جاء مشهد الرجل المحترق اليوم في الانفجار الرهيب الذي هز محطة مصر مخلفا ٢٤ قتيل وحوالي ٤٠ مصابا ، ليعيد نفس المشاهد الموجعة لحادث قطار الصعيد عام ٢٠٠٢ والذي تفحم فيه الركاب في ابشع حادث تشهده سكك حديد مصر منذ نشأتها ونتج عنة تفحم حوالي ٣٥٠ راكب نتيجة اندلاع النيران في سبع عربات في قطار متهالك كان متجها الصعيد, مشاهد تكررت في السنوات الأخيرة بصورة متكررة أوضحت فيما لا يدع مجالا للشك أن هذا المرفق الحيوي طالته الشيخوخة ليس في المعدات فقط إنما في الكوادر البشرية العاملة في القطاع والتي تحمل علة عاتقها أرواح الألاف من البشر يوميا.
محمد على وبداية التفكير في المشروع
وافق محمد علي في مطلع عام 1834، على اقتراح جالواي ومنحه الإذن لفحص المشروع وتفويضاً بحق الامتياز. قدم جالواي تقريره إلى الوالي ذاكراً فيه التكاليف التي قدرها بثلاثمئة ألف جنيه إنجليزي من أجل إنشاء خطّ طوله 80 ميلاً بين القبة والسويس، إلا أن فرنسا أوعزت إلى قنصلها العام بارو أن يضع عقبات في سبيل تنفيذ المشروع، حتى لا تعرقل نيتها المبيته حفر قناة تصل البحر الأبيض بالبحر وبالفعل عدل محمد علي عن قراره إنشاء خط سكة الحديد كما رفض اقتراح بارو في شأن حفر قناة السويس. وصلت المعدّات التي يقتضيها إنشاء السكة، بناء على طلب محمد علي، قبل رفضه من إنجلترا، إلى الإسكندرية. وظلت متروكة على الشاطئ خمسة عشر عاماً إلى أن علاها الصدأ، واستُخدم جزءٌ من هذه القضبان والفلنكات في إنشاء خط يصل بين محاجر الدخيلة وميناء المكس، وهو أول خط حديدي أنشئ في مصر
إنجلترا تحيي مشروع السكة الحديد لخدمة مصالحها
سارعت إنجلترا بعد وفاة محمد علي في أغسطس عام 1849، عن طريق قنصلها والم، إلى توطيد علاقتها بالوالي الجديد، فتقدّمت المحادثات بين القنصل البريطاني وعباس الأول، وانتهت بوضع المشروع في صيغته النهائية، ثم أوفد الإنجليز روبرت ستيفنسن، نجل مخترع القطار، إلى مصر عام 1850. طلب هذا الأخير من عباس الأول أن يكون بدء الخطّ من الإسكندرية إلى القاهرة فإلى السويس، فوافق.
وقف ستيفنسن ، في أول سبتمبر 1851، ومعه مجموعة من المهندسين الإنجليز، تحيط بهم جموع العمّال والفلاحين، وضرب بيده المعول الأول، فابتدأ العمل في الحال، وما إن أتى شهر إبريل 1853 حتى كان الخط من الإسكندرية إلى بلدة كفر العيس، قبالة كفر الزيات، قد أنجز كانت فرنسا تتوقّع الفشل للمشروع، وخصوصاً حين توفّى عباس الأول عام 1854، وتولّى “سعيد” العرش، فتحولت الأنظار إلى مشروع حفر القناة، وكانت النتيجة أن تأخّر العمل في مدّ الخطوط الحديدية، ومع ذلك استطاع المقاولون أن يحصلوا على مدد من البيوت المالية في لندن، وأكملوا عملهم بهذه المساعد.
الخديوي إسماعيل يستكمل مشروع السكة الحديد
سعى الخديوي إسماعيل إلى تحديث مصر، حيث أضاف زخما لتطوير السكك الحديدية وشيّد فرعا جديدا عام 1865 في مدينة دسوق على النيل، بالإضافة إلى تشييد فرع للسكك الحديدية إلى الجنوب على طول الجانب الغربي لنهر النيل مع افتتاح خط ربط بين القاهرة والمنيا في عام 1867، وبعدها بعام تمّ تنفيذ خط إلى الفيوم، ثم إلى أسيوط ومنها إلى أسوان مرورا بمدن الصعيد.
السكة الحديد في مصر تاريخ ممتد من الحوادث
أول حادث قطار في مصر1858وتغير ولاية العرش
شهدت مصر أول حادث قطار عام 1858، حيث سقط أحد القطارات في نهر النيل عند كفر الزيات، قادمًا من محافظة الإسكندرية، وتسبب هذا الحادث في تغيير وراثة العرش في مصر.
يؤكد المؤرخون، أن حادث غرق قطار كفر الزيات كان أول حادث لقطار، وتسبب في تغيير وراثة العرش في مصر، حين سقط قطار قادم من الإسكندرية ويستقله أحمد رفعت باشا “وريث العرش” آنذاك، وأدي لموته وموت من معه، مما أرجعه البعض غلى أنه حادثًا مدبرًا من قبل سعيد باشا، الذي كان يفضل إسماعيل لتولي حكم مصر من بعده، بدلًا من أحمد رفعت شقيق إسماعيل.
يقول الباحث الأثري فرنسيس أمين لـ ” بوابة الأهرام“، إن حادثة قطار الزيات والتي تم نشرها في الصحف العالمية آنذاك، تشير إلى أنه تصادف عند وصول القطار إلى كوبري كفر الزيات، أن الكوبري كان مفتوحًا لمرور السفن، ولم ينتبه السائق لهذا الخطر، ونتيجة لذلك سقط القطار في النيل، وغرق كل من فيه، وبذلك رأى “إسماعيل” نفسه فجأة وليًا للعهد، بحكم فرمان الوراثة.
ظلت حوادث القطارات تحدث في مصر بصفه مستمرة ولكنها لم تأخذ الشكل العنيف من حيث القتلى وعدد الإصابات إلا منذ بداية القرن الواحد والعشرون فنجد أنها أصبحت أكثر عددا من حيث أرقام الحوادث ما خلفته من قتلى ومصابين.
فترة التسعينات
شهدت فترة التسعينات عدد من حوادث القطارات وراح ضحيتها العديد من المواطنين بين قتل وجرحها ومنها حادث تصادم قطارين على بعد 90 كيلومترا شمالي القاهرة في ديسمبر 1993 وراح ضحيتها 12 قتيلًا وأصيب 60.
وفى ديسمبر 1995، قتل 75 راكبًا وأصيب المئات في تصادم قطار بمؤخرة قطار آخر، وأكدت التحقيقات أن المسئولية تقع على سائق القطار الذي قام بتجاوز السرعة المسموح بها رغم وجود ضباب كثيف مما لم يمكنه من اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب.
وفي فبراير 1997 في محافظة أسوان أدى خلل بشري وخلل في الإشارات إلى وقوع تصادم بين قطارين شمال مدينة أسوان مما أدي إلى وقوع 11 قتيلًا على الأقل والعديد من الإصابات، و في أكتوبر 1998 بمحافظة الإسكندرية اصطدم قطار بالقرب من الإسكندرية بأحد المصدات الإسمنتية الضخمة ما أدى إلى اندفاعها نحو المتواجدين بالقرب من المكان، وخروج القطار نحو إحدى الأسواق المزدحمة بالبائعين المتجولين مما أدى إلى مقتل 50 شخصًا وإصابة أكثر من 80 مصابًا، ومعظم الضحايا ممن كانوا بالسوق أو اصطدمت بهم المصدة الإسمنتية، وأرجعت التحقيقات في وقتها إلى عبث أحد الركاب المخالفين في الركوب بالعبث في فرامل الهواء بالقطار.
وفي إبريل 1999، أدى تصادم قطارين من قطارات الركاب إلى مقتل 10 من ركاب القطار وإصابة أكثر من 50 مصابا معظمهم حالاتهم خطرة، وفي نوفمبر 1999 اصطدم قطار متجه من القاهرة إلى الإسكندرية بشاحنة نقل وخرج عن القضبان متجها إلى الأراضي الزراعية مما أسفر عن وقوع 10 قتلى وإصابة 7آخرين
حادث 2002 الاسوء في تاريخ السكك الحديد المصرية
ولم يختلف الأمر كثير بعد عام 2000 واستمرت حوادث القطارات تحصد أرواح المواطنين حتى استيقظ الشعب المصري علي حادث العياط في فبراير 2002 – والذي وقع على بعد 70 كم جنوبي القاهرة- ويعد هو الأسوأ من نوعها في تاريخ السكك الحديدية المصرية، حيث راح ضحيته أكثر من ثلاثمائة وخمسين مسافرا بعد أن تابع القطار سيره لمسافة 9 كيلومترات والنيران مشتعلة فيه؛
ثم حدث اصطدم قطار الشحن بآخر بإحدى محطات قرية الشهت بمحافظة الشرقية، ما أي إلى إصابة 45 شخصا في مايو 2006، وفي أغسطس 2006 بطريق المنصورة-القاهرة اصطدم قطارين أحدهما قادم من المنصورة متجها إلى القاهرة، والآخر قادم من بنها على نفس الاتجاه، مما أدى إلى وقوع تصادم عنيف بين القطارين، بلغ عدد القتلى بلغ 80 قتيلا وأكثر من 163 مصابا.
وفي يوليو 2007، اصطدام قطارين شمال مدينة القاهرة والذي وقع صباح الاثنين وراح ضحيته 58 شخصا كما جرح أكثر من 140 آخرين.
شهد شهر أكتوبر 2009 تصادم قطارين في منطقة العياط على طريق القاهرة- أسيوط وأدى إلى مقتل 30 شخصا وإصابة آخرين، حيث تعطل القطار الأول وجاء الثاني ليصطدم به من الخلف وهو متوقف مما أدى لانقلاب أربع عربات من القطار الأول.
وفي 11 نوفمبر 2012، تصادم قطارين بالفيوم نجم عنه مقتل 4 مواطنين وجرح العشرات، وكان التصادم بين قطار متجه إلى الإسكندرية وآخر إلى الفيوم، ووقع بين قريتي سيلا والناصرية بمركز الفيوم، ويوجد اختلاف حول سبب الحادث.
وفي 17 نوفمبر 2012 وقع حادث عند مزلقان قرية المندرة التابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط، واصطدم فيه قطار تابع لسكك حديد مصر بحافلة مدرسية، وراح ضحيته نحو 50 تلميذًا إضافة إلى سائق الحافلة ومُدرّسة كانت برفقة التلاميذ.
في 14 يناير 2013، وقع حادث تصادم مع قطار تجنيد في البدرشين ما أودى بحياة 17 مجندا وجرح أكثر من 100.
وفي 18 نوفمبر 2013، وقع حادث تصادم مع سيارتين ما أودى بحياة أكثر من 27 شخصا وجرح أكثر من 30.
تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والحصاء عن أخر خمس سنوات
رصد إحصائية حديثة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عدد من المعلومات عن حوادث القطارات خلال النصف الأول من السنوات الخمسة الأخيرة “2014-2018″، تزامنًا مع حادث قطار محطة مصر الذي وقع صباح اليوم الأربعاء وأسفر عن استشهاد 20 شخصًا وإصابة العشرات.
– سجلت أعداد حوادث القطارات ارتفاعًا مطرد خلال السنوات الخمسة الأخيرة، من 449 حادث في عام 2014 إلي 1082 حادث في عام 2018، كما ارتفع معدل قسوة الحوادث إلي حدود 66% في عام 2018 مقابل 63.6% في عام 2014.
– وقع العدد الأكبر من حوادث القطارات في وجه بحري “الدلتا” بـ1916 حادث خلال النصف الأول من السنوات الخمسة الماضية “2014-2018″، يليها خطوط وجه قبلي بـ993 حادث، ثم المنطقة المركزية بـ645 حادث.
– خلفت حوادث القطارات خلال الخمس سنوات الماضية 432 ضحية بينهم 291 مصابا و141 متوفي، وسجلت أعلى حالات وفاة في عام 2016 بـ103 حالات، يليه عام 2015 بـ89 حالة وفاة
– كانت أكبر عدد من حوادث القطارات خلال النصف الأول من عام 2018 بسبب اصطدام المركبات ببوابة المنافذ بنسبة 81.2% بـ879 حادث، يليه السقوط على الطوالي وغير الطوالي والمخازن بنسبة 3% بـ33 حادثا، ثم اصطدام القطار بالمركبات على غير المنافذ بنسبة 2.9% بـ32 حادثا، بينما بلغ عدد حوادث حرائق القطارات 30 حادث تمثل 2.8% من إجمالي حوادث القطارات.
– بلغ عدد حوادث الحريق التي نشبت في القطارات 30 حادث خلال النصف الأول من عام 2018، وقع معظمهم في وجه قبلي بـ12 حادثا، يليه 9 حوادث بالمنطقة المركزية ومثلهم بوجه بحري “الدلتا.