بالطبع، مصر ظلت وستظل تمثل للأتراك كل العقد وليس عقدة وحيدة، فهي الدولة التي يحتسب عمرها بعمر هذا الكون، بينما تركيا بلا تاريخ، ووطن بالتبني، فاقد الهوية، وغيرت جلدها أكثر من مرة، بالشكل العربي تارة، ثم استبدلته بالشكل اللاتيني تارة أخرى، وأخيرا إلى الشكل الأوروبي.
ووضح الدكتور جمال حمدان رؤيته واستطاع التوصل إلى توصيف علمي موثق للدولة التركية، في كتاب صدر عام 1967 أي منذ ما يقرب من 52 عاما، حتى لايخرج البعض ليؤكد أن سبب هذا التوصيف لوريثة الدولة العثمانية، الأن يأتي في ظل احتضانها جماعة الأخوان، وحلفائها وكل اعداء مصر…!!
أيضا جيش مصر العظيم يمثل أبرز العقد للأتراك، فقد أعطى دروسا قوية في الفنون العسكرية للجيش التركي، وسحقه أكثر من مرة في معارك ضروس، والبداية كانت عندما اندلعت ثورة ضد الحكم العثماني عام 1824 وطلب حينذاك السلطان العثماني من محمد على التدخل لإخماد تلك الثورة التي انطلقت شرارتها في الحجاز واليونان، وأسدى له وعدا أنه في حالة نجاحه سيمنحه حكم الشام، وافق محمد علي، ودفع بجيش مصر تحت قيادة ابنه إبراهيم باشا للقضاء على الثورة عام 1824، وبالفعل نجح في ذلك، لكن السلطان العثماني تنصل من وعده، ومنحه جزيرة كريت فقط، فقرر محمد على أن يستولى على حكم الشام بالقوة، زحف جيش مصر على الشام عام 1831 وبالفعل حاصر عكا، المحصنة بأسوارها العالية، ونجح في احتلالها، وسيطر على فلسطين، ثم دمشق، ثم التقى الجيش العثماني من جديد عند «حمص» ولقنه درسا قويا، واستولى على حمص وباقي المدن السورية.
ولن ينسى الأتراك أيضا ما فعله الجيش المصري بأجداده العثمانيين عام 1839 في معركة «نصيبان»، عندما لقن الجيش المصري نظيره الجيش التركي «علقة» ساخنة، مستخدما قوته المفرطة، وتسرد بعض الروايات التاريخية أن الجيش المصري أفنى كل الجيش العثماني في تلك المعركة، وأسروا ما يقرب من 15 ألف جندي وضابط، واستولوا على كل الأسلحة والمؤن، وعندما بلغ السلطان العثماني أمر الهزيمة المنكرة وفناء جيشه مات حزنا، ولم يكتفِ الجيش المصري بسحق الجيش العثماني، وإنما حاصر إسطنبول، واستسلم الأسطول التركي لمصر في الإسكندرية، وأصبحت الدولة العثمانية بلا سلطان أو جيش أو حتى أسطول، ولولا التدخل الأوروبي، لكانت تركيا من بين ممتلكات مصر..!!
تركيا، وطن بالتبني يفتقد كل القيم الحضارية والمكونات الأخلاقية، وإذن.. كيف نطلب من رجب طيب أردوغان ونظامه وحزبه أن يتدثر بالقيم الأخلاقية في تعامله السياسي مع الدول ومنها مصر؟! بالطبع، فاقد الشىء لا يعطيه!!
ولك الله ثم جيش قوي وشعب صبور يا مصر…!!!