بادرت جريدة وطنى بفكرة أمسية ثقافية بعنوان “رحلة العائلة المقدسة إلى أين؟” للجنة الثقافية بنقابة الصحفيين برئاسة الاستاذ محمود كامل الذى طرح هذا الملف فى قلعة الحريات والبيت الكبير لصاحبة الجلالة “نقابة الصحفيين” وقام أبناء مؤسسة وطنى بتنسيق هذه الأمسية مع باقة من المتخصصين فى مختلف المجالات المتعلقة بالمشروع القومى الذى يأمل الجميع فى خروجه للنور لما له من أهمية فى وضع مصر على خريطة السياحة الدينية.
جاءت الأمسية بقاعة حسنين هيكل بالنقابة لتكون شاهدة على فاعلية من أكبر الفاعليات التى نظمتها اللجنة الثقافية في الأوة الأخيرة وخرجت منها بتوصيات سوف يتقدم بها مجلس نقابة الصحفيين إلى الجهات المعنية مثل وزارة السياحة والاثار والتنمية المحلية، كما وعد كامل بإرسال نسخة من هذه التوصيات إلى مجلس الوزراء.
بدأ محمود كامل رئيس اللجنة الثقافية بمجلس النقابة، كلمته في أول الأمسية بالترحيب بالجميع وطلب من الحضور بالوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء الوطن، واستهل كلمته بأن هذا المشروع يضاهى فى أهميته مشروع قناة السويس وإذا أحسن استخدامه سوف يجلب دخل يوازي دخل قناة السويس.. وأكد كامل على أن هذا المشروع سوف يضع مصر فى مقدمة الدول السياحية لأهميته ولمحتواه الدينى.. وتقدم كامل بالشكر لكل الحضور وفى مقدمتهم المهندس يوسف سيدهم رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة وطنى كما شكر كل المؤسسات المشاركة فى الأمسية من الحضور والمشاركين فى الكلمة.
تأثيرات حضارية وقيم إنسانية
وبدأت فاعليات الأمسية بمحاضرة للأستاذ الدكتور إسحق عجبان أمين عام معهد الدراسات القبطية بعنوان “رحلة العائلة المقدسة تأثيرات حضارية وقيم إنسانية” شارحاً: إن رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر تعتبر من المميزات الفريدة والبركات العظيمة التي تنفرد بها مصر.. وهي حقيقة كتابية وتاريخية وأثرية ولها تأثيرات حضارية وتنقل قيم إنسانية.. وردت الحقيقة الكتابية بالكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد وتم ترجمته إلى 3312 لغة أي أنه وصل إلى أغلب ثقافات الكرة الأرضية.
ومن ناحية الحقيقة التاريخية جاءت بالمصادر التاريخية القديمة منها السنكسار والدفنار والمخطوطات والميامر القبطية، وذكرت في تاريخ الكنيسة وتاريخ البطاركة وتاريخ الكنائس والأديرة، وكذلك في مخطوطات أوروبا من العصور الوسطى، ومصادر التراث والثقافة العربية والإسلامية مثل أبو المكارم الذي كتب عام 1209م وكتابات أبو كريفة المبكرة والمتأخرة، وذكر المسار أيضا في الموسوعات العالمية والرسائل العلمية في دول مختلفة، وكتابات الرحالة الأجانب من الشرق والغرب على مر العصور والقرون، وقد تركوا لنا كتابات ومذكرات ومؤلفات عن رحلاتهم وجولاتهم في مواقع مسار رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر.. مصادر عديدة تكلمت عن المسار منذ القرن الأول وحتى القرن العشرين.
أما عن الحقيقة الأثرية تشهد عليها أيضا العديد من الأثار القبطية الثابتة والمنقولة ومنها كنائس وأديرة ومغارات ووآبار وأحجار وأيقونات وأشجار وأثار أخرى متعددة.
ولها أيضا تأثيرات حضارية مثل تحطم الأوثان عندما دخلت العائلة المقدسة إلى أرض مصر كان هذا الحدث بداية تغيير فكري في مصر.
ومن ناحية أخرى تقدم لنا رحلة العائلة المقدسة صور من قيم إنسانية تأصلت في الطبيعة المصرية وهي مساندة المتألمين والمتعبين والنازحين والغرباء وهذه القيم الإنسانية توارثت في المصريين حتى الأن.”
كواليس اعتماد بابا روما لمسار العائلة المقدسة
وفي المحاضرة التالية في هذه الأمسية تكلم الأستاذ نادر جرجس، رئيس إئتلاف تنمية وإحياء التراث ، عن كواليس اعتماد بابا روما هذا المسار. وشرح “جرجس” قائلاً: “تحتفظ مصر ودولة الفاتيكان بعلاقات ودية ومستقرة منذ بدء العلاقات الديبلوماسية بين الدولتين في مايو 1974، وأهم حقائق توثيق مواقع المسار ومدة إقامة العائلة المقدسة بأرض مصر كانت
بالدراسة التي قامت بها جامعة كولون الألمانية على البردية الأثرية فأثبتت حقيقة المدة الفعلية لهذه الرحلة. والخريطة المعتمدة بتوقيع قداسة البابا شنودة الثالث عام 2000م وضحت النقاط الفعلية على المسار، واعتماد مسار العائلة المقدسة كأحد برامج الحج السياحي الكاثوليكي وزيارة البابا فرانسيس لمصر وصلت رسالة حب وسلام للعالم أجمع لزيارة مصر. ومن هنا تم إعادة مصر للمكانة التي تستحقها فيما يخص البرامج السياحية الدينية الروحية. وأثبتت كل هذه الخطوات أهمية العلاقات والزيارات المتبادلة على مدار السنين بين الشخصيات العامة والفاتيكان.”
تطوير وتنمية محطات مسار العائلة المقدسة
عرض أستاذ دكتور سامي صبري، عميد معهد الدراسات القبطية ودكتور متفرغ بقسم عمارة بجامعة القاهرة والجامعة الأمريكية، بعض التصميمات المعمارية والعمرانية المقترحة منه لتطوير وتنمية بعض محطات المسار حيث أنه تم تكليفه بشكل رسمي لترميم وتطوير عشر نقاط من المسار.
قال “صبري“: “في أي مشروع من المشروعات يجب إظهار مبنى الكنيسة وتأكيد مكانته في الفراغ العمراني ومعظم المشروعات التي توجد في وسط الأحياء العمرانية يتم عمل فيها عناصر ومكونات تخدم المجتمع المحلي المحيط بالكنيسة، مثل: مستشفى عام أو معمل أو مركز طبي، قاعة متعددة الأغراض، مكتبة، وكذلك يمكن العمل على إنشاء مركز لإحياء الحرف مثل الحياكة والتطريز أو الشغل على النول أو الجريد أو رسم الأيقونات، وخدمات أخرى متعددة هدفها الإرتقاء بالمجتمع المحلي اجتماعياً وثقافياً وصحياً إلى جانب إتاحة فرص عمل أفضل. هذا بالإضافة إلى تنسيق الموقع حول الأثر وتوفير مواقف انتظار للسيارات والأوتوبيسات السياحية، مع تخصيص مدخل خاص لكبار الزوار وتوفير منطقة استعلامات وبيع هدايا تذكارية واستراحة ودورات مياه.”
وتناول الدكتور “صبري” مثال مشروع يتم دراسته الأن في منطقة كوم ماريا بالمنيا حيث يتم عمل مجسم لمسار العائلة المقدسة كله بجميع النقاط على مساحة 5 فدادين ويتحرك حولها الزائرين لمعرفة مختلف المعلومات عن كل المسار الذي تحركت به العائلة المقدسة.
تأثير رحلة العائلة المقدسة على السياحة المصرية
وجاءت الجلسة الرابعة بعنوان “رحلة العائلة المقدسة وتأثيرها على السياحة المصرية” وألقتها الدكتورة ماري ميساك، أستاذ مساعد بكلية سياحة وفنادق جامعة حلوان وعضو لجنة الأثار بالمجلس، حيث بدأت كلامها عن مصر وكيف كانت ملاذاً آمناً للعائلة المقدسة
وجاء اعتماد بابا الفاتيكان للمسار ومباركته لأيقونة الرحلة المقدسة ليضع مسار العائلة على خريطة السياحة المصرية والعالمية وبهذا يفتح الباب أمام السياحة وخاصة سياحة الحج للازدهار وذلك سيعزز من مركز مصر السياحي على مستوى العالم، ومسار هذه الرحلة يقدم نهج جديد للسياحة الذي يجمع بين احتياجات لأنواع مختلفة من السياحة القادمة لمصر.
وقدمت “ميساك” مقترحات عدة لبرامج سياحية يمكن استخدامها لإتاحة الفرصة للزيارات الشيقة لمصر، منها رحلات اليوم الواحد أو اليومين أو رحلات قد تصل لمدة أسبوع. ووضحت أن شركات السياحة يجب أن يكون لديها نسبة كبيرة من تنوع البرامج والقدرة العالية على التسويق لهذه البرامج لجذب السياحة بشكل أحسن.
إيد في إيد نبني معاً
أما المحاضرة الأخيرة، فقدمها الأستاذ وجيه جمال الأمين العام لنقابة المرشدين السياحيين، بعنوان ” متطلبات حتمية على أرض الواقع لنقاط المسار” وبدأ كلامه عن أن المرشدين السياحيين أدركوا أهمية هذا المشروع لمصر إقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ورأوا من ناحية أخرى كم كبير من المعوقات التي تعوق نجاح هذا المشروع لأنه يعتمد على أطراف كثيرة للتنفيذ وأشار في كلامه قائلاً: “وكلنا نعلم الوضع في مصر الأن.. دولة تحاول البناء ولابد أن نمد لها يد المساعدة..” وهذا كان توجه 18 ألف مرشد سياحي وكانوا يفكرون في كيفية مساعدة الدولة
ووضح جمال: أن السبيل في مساعدة الدولة يكون في وجود أنماط غير اعتيادية للسياحة لكي تنفرد مصر بعنصر سياحي يقوم على السياحة الروحية وثقافية التي لا تتأثر بأي اختلافات أو خلافات سياسية حول العالم.
وشرح وجيه: هذه الأفكار قابلة للتنفيذ لكن يلزمها أولاً إرادة سياسية جادة وثانياً تسهيلات في التنسيق والتنفيذ على أرض الواقع وثالثاً توعية للشعب المصري ورابعاً تدريب لكل القاعدة التي تتعامل مع السائح. فلدينا 30 % من الشعب المصري يعمل في مجال السياحة و70 صناعة تقوم عليها السياحة في مصر، ونحن اليوم نقدم لمصر منتج جديد لذلك يحتاج أن نبدع فيه كل تلك القطاعات لتفرز صناعات وحرف وتذكارات سياحية وأفكار مبتكرة لتقدمها في هذا المنتج، لذلك يجب أن تتكاتف الأيدي المصرية حتى لا يملأ السوق المصري منتجات من خارج مصر. وبذلك يتم تشغيل منتج مصر بالعامل المصري ويتم تطوير المنطقة المصرية وبالتالي هذا العامل المصري عندما يجني ثمار ويأتي له عائد اقتصادي جيد يبدأ يتجرد من أي أفكار هدامة ويبعد عن فكرة الإرهاب ويدرك أن الكنيسة أو المسجد أو المعبد الأثري الموجود حوله هم رزق بالنسبة له وينعكس من ذلك أن سلوكه يكون الحفاظ على هذا المنتج واحترام السائح.
ومن هنا تكلم على أهمية إعداد المرشد السياحي ليقدم المعلومات بشكل مدروس ودقيق لذا تقدمت نقابة المرشدين السياحيين بطلب لقداسة البابا تواضروس لإعداد التدريبات اللازمة وبالفعل تم التدريب في معهد الدراسات القبطية بعدة لغات حتى يكون كلام المرشدين للسياح موحد وخالي من أي أخطاء.
وأضاف وجيه: وبعد التدريب دخلنا على مرحلة التطبيق لذا دعينا مجموعة من النقابات الموجود في مصر للمشاركة معنا في رحلات تثقيفية تدريبية حول مسار العائلة المقدسة واستجاب بعضهم بالفعل. وتم التوجه لبعض رجال الأعمال للمساهمة من خلال مجالاتهم المهنية في هذا المشروع.
لذا مهم جداً أن يتعاون كل المجتمع المصري للنهوض بمثل تلك المشروعات التي تدر للدولة رواج اقتصادي، بتقديم أفكار والمساهمة في الدعاية له حتى يرى النور، ومن خلال الصناعات الصغيرة والحرف أيضا مع إقدام رجال الأعمال في النهوض بمشروعات حول المسار وكذلك التنفيذ السريع لتنمية هذا المسار، ومجموعات من المجتمع المدني تعمل على توعية الشعب الموجود حول نقاط المسار بأهمية السياحة. وأيضا الإعلاميين والصحفيين يجب أن يهتموا بزيارة نقاط المشروع ونقل المعلومات حول هذا المشروع الضخم إلى الشعب.
وأنهى كلامه قائلاً: أن هذا النهج هو الذي يجب أن نسلكه لو كنا نسعى لتنمية الدولة واستقرارها لأن الدخل الأعلى والأسرع للدولة هو من خلال السياحة لذا يجب أن نتكاتف لتنمية وإصلاح هذا المجال.
التوصيات
خرجت من هذه الأمسية الثقافية بعذ التوصيات التي ستسعى نقابة الصحفيين أن تقدمها للجهات المعنية بالدولة لإتمام هذا المشروع وكانت كاتالي:
• إصدار كتيبات تعريفية باللغات المختلفة عن نقاط مسار العائلة المقدسة.
• إصدار كتب بها محتوى كل ما نشر في الصحف والمواقع حول مسار رحلة العائلة المقدسة.
• إصدار خريطة لمصر عليها مواقع المسار ومعلومات وصور عن كل موقع، وتكون بعدة لغات.
• التنسيق مع هيئة البريد لعمل مجموعة من طوابع البريد الخاصة بالمسار، إسوة بمصلحة سك العملة التي اصدرت عملات تذكارية لنقاط المسار المختلفة.
• إقامة احتفالات خاصة في يوم تذكار دخول العائلة المقدسة أرض مصر (24 بشنس – 1يونيو) والتركيز عليها إعلامياً لكون هذا التذكار فريد في تاريخ مصر.
• رفع الوعي الأثري بين طلاب المدارس عن نقاط مسار العائلة المقدسة.
• تشجيع وإحياء الحرف في كل محافظات مصر واستخدام المنتج منهم كهدايا تذكارية للسياح.
• الإعلان من قبل وزارة الأثار عن البعثات الاكتشافية التي تنقب عن الأثار القبطية.
• الدعاية الإعلامية عن الاكتشافات القبطية إسوة بالاكتشافات الفرعونية.
• توسيع الخريطة السياحية التقليدية للمواقع الدينية والتراثية لتشمل هذه الأماكن المباركة وما تحتويه من تراث مادى وغير مادى.
• إدراج المواقع تدريجياً في الخريطة السياحية لتشجيع الزيارات المتكررة.
• زيادة عدد الرحلات الجوية المباشرة والرحلات المستأجرة التي تتبع إمكانية الوصول إلى معظم أنحاء الأراضي المصرية.
• استحداث برامج سياحية جديدة لتشمل بعض أماكن المسار وربطها بالمواقع الأثرية الأخرى القريبة منها.
• الاهتمام بنقاط المسار وتطويرها وتأمين الطرق المؤدية لها وتمهيدها لاستيعاب الأفواج السياحية.
• إنشاء فنادق لإقامة الأفواج السياحية واستراحات مجهزة بكل سبل الراحة.
• الاهتمام بالمعلومة التي تقدم للسائح، عن طريق إعداد المرشدين السياحيين بالتدريبات المناسبة، لشرح هذه النقاط السياحية بدقة.
• التنسيق مع الأديرة لتسهيل الزيارات ومراعاة التوقيتات المناسبة التي لا تتعارض مع طقوس العبادة داخل الأديرة.
• التسويق الجيد لهذه الأماكن في الخارج ليعكس قيمتها الفريدة مع تنشيط دور المكاتب السياحية والثقافية المصرية في الخارج للتعريف والترويج لهذا المسار الفريد.
• تشجيع القطاع الخاص والمنظمات والهيئات الدولية ومنظمات المجتمع المدني للمشاركة في إحياء هذا المشروع القومي.
• تبني القيادة السياسية هذا المسار كمشروع قومي وتكليف هيئة الادارة الهندسية برفع كفاءة المناطق المحيطة بمواقع المسار.
• يتم تفعيل الميزانية السابق اعتمادها من صندوق السياحة لهذا المشروع وهى خارج موازنة الدولة.
من ضمن الأهداف التخطيطية والتصميمية لإحياء مسار العائلة المقدسة:
• يجب دراسة كل محطة من محطات المسار على حدة، فكل محطة تتكون من عناصر أثرية مختلفة، كما أن المنطقة المحيطة مباشرتاً بالأثر – والتي تعرف “بالنطاق الحميم”، لها خصائصها والمشاكل الخاصة بها، يتم تحديدها بعد عمل رفع ميداني شامل.
• يجب دراسة المنطقة الأشمل أو النطاق الأوسع لما له من تأثير على الارتقاء ورفع كفاءة النطاق الحميم نفسه.
• توفير خدمات اجتماعية حول الأثر لخدمة المنطقة بشكل يرفع المستوى الاقتصادي لسكان المنطقة.
• إظهار قيمة الأثر التاريخية والروحية، وتحديد حدود الحرم الأثري.
• الارتقاء بالصورة البصرية للحيز الفراغي حول الأثر.
• ربط هذا الأثر ذهنياً بباقي محطات رحلة العائلة المقدسة.
• تطوير وتحسين والارتقاء بالبيئة العمرانية المحيطة مباشرة بالأثر مع تنسيق الموقع نفسه.
• رفع كفاءة الطرق الإقليمية والمحلية المؤدية إلى المحطة، مع توفير أماكن انتظار سيارات وأوتوبيسات السياحة، بهدف تسهيل وتأمين حركة وصول الزوار والسائحين إلى الموقع.
• توفير خدمات سياحية للزوار والسائحين، وتوفير خدمات للعاملين في هذه المحطات، إلى جانب خدمات للارتقاء بسكان المنطقة.