أهتم البابا شنودة الثالث كثيراً بالأسرة وخاصة المرأة ، ففى العصر الحديث ومع نهوض وضع المرأة فى المجتمع ووصولها للكثير من المناصب السياسية والإجتماعية ، كثرت الاسئلة حول رأي الكنيسة فى وضع المرأة ودورها فى المجتمع والكنيسة ، فكان البابا منصفاً لدور المرأة داخل الكنيسة وخارجها ، ووضح ذلك فى كثير من مقالاته وعظاته الذى وضح فيهم تقليل شأن المرأة ، بل وقدم الكثير من التفاسير التى أكدت مساواة الرجل بالمرأة وتكامل ادوارهم ، لذا نعرض بعض ما طرحه ابانا المعظم فى هذا الموضوع .
المرأة لا تقل عن الرجل وأحياناً تتفوق عليه
فى إحدى عظاته الاسبوعية والتى أدهش بها الكثيرين، مما جعل كثير من الصحف تتناقل العظة حينما ، أكد البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أن عقلية المرأة لا تقل عن الرجل بل أحياناً تزيد ، مشيراً إلي أن التاريخ ليس القديم فقط بل المعاصر قدم نماذج عظيمة من السيدات.
وأضاف البابا في رده علي تساؤل حول الإعتقاد بأن المرأة أقل من الرجل، بأن المسيحية لا تفرق بين الرجل والمرأة ،ونبه البابا إلي أنه في هذه الحالة تكون أفضل من الرجل، مشيراً إلي أن لجنة البر التي تعقدها الكنيسة كل خميس أغلب القائمين علي أعمالها من السيدات وتحدث عن أزواج يلقون بمسئولياتهم علي المرأة.
وفى مقال بجريدة أخبار اليوم بقلم قداسة البابا شنودة الثالث تحت عنوان قالوا عن المرأة جمع البابا كثير من الأمثال التى قيلت عن المرأة وكان رده المرجز: إننى أظن أن غالبية واضعيها من الرجال، وربما فى بعض أقوالهم شئ من التحيز.
المرأة ايضاً على صورة الله
وعندما سأل هل المرأة قد خلقت على صورة الله ومثاله كما أدم ؟ أجاب :نعم، قد خُلقت المرأة أيضاً على صورة الله. وهذا واضح في الإصحاح الأول من سفر التكوين. إذ ورد فيه “فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقة. ذكراً وأنثى خلقهم” (تك1: 27) ،مضيفاً حينما نقول أن المرأة خُلقت على صورة الله، فلسنا نعنى مطلقاً صورة الجسد بل خُلقت على صورته في البر والقداسة والنقاوة. وعلى صورته من حيث هي ذات عاقلة حية ، وعلى صورته من جهة الخلود، إذ لها روح خالدة .
المرأة والكهنوت
وفى سؤاله لماذا لا يُصرح للمرأة بالدخول إلى الهيكل؟ ما الفرق بينها وبين الرجل في هذا الأمر؟ قال قداسة البابا شنودة الثالث :الأصل هو أن دخول الهيكل لخدام المذبح فقط، ونعني بهم رجال الكهنوت ومعهم الشمامسة، وليس لأحد آخر موضحاً أن الذين ليسوا من الكهنة والشمامسة ، لا يدخلون إلى المذبح، سواء في ذلك الرجال أو النساء، بلا فارق . مؤكداً أنه ليس هناك تفريق بين الرجل والمرأة، إنما هناك نظام واحد ينطبق على كليهما في الدخول إلى الهيكل .
وكان فى كثير من الأحيان يُكرم النساء ففى السؤال عن ما هو رأي الكنيسة الأرثوذكسية في موضوع كهنوت المرأة؟ ولماذا لا يسمح بهذا الأمر؟ أكد أنه رغم اندفاع العالم مسرعاً نحو تعديل ما يختص بالتعليم الكتابى. حتى وصل الأمر بالمدافعين عن حقوق المرأة إلى محاولة فرض الأنوثة على اسم الله نفسه. ومنع كلمة أبانا أو أبوكم السماوى وهنا تغيير للكتاب في مواضيع عديدة يختص بعضها بالأقانيم الإلهية وعلاقتها ببعضها، موضحاً أنه قد يعزو البعض ما ذكر في الكتاب المقدس مضاداً لمنح الكهنوت للمرأة ، وكذلك ما نراه في التقليد السائد في كل الكنائس القديمة، بأن المرأة لم يكن لها دوراً فعالاً في المجتمع بصفة عامة ، مما أدى إلى منعها من ممارسة الكهنوت في الكنيسة تمشياً مع الوضع الإجتماعى السائد في ذلك الحين وأن المرأة قد أصبح لها دوراً فعالاً في المجتمع في الوقت الحاضر ، مما يدعو إلى إعادة النظر في التعليم الكتابى وما عمله لنا التقليد الكنسى بهذا الشأن.
ولكننا نجيب عليهم ونقول أن المرأة في كل الأجيال كان لها تقديرها فكان هناك نساء نبيات مثل مريم أخت موسى وهارون ومثل دبورة القاضية والنبية، ومثل خلدة النبية. كما وجد في الكتاب المقدس وفي التاريخ ملكات مشهورات مثل أستير الملكة ومثل ملكة سبأ التي ذكرها السيد المسيح وملكات في شعوب كثيرة مثل كليوباترة وحتشبسوت. وبالرغم من وصول هؤلاء النسوة إلى هذه المناصب وبقى الكهنوت -حسب تدبير الله في وسط شعبه- ميداناً لا تدخله المرأة فهي من الممكن أن تصير ملكة وممكن أن تصير قائدة الجيش ويمكن أن توجد أسفار في الكتاب المقدس باسمها. فلا مجال للإدعاء بأن مكانة المرأة لم يكن لها وجود في العهد القديم.
وفي أيام السيد المسيح كانت هناك لهن مكانة كبيرة كالعذراء مريم، والمجدلية التي أخبرت بالقيامة، ومثل النساء اللائى وهبن بيوتهن لتصير كنائس مثل أم يوحنا الملقب مرقس ومثل ليديا بائعة الأرجوان ومثل بريسكيلا زوجة أكيلا (روميه 16) ومثل بنات فيلبس المبشر اللائى كن يتنبأن ومثل نساء كثيرات ذكرهن بولس الرسول في (روميه 16) بالاسم وذكر تعبهن في الكنيسة ومع ذلك لم يعط الكهنوت لواحدة منهن.
ومؤكداً دورها الرئيسى في الكنيسة قال : المرأة تصلح أن تكون شماسة (بدون وضع يد) تساعد أسقفاً في أمور الخدمة مثل فيبى شماسة كنيسة كنخريا وأوليمبياس التي كانت شماسة للقديس يوحنا فم الذهب بطريرك القسطنطينية. نحن نعطى اختصاصات للمرأة في أعمال كثيرة في الكنيسة في الخدمة الإجتماعية، وفي تعليم النساء والأطفال وخدمتهن وفي رسم الأيقونات، وفي صنع ملابس الكهنوت، وفي رعاية الأيتام والمتغربات والمحتاجين.
تقسيم الإرث
وفى رده على سؤال لرجل يريد تقسيم تركته على أبنائه حسب الشريعة الإسلامية، التي تنص على أن للذكر مثل حظ الأنثة، رفض البابا شنودة ذلك بإعتباره “تمييزًا” بين الورثة من الذكور والإناث، مشيراً إلى أن المسيحية لا تفرق بين الجنسين، ونصح الرجل بعدم الإنصياع لرغبة زوجته بتوريث إبنها ثلثي ًميراث والده على حساب الأبنة المظلومة، طالبا منه أن يتبع ضميره لا ضغوط زوجته.
المرأة والقراءة
وفى إحدى مقالاته عن أهمية القراءة أكد إن القراءة تستطيع أن تبعد الفكر عن التوافه موضحاً أن المرأة التي لا تقرأ ، ربما لا تعرف سوي الحديث عن الأعمال المنزلية, وعن الملابس والحفلات, وأخبار الناس, بعكس المرأة المثقفة التي تجيد الكلام في موضوعات لها عمق, وبالمثل الرجل الذي يعرف المقهي والنادي ودور اللهو تكون شخصيته سطحية, وأحاديثه بلا نفع أو قد تضر, وعلي عكسه الرجل الذي يقرأ, ويكون كلامه ذا نفع. وبهذا نحن نفرح بتعليم المرأة .