أنا وغيري الكثير اعتقدنا ونحن نشاهد الفيلم الرائع جميلة أبو حيرد للفنانة الكبيرة ماجدة، أنها أعدمت في الواقع تنفيذا للحكم الذي أصدرته السلطات الفرنسية بإعدامها، إلا أن الكثير فوجئ بها فبراير العام الماضي تطل على مصر، تم تكريهما في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة، الذي يُنظم برعاية المجلس القومي للمرأة ووزارتي السياحة والثقافة وحمل اسم المناضلة الجزائرية التي سبق وتم تكريمها من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لتاريخها في النضال والكفاح ضد الاستعمار والبطولة والشجاعة في مواجهة المحتل، وعاشت سنوات في سجون المحتل ذاقت خلالها عذابا لا يحتمله البشر إلا أنها بقدر هذا العذاب بقدر ما حفرت اسمها في قلوب كل حر في العالم العربي والخارجي
أطلت المناضلة الكبيرة التي بلغت من العمر 84 عاما على الجماهير الرافضة للولاية الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مما أعطى زخما لدا الحراك الشعبي، حيث أنها قليلة الظهور بسبب تقدمها في السن، ويعتبر ظهور بوحيرد من أكثر ما تم تداوله عبر وكالات الأنباء المحلية والدولية وأيضا شبكات التواصل الاجتماعي.
جميلة أبو حيرد أيقونة النضال
تعتبر جميلة بوحيرد المرأة التي صفق لها العالم احترامًا وتقديرًا لدورها ضد الاستعمار الفرنسي في بلدها الجزائر، لتعد بذلك أبرز الشخصيات المناضلة في القرن العشرين، ومن النساء اللاتي ساهمن بشكل مباشر في الثورة الجزائرية.
تجدر الإشارة إلى أن جميلة بوحيرد انضمت إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية لمقاومة الاحتلال الفرنسي، وهي في العشرين من عمرها وعقب اندلاع الثورة الجزائرية العام 1954 ثم التحقت بصفوف “الفدائيين” وكانت أول المتطوعات مع جميلة بوعزة التي زرعت القنابل في طريق القوات الفرنسية.
وبسبب عملياتها البطولية، اعتبرها المستعمر الفرنسي المطاردة رقم 1، لحين إلقاء القبض عليها العام 1957، وأطلق سراحها بعد 3 سنوات من السجن والتعذيب.
جوائز جميلة بوحيرد
وحظيت جميلة بوحيرد بالتقدير على المستوى الجزائري والعربي، وحازت على العديد من الجوائز والأوسمة، وسمي أحد أحياء العاصمة العراقية بغداد باسمها (حي جميلة)، كما أنتجت السينما المصرية فيلما يحمل اسمها.
ومن المعروف أن جميلة بوحيرد قد ولدت عام 1935 ومن مواطن جزائري وأم تونسية وقد واصلت تعليمها المدرسي، ثم التحقت بمعهد للخياطة والتفصيل وتهوى تصميم الأزياء.
مارست الرقص الكلاسيكي وكانت ماهرة في ركوب الخيل وبدأت حياتها في النضال ضد الفرنسيين وهي في العشرين من عمرها وانضمت إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية للنضال ضد الاحتلال الفرنسي في عام 1954 ثم التحقت بصفوف الفدائيين.
كانت أول المتطوعات لزرع القنابل في طريق الاستعمار الفرنسي وأصبحت المطاردة رقم 1 وألقي القبض عليها عام 1957 أصيبت برصاصة في الكتف وألقي القبض عليها، لتبدأ رحلتها القاسية من التعذيب.
رسالة جميلة بوحيرد للاحتلال الفرنسي
أيها السادة، إنني أعلم أنكم ستحكمون علي بالإعدام، لأن أولئك الذين تخدمونهم يتشرفون لرؤية الدماء، ومع ذلك فأنا بريئة، ولقد استندتم في محاولتكم إدانتي إلى أقوال فتاه مريضة رفضتم عرضها على طبيب الأمراض العقلية بسبب مفهوم، وإلى محضر تحقيق وضعه البوليس ورجال المظلات وأخفيتم أصله الحقيقي إلى اليوم، والحقيقة إنني أحب بلدي وأريد له الحرية، ولهذا أؤيد كفاح جبهة التحرير الوطني، أنكم ستحكمون علي بالإعدام لهذا السبب وحده بعد أن عذبتموني، ولهذا السبب قتلتم أخواتي بن مهيري وبومنجل وأضور، ولكنكم إذا تقتلونا لا تنسوا أنكم بهذا تقتلون تقاليد الحرية الفرنسية، ولا تنسوا أنكم بهذا تلطخون شرف بلادكم وتعرضون مستقبلها للخطر، ولا تنسوا أنكم لن تنجحوا أبداً في منع الجزائر من الحصول على استقلالها” تلك الكلمات، رددتها “بوحيرد” خلال محاكمتها، فلم تجني المناضلة الشابة حينها ثمنًا لصمودها، وتحمل تعذيبها إلا قرار إعدامها، من قِبل الاحتلال الفرنسي.
وصدر بحقها حكمًا بالإعدام عام 1957، وتحدد يوم 7 مارس 1958 لتنفيذ الحكم، لكن العالم كله ثار واجتمعت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بعد أن تلقت الملايين من برقيات الاستنكار من كل أنحاء العالم، وتأجل تنفيذ الحكم وعُدّل إلى السجن مدى الحياة، وبعد تحرير الجزائر عام 1962، خرجت جميلة بوحيرد من السجن، وتزوجت محاميها الفرنسي جاك فيرجيس سنة 1965 الذي دافع عن مناضلي جبهة التحرير الوطني خاصة المجاهدة جميلة بوحيرد.
نضالها عقب الاستقلال
لم يستمر نضال “جميلة” خلال الاستعمار الفرنسي فقط، فتولت جميلة رئاسة اتحاد المرأة الجزائري بعد الاستقلال، وكانت تناضل في سبيل كل قرار وإجراء تتخذه بسبب خلافها مع الرئيس أحمد بن بلة، حينها، ولكنها استقالت وتركت الساحة السياسية.