قدم البنك المركزي الأمريكي، مفاجأة بعدم توقع حدوث زيادة في سعر الفائدة خلال عام 2019، وتزامن مع ارتفاع الجنيه المصري، ليشير إلى احتمالية أن يقوم صانعي السياسات النقدية في مصر بخفض جديد في سعر الإقراض للشهر الثاني على التوالي، وذلك غدا الخميس.
قدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي لمصر سببًا آخر للمضي قدماً في ما يمكن أن يكون أكبر سلسلة من خفض أسعار الفائدة في العالم.
ويتوقع معظم المحللين الاقتصاديين، الذين شملهم استطلاع بلومبرج أن يقوم البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بواقع 1 %، بينما يرى خمسة محللين أن يقوم بتثبيت الفائدة عند 15.75 %
ويتوقع تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين في شركة رينيسانس كابيتال، خفضاً آخر قدره 100 نقطة أساس(1%) “نتيجة عدم رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة وكذلك انعكاسا للارتفاع السريع في قيمة الجنيه المصري”.
وأضاف: “الطلب المحلى يعد ضعيفا، والتضخم غير الغذائي منخفض، كما أن البنوك المركزية على مستوى العالم تتجه إلى تيسير السياسة النقدية”.
لا يزال أمام البنك المركزي المصري طريقا طويلا لخفض أسعار الفائدة بعد الزيادات الكبيرة التي أقرها في السابق ليحافظ على استقرار الجنيه المصري وليكبح التضخم الذي تسارع عقب تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016. وبينما استقر نمو الأسعار منذ ذلك الحين، إلا أن التضخم شهد تسارعا للشهر الثاني على التوالي، ليصل إلى 14.4 بالمائة في فبراير، على خلفية ارتفاع أسعار الأغذية.
تعد مصر واحدة من الدول القليلة التي ما زالت قادرة على خفض تكلفة الاقتراض الرسمية. وقامت غانا والهند بخفض أسعار الفائدة بشكل غير متوقع في الأشهر الأخيرة، كما قام البنك المركزي النيجيري بخفض سعر الفائدة، بشكل مفاجئ وللمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات بمعدل نصف نقطة مئوية.
من المرجح أن تشهد مصر وهى الدولة العربية الأكبر من حيث عدد السكان “موجات تضخمية” في الأشهر المقبلة تزامنا مع بداية شهر رمضان وعطلة العيد التى تليه، وإعادة تسعير البنزين 95 في أبريل المقبل، وذلك وفقًا لإسراء عبد المجيد، المحلل الاقتصادي الأول بشركة شعاع لتداول الأوراق المالية.
وقالت عبد المجيد: ” على الرغم من أن الارتفاع الأخير في معدلات التضخم كان مدفوعًا بشكل أساسي بالبنود التي تتسم بتذبذب أسعارها، إلا إننا نرى أن التضخم الأساسي قد ارتفع أيضًا”، وتتوقع أن يبقى المركزي على أسعار الفائدة ثابتة.
يقول زياد داود، الخبير الاقتصادي المختص بالشرق الأوسط:”التنبؤات متقاربة، لكننا نتوقع أن يثبت البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بدلاً من أن يقوم بخفضها من جديد، كما أن الارتفاع المفاجئ في التضخم الشهر الماضي من شأنه أن يرجح الكفة نحو التثبيت”.
ويساعد ارتفاع الجنيه المصري في التحكم في ضغوط زيادة الأسعار. ويتم تداول الجنيه المصري – أفضل العملات أداءً في الشرق الأوسط – هذا العام بالقرب من أقوى مستوياته منذ عامين، حيث ارتفع أكثر من 3.5 % مقابل الدولار منذ بداية عام 2019.
وتستفيد العملة المصرية من إقبال المستثمرين الأجانب على الاستثمار في أدوات الدين بالعملة المحلية، حيث زادت تدفقاتهم لتصل إلى 15.8 مليار دولار في فبراير، وهو ما قدم للمسئولين في مصر بعض التعويض عن موجات البيع التي شهدتها الأسواق الناشئة في العام الماضي والتي أدت إلى خروج نحو 10 مليارات دولار من مصر.
وقالت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث بشركة فاروس القابضة : “ستنخفض أسعار الفائدة لدعم إستراتيجية السيطرة على الديون ونظرا لأن المستثمرين الأجانب لا يزالون مهتمين بدرجة كبيرة بالاستثمار في أذون الخزانة المصرية، وذلك في ضوء تحسن سعر الصرف الحالي وجاذبية التجارة في أدوات الدين المصرية”.
ومما يدعم الدافع إلى مزيد من خفض أسعار الفائدة، الحاجة إلى التحرك قبل الجولة الجديدة من تقليل الدعم الحكومي على أسعار الوقود قرب نهاية السنة المالية الحالية.