البداية
(لوقا14:25-30)
وكان جموع كثيرة سائرين معه, فالتفت وقال لهم: إن كان أحد يأتي إلي ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته, حتي نفسه أيضا, فلا يقدر أن يكون لي تلميذا. ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذا. ومن منكم وهو يريد أن يبني برجا لا يجلس أولا ويحسب النفقة, هل عنده ما يلزم لكماله؟ لئلا يضع الأساس ولا يقدر أن يكمل, فيبتدئ جميع الناظرين يهزأون به, قائلين: هذا الإنسان ابتدأ يبني ولم يقدر أن يكمل
والمجد لله دائما
في زمن الرسل كان المسيحيون يدعون أتباع الطريق (الذين يتبعون طريقة حياة الرب يسوع وتعاليمه), وكان الإيمان واحدا في كل كنائس العالم حتي ظهر أريوس الهرطوقي في الإسكندرية, الذي نادي بأن المسيح ليس هو الله, وهو مخلوق, وليس أزليا مع الآب, وغير مساو للآب في الجوهر.
لذا اجتمع مجمع في مدينة نيقية عام 325م, بأمر الملك قسطنطين, ويعتبر هذا هو أول مجمع مسكوني في تاريخ المسيحية, حيث اجتمع فيه قادة من الكنيسة المسيحية شرقا وغربا (318 من القادة), وناقشوا أريوس, وأفهموه ضلاله, ولما لم يرجع عن رأيه, حرموه هو ومن يشاركه رأيه واعتقاده. ثم وضعوا دستور الإيمان المسيحي, وهو: بالحقيقةنؤمن بإله واحد..
بعد حوالي خمسين سنة أو أكثر قليلا ظهرت بدعة أخري, وهي بدعة مقدونيوس, وكان يعلم بأن الروح القدس ليس هو الله, فاجتمع آباء من الكنائس المسيحية شرقا وغربا (150 من الآباء) في القسطنطينية (عام 381م) وهذا هو المجمع المسكوني الثاني, وأكملوا وضع قانون الإيمان. فالجزء الأول الذي وضع في نيقية كان قد انتهي عند عبارة: الذي ليس لملكه انقضاء. فأكملوا في القسطنطينية قانون الإيمان: نعم نؤمن بالروح القدس, الرب المحيي.. وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي. آمين.
أما المجمع المسكوني الثالث فعقد في أفسس سنة 431م, لما ظهر هرطوقي يدعي نسطور, الذي نادي بأن العذراء مريم لم تلد إلها متجسدا, بل ولدت إنسانا فقط, ورفض تسميتها باسم الثيئوطوكوس أي والدة الإله, ونادي بعدم وجود اتحاد بين اللاهوت والناسوت, وبأن العلاقة بينهما كانت مجرد اتصال أو مصاحبة. وقد تصدي له البابا كيرلس عمود الدين, وتم مناقشة الموضوع بحضور 200 أسقف, وأظهروا ضلال تعاليم نسطور وحرموه, ووضعوا ما نسميه مقدمة قانون الإيمان (نعظمك يا أم النور الحقيقي…).
اكتمل قانون الإيمان ومقدمته, وصار القانون ومقدمته إعلان حب.
لذا أريد أن تعرف أن قانون الإيمان هو بالحقيقة السمكة الأولي في هذه الخبزات الخمس والسمكتين, فقانون الإيمان نعتبره الخلاصة السريعة عن الإيمان المسيحي, فهو يتكلم عن لاهوت الله: الآب, والابن, والروح القدس, ويشرح كل أقنوم باختصار.
كل كلمة في القانون ذات أهمية شديدة.
عن لاهوت الله الآب يقول: الله الآب ضابط الكل, خالق السماء والأرض, ما يري وما لا يري.
وعن لاهوت الابن يقول: نؤمن برب واحد, يسوع المسيح ابن الله الوحيد, المولود من الآب قبل كل الدهور, نور من نور, إله حق من إله حق, مولود غير مخلوق, مساو للآب في الجوهر, الذي به كان كل شيء…
وعن لاهوت الروح القدس يقول: نعم نؤمن بالروح القدس, الرب المحيي (يعطي الحياة) المنبثق من الآب, نسجد له ونمجده مع الآب والابن, الناطق في الأنبياء.
ثم يتكلم عن سمات الكنيسة الواحدة المقدسة الجامعة الرسولية, ويتكلم عن المعمودية ومغفرة الخطايا.
لقد اعتبر آباء الكنيسة الأولي أن السيد المسيح هو السمكة الكبري, وأما المؤمنون فهم السمك الذي يعيش مع السيد المسيح وفيه. فيقول العلامة ترتليان: نحن السمك الصغير بحسب سمكتنا الكبيرة ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح قد ولدنا في الماء.
ثم في قانون الإيمان يتحدث عن عقيدة قيامة الأموات, وفي النهاية يتحدث عن عقيدة الحياة الأخري والدهر الآتي.
وأيضا في قانون الإيمان نتذكر الآباء الذين تعبوا في مواجهة هذه الهرطقات, فمثلا في مجمع نيقية ظهر فيه وبرع نجم الشماس أثناسيوس الذي رسم كاهنا وصار فيما بعد بطريرك الكنيسة رقم (20), والقديس أثناسيوس الرسولي دافع عن الإيمان المستقيم, ووضع كتبا كثيرة منها كتاب: تجسد الكلمة, وكتاب ضد الوثنيين, ومقالات ورسائل أخري كثيرة.
هذا القديس عاش عمرا طويلا في النفي, فنفي 5 مرات وتحمل أتعابا كثيرة, وكل هذا من أجل إيمانه, وكلنا نعرف أنه صاحب العبارة الشهيرة: أنا ضد العالم. وهذا لأن المسيح يسكن في قلبه فاستطاع أن يقول هذا, فأنت تتذكر الآباء الذين تحملوا الكثير لكي يحفظوا لنا هذا الإيمان القويم, وهذا القانون له ثمن غال, لذا لقب القديس أثناسيوس البطريرك العظيم باسم حامي الإيمان القويم.
إذا عندما تتلو قانون الإيمان ينبغي أن تعرف أنه: صلاة, وشكر لنقاوة الإيمان. وعندما تقرأ نصوص من الكتاب المقدس تجعل كلمة الله الحلوة والشهية في فمك, وكلمة الله دائما مصدر غذاء وعزاء للإنسان, وعندما نقف لنقول قانون الإيمان نقوله هكذا: بالحقيقة نؤمن بإله واحد.. وهذا حتي لا يفكر أحد في أي شيء آخر.
فالمسيحية تؤمن بإله واحد, والآيات في الكتاب المقدس كثيرة جدا:
في العهد القديم نجد في (تث6:4) اسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا رب واحد, وفي نفس السفر يقول: أنا أنا هو وليس إله معي (تث32: 39), وفي سفر إشعياء يقول: أنا الأول وأنا الآخر, ولا إله غيري (إش44:6), وهذا تفسير عبارة: بالحقيقة نؤمن بإله واحد.