البداية
(لوقا14:25-30)
وكان جموع كثيرة سائرين معه, فالتفت وقال لهم: إن كان أحد يأتي إلي ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته, حتي نفسه أيضا, فلا يقدر أن يكون لي تلميذا. ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذا. ومن منكم وهو يريد أن يبني برجا لا يجلس أولا ويحسب النفقة, هل عنده ما يلزم لكماله؟ لئلا يضع الأساس ولا يقدر أن يكمل, فيبتدئ جميع الناظرين يهزأون به, قائلين: هذا الإنسان ابتدأ يبني ولم يقدر أن يكمل
والمجد لله دائما
كيف أستطيع أن أعيش وأتمتع بسر التناول؟
في البداية لابد أن ألفت نظرك أننا في سر التناول نرتدي الثياب البيض, الأسقف والكاهن والشماس, حتي في الماضي كان الحضور أنفسهم يرتدون الملابس البيضاء سواء رجالا كانوا أو نساء, لأن الثياب البيض تمثل آدم قبل السقوط, أي في حالة البراءة, وأيضا ظهر السيد المسيح علي جبل التجلي بثياب بيضاء كالثلج, فهي ثياب سماوية, وإن جاز التعبير هي التي نرتديها عندما ننال نعمة المعمودية.
وثياب الكهنة في العهد القديم كانت من الكتان الأبيض. وعندما نقرأ عن الكائنات السماوية في سفر الرؤيا كانت بثياب بيض, والثياب البيض تشير إلي النور وإلي مجد القديسين, وهي رمز للقيامة.
من المهم أن تضع أمامك أن شركة سر التناول هي رحلة, وأنت تريد أن تتمتع بهذه الشركة أو الرحلة باستمرار.
خطوات الشبع بالمسيح القدوس:
أولا: افهم السر.
لكي ما تتقدس بسر الإفخارستيا لابد أن تفهم وأن تعي جذوره, وأن تستحضر في ذهنك ما حدث وقت الصليب, فعندما تذهب لتحضر القداس ضع بداخلك هذا الاستعداد والحضور: أنا ذاهب لكي ما أقابل ملك الملوك, وأنت ذاهب إلي الكنيسة, وفي الطريق تقول: فرحت بالقائلين لي: إلي بيت الرب نذهب (مز122:1). وعندما تضع قدمك علي أول عتبة في الكنيسة تقول: ما أرهب هذا المكان! ما هذا إلا بيت الله, وهذا باب السماء (تك28:17).
ثانيا: كن مستعدا بنفسك.
فلكي تحضر سر التناول وتعيش أعماقه, وتأخذ مفعول السر في حياتك, لابدأن تستعد.. ففي ليلة القداس لابد أن تفتح الكتاب المقدس وتقرأ القراءات الخاصة بالقداس, ويفضل أنه في يوم القداس ألا تسهر كثيرا, وأن تأخذ كفايتك من النوم, وألا تسهر أمام شيء مزعج..
ثالثا: شارك جسديا في القداس.
لابد أن تشارك حواسك في القداس, سواء في المردات أو الألحان. اجعل عينيك دائما مرتبطة بأيقونات الكنيسة أو الصليب الذي فوق حامل الأيقونات, وإن كنت من النوع الذي يتشتت فمن الأفضل أن تمسك خولاجي في يدك.
رابعا: عش الصلوات.
في صلاة الصلح, يقول الشماس: قبلوا بعضكم بعضا, فلابد ألا تحمل ضغينة في قلبك لأحد.
عش موت ربنا يسوع المسيح علي الصليب.. عش أيضا قيامة ربنا يسوع القائم من بين الأموات وصعوده إلي السموات.. عش انتظار مجيء السيد المسيح في أيها الجلوس قفوا.. وإلي الشرق انظروا.. عش الطلبات التي نرفعها من أجل الكنيسة والأساقفة والكهنة, فلابد أن تعيش هذه الصلوات بالحقيقة وليس بمجرد اللسان, فنحن نصلي من أجل الأديرة والرهبان, ونصلي من أجل الزرع ومياه الأنهار والينابيع, ومن أجل ثمار الأرض..
وبعدها نذكر المجمع وهو يشمل قائمة من القديسين الذين حاموا عن الإيمان, لأنه أثمن شيء في حياتنا. ونأخذ أمنا العذراء مريم في مقدمة القديسين سواء مصريين أو غير مصريين, وتظل القائمة مفتوحة للقديسين الذين تمموا حياتهم في المسيح يسوع.
يكتمل القداس في النهاية بصلوات القسمة والاعتراف, وفي النهاية نصلي المزمور سبحوا الله في جميع قديسيه (مز150).
أريد أن أقف معكم في شركة المسيح عند ثلاثة نقاط أخيرة نقولها في نهاية الاعتراف, يقول الكاهن: يعطي عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه, وهذه هي خلاصة سر التناول:
1- يعطي عنا خلاصا:
أي أنه لا خلاص خارج الكنيسة, فلا يمكن أن ينال الإنسان الخلاص خارج الكنيسة, والخلاص في هذا السر.. فهل تأخذ نصيبك في خلاص المسيح؟ وهل تتمتع بفداء المسيح الذي منحه للعالم كله؟
2- يعطي غفرانا للخطايا:
حياتنا لا تخلو من الخطية, وفي كل يوم نجاهد ضد الخطية, وكل يوم نريد أن نعيش التوبة, فلا تظن أيها الحبيب أن خطاياك أكبر من ذبيحة المسيح علي الصليب, فلا تقيم نفسك وتقول: إني لا أستحق أن أتناول, فالتناول مثلما يقول البسطاء: نار ونور فهو نار تحرق الخطية, ونور لطريق حياتك.. وهو أيضا: دواء وغذاء, وأنت تحتاج الاثنين: دواء لعلاج الخطية, وغذاء للنمو في الحياة الروحية.
3- حياة أبدية لمن يتناول منه:
فمن خلال هذا السر وممارسته بوعي, والشركة فيه, سواء شركة حبي للمسيح أو شركة حب المسيح لي, والاستمرار في هذه الشركة, فيكون لي مكان في الأبدية ويجعلني مؤهلا للحياة الأبدية.
يعطي عنا خلاصا, وغفرانا للخطايا, وحياة أبدية لمن يتناول منه: هذه نسميها النعمة الثلاثية التي هي لب سر التناول.