عندما شاهدت فيلم “افتنان بوهيمي” حتى قبل حصول رامي مالك عنه على الأوسكار.. أعجبت بأداء رامي الرائع الذي تنسي معه تماماً الممثل، وتعايش فقط الشخصية الثرية التي يقدمها بضعفاتها وآلامها ونجاحاتها المبهرة في ذات الوقت.. الفنان الأسطورة ” فريدي ميركوري” أشهر فناني موسيقي الروك بالعالم.
إن كثيرين منا مازالوا يتذكرون مقطع الأغنية الشهير (we will rock you ) .. إحدى الإبداعات الموسيقية والكلامية التي كتبها الفنان العالمي (فريدي ميركيوري).. والتي تُقدم ضمن أحداث قصه الفيلم الدرامي الموسيقي Bohemian Rhapsody “افتتان بوهيمي” عن السيرة الذاتية لحياة الفنان “فريدي ميركوري” .. وكيف كان حالة إنسانية خاصة .. إذ جمع بين النجاح المهني الباهر .. والعجز عن تكوين أسرة طبيعية في نفس الوقت.. فتحول إلى إنسان ممزق نفسياً.. منحرف جنسياً في علاقاته.. إلى أن أصيب بمرض الايدز، وتوفي عام 1991 بلندن.
# لمحة عن قصة الفيلم
يبدأ الفيلم بالنهاية .. (رامي مالك) أو “فريدي ميركوري” يصعد الى حفل مهيب يغني أمام آلاف حاشدة من الجماهير، يهتم المخرج بكافه التفاصيل لموضة هذا العصر في السبعينات.. شعر هيبز طويل.. خواتم عديده.. جنزير كحلية بالكتف من نفس نوع الحزام..
وقد برع الفنان (فريدي) في الغناء والعزف وكتابة الأغاني ، وأهمها أغنية (Bohemian Rhapsody) التي كتبها وغنتها فرقة (Queen) الإنجليزية لموسيقى الروك، والتي التحق فريدي كعضو بها عندما كانت فرقة صغيرة تغني بالنوادي الليلة ، ونجح أن يحلق بالفرقة إلى سماوات النجاح ، واستطاع “فريدي” أن يبرز فيها بغنائه وكتابة الأغاني وعزفه على البيانو، وأصبح أشهر مطربي الروك بالعالم .. وقد اختار للفرقة اسم كوين أو “ملكة” (Queen) ويتعجب من حوله للاسم .. لكنه يجيب.. لأنها أعلى شيء في الحياه.. هي الأرقى و الأميز..! لكن التعجب يزول بعدها .. إذ تبدو كل ميوله نسائية.. في اختيار الملابس أو الاكسسوارات التي يرتديها بالحفلات .. طريقته في الحديث .. مشيته.. علاوة على اختياره لاسم الفرقة ذاتها …
وتبدأ رحلة من النجاح الصاعد للفرقة على مستوى العالم .. يتخللها خلافات أحياناً مع أعضاءها من زملائه.. حول طريقة الأداء أو نوعية الأغاني .. ولكن “فريدي” كان دائماً متمسكاً برؤيته بشكل قاسي أحياناً في رفض مقترحاتهم.. ولكنه في المقابل كان يقودهم من نجاح إلى نجاح أكبر.
ويوثق الفيلم أيضاً أحداث السنوات التي قادت فرقة Queen لظهورها الأسطوري بالحفلة الموسيقية التابعة لإذاعة (Live Aid) عام 1985 .. والتي بدأ وانتهي بها الفيلم .. وفيها غنى “فريدي” أغنيته الشهيرة التي يحمل الفيلم اسمها ، والتي رفض المنتج وقتها انتاجها متوقعاً لها فشلاً ذريعاً .. ولكن فريدي قسمها لأربعة أجزاء ونجحت نجاحاً مدوياً .. لما كان يملكه “فريدي” من كاريزما وحضور طاغي كانا يجعلان الجمهور يتفاعل معه بأي مكان .
# لماذا أصبح مثلي الجنس؟
في حوار إعلامي معه.. ينفي فريدي فيه أنه من باكستان .. لقطة بعدها للأم بجلباب أشبه باللبس الباكستاني.. حيث عُرف عن “ميركوري” أنه قد عاش فترة منكراً ورافضاً لأصوله التي يقال أنها تعود إلى مدينة زنجبار في “تنزانيا”.
حوار آخر مع والد “ميركوري” يعطي لمحة عن مدى تمرد شخصية “فريدي” على ثوابت العائلة .. .. يقول له الأب .. “فاروق” اهتم بمذاكرتك.. يجيبه الابن غير مكترثاً.. اسمي “فريدي”.. ثم .. إلى اي مدى وصلت بك المذاكرة؟ .. (“فاروق بولسارا” Farrokh Bulsara هو الاسم الحقيقي لفريدي ميركوري )
تُرى هل يمكن أنه كان في نشأة “فريدي” المحافظة المنغلقة .. ما جعله يتمرد حتى على العلاقات العاطفية الطبيعية مع أبيه وأمه .. أم أنه أحد هؤلاء المرضى غير المحظوظين الذين حووا بداخلهم كل من الجهاز التناسلي للمرأة والرجل بآن واحد .. ولم يكتشف هذا بوقته .. الفيلم لا يجيب عن سر انحرافه جنسياً ..
ولكن الفيلم نجح في خلق التعاطف مع هذه الشخصية السوبر ناجحة فنياً .. والمدمرة وجدانياً ونفسياً في نفس الوقت.. حتى أن فريدي كان بقمة الأسى بلحظات مصيرية لأنه كان عاجزاً عن إصلاح نفسه .. لدرجة بكائه ونحيبه الداخلي العميق.. الذي عبر عنه “رامي” بصدق وبراعة شديدة .. خاصة مع تواق البطل “فريدي” للحياة الطبيعية.. وإلى علاقة حقيقية مع الجميلة “ماري” التي أحبها وأحبته بكل عمق وصدق.
# الفيلم مليء بالمواقف الإنسانية المؤثرة
== موقف “ماري” صديقة “فريدي” التي سكنت بالقرب منه .. لتشاركه يومياً فعل بسيط بحسب طلبه .. وهو إيقاد الأباجورة وإطفائها عدة مرات ليلاً .. للرد على نفس الفعل من جانب فريدي حتى يشعر و يأتنس بوجودها بحياته .. حتى ولو من بعيد.. وهي التي أحبته بصدق .. فالتزمت بتعضيده إنسانيا .. بعد أن تأكدت أنه لا يستطيع أن يعاشرها جسدياً كزوج وحبيب.
== وهناك موقف زملاء وأصدقاء فرقته .. الذين حتى بعد أن باعهم لفترة قصيرة من الزمن .. ليعمل بشكل بمفرده مقابل 4 مليون دولار .. إلا أنه عندما عاد إليهم نادماً .. ليعملوا معا كفرقة “كوين” مرة أخرى.. قبلوه من جديد بينهم .. لعمق العلاقة التي تولدت بينهم كأسرة مترابطة .. وليس مجرد فرقة .. بل وأنهم بالأكثر عضدوه إنسانياً .. عندما انهارت عليه الأسئلة الصحفية حول نقطة واحدة.. كادت تدمره بعد نجاح .. وهى أنه شاذ وعلى علاقة بالرجال .. بعدها قدم المخرج مشهد أكثر من رائع .. لأعضاء الفرقة جميعاً يرتدون ملابس نسائية .. ويضعون المكياج .. استعداداً لحفل يقدمونه جميعهم بهذا الشكل .. تعضيداً لفريدي .. حتى ربما ينفون عنه صفة الانحراف.
# تعليق على أداء رامي مالك بالفيلم
قام مالك بعمل رائع لإعادة إحياء شخصية “ميركوري” _والذي يعني اسمه عطارد _ وكان جوهر الأداء معتمداً على توجه مالك المدروس بشكل مكثف وواعي جداً ، نحو التعبير عن الثراء الداخلي لآلام ميركوري ، وبخاصة وحدته و عزلنه حتى وهو في ذروة شهرته.
وبمشاهدة لقطات لشخصيات فرقة “كوين” الحقيقية التي عبر عنها الفيلم ، نستطيع أن نتبين بسهولة براعة الممثلين جميعاً وعلى رأسهم مالك في تجسيد فناني الفرقة ، بقيادة مخرج متميز اهتم بكل التفاصيل .
صدر فيلم Bohemian Rhapsody لأول مرة في 2 نوفمبر ، 2018 . وقد كتبه أنتوني مكارتن Anthony McCarten ،والفيلم من بطولة Rami Malek رامي مالك (Freddie Mercury ) ، Lucy Boynton لوسي بوينتون ( Mary Austin )، Gwilym Lee جويلم لي ( Brian May) ، Ben Hardy بين هاردي ( Roger Taylor )، Joseph Mazzello جوزيف مازيللو (John Deacon) ، والفيلم من إخراج Bryan Singer بريان سينجر .
تمكن فيلم “Bohemian Rhapsody” للمخرج براين سينجر، من حصد جائزة جولدن جلوب كأفضل فيلم سينمائي درامي وأيضاً جائزة أوسكار لرامي مالك كأفضل ممثل لعام2019 عن أدائه البارع بالفيلم.
== لينك حصول رامي مالك على الأوسكار وحديثه عن جذوره المصرية :
https://www.youtube.com/watch?v=iy4GL6RtVOk
== لينك لقطات من الفيلم: