي تذهب بزيارة لزوجها لأنها مؤمنة تماما أنها حينما تزوجته كان سليماً، وهذا الإدمان ما هو إلا صليب عليها حمله، واثقة أن الله سيضع يداه ليشفيه في الوقت المناسب, أما هي فلن تتخلي طالما تملك الصحة والأمل في دفع زوجها للشفاء حتي لو كان سجينا، فقد تم سجنه ثلاث مرات، وتلك هي الرابعة.. وبعيدا عن فلسفة علاج المدمنين وأسباب إدمانهم، نحن لا نخضع إلا لفلسفة الرحمة التي تركع للإنسانية مهما كان الإنسان مخطئا.
أعياد القيامة
اقترب عيدا القيامة وشم النسيم، واقترب حلول موسم الصيف، ولدينا العديد من العائلات التي تنتظر حلول العيد حتي تسعد ذويها، لدينا من يعتمدون كليا علي مساعدة “افتح قلبك”, وليس لديهم باب آخر يلجأون إليه, لدينا صغار ينتظرون الألبان نستوجين وان ولدينا صغار ينتظرون لبن بودرة يعيشون على شرابه بسبب إعاقتهم الجسدية الشديدة فلا يتناولون سوي الألبان والسوائل.. لدينا التزامات ضخمة، بركة كبيرة إن تمكنا من سداداها ومرعبة إن لم نتمكن.
ايد الحب
أمتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
7000 جنيه علي روح المرحوم جون الفونس
150 جنيه من يدك وأعطيناك
150 جنيه جنيه من يدك وأعطيناك
200 جنيه من يدك وأعطيناك
3000 جنيه من يدك وأعطيناك
300 جنيه جوي هاني
1200 جنيه من يدك وأعطيناك
1000 جنيه من يدك وأعطيناك
2000 طالب شفاعة البابا كيرلس بأسيوط
بقية إيد الحب
1200 جنيه طالب شفاعة القديس ابسخريون القليني وأبونا عبد المسيح المناهري وشهداء ليبيا
600 جنيه طالب شفاعة الأنبا توماس السائح
600جنيه طالب شفاعة أبونا فلتاؤس السرياني
200جنيه من يدك وأعطيناك بالعريش
500 جنيه أوجيني جرجس بنها
500 جنيه بالمجمع الحكومي-البحيرة
1000 جنيه من يدك وأعطيناك-المنيا
1000 جنيه القوصية-أسيوط
1000 جنيه طالبة شفاعة الأنبا مقار-رد الضالين يارب
2000 جنيه من يدك واعطيناك-أسوان
2000 جنيه من يدك وأعطيناك-مكتب القيثارية بأسوان
2000 جنيه الراعي الصالح منه وإليه
5000 جنيه طالبة شفاعة العذراء والبابا كيرلس
300جنيه طالبين شفاعة السيدة العذراء مريم
تواصلوا معنا عبر المحمول – 01224003151
تليفون أرضي بجريدة وطني 0223927201
البريد الالكتروني: [email protected]
البريد: مؤسسة وطني للطباعة والنشر – باب افتح قلبك ، 27 ش عبد الخالق ثروت، القاهرة