قراءة في ملفالأمور المسكوت عنها716
يشهد ملف الأمور المسكوت عنها أن هناك قضايا آليت علي نفسي ألا أتركها وسواء دفعتني إليها الأحداث أو لم يطرأ عليها أي تغيير أجدني أعود للتصدي لها حتي تظل في دائرة الضوء ولاتغيب عن الاهتمام الوطني… وفي صدارة هذه القضايا تبرز حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية أيضا قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين وتضمينه مساواة المرأة بالرجل في المواريث,وفي نفس درجة الأهمية قضيةالإصلاح الحزبي في مصر.
اليوم أعود لإثارة قضية الإصلاح الحزبي في مصر باعتبارها قضية مصيرية في مجال الإصلاح السياسي والنضج الديمقراطي والاستحقاق الدستوري للتداول السلمي للسلطة… وأعترف أن المشهد الحالي للخريطة الحزبية لاينبيء بأننا نقترب من إدراك هذه المجالات,ويكفي أن نقارن بين ما تفعله مصر علي مسار الإصلاح الاقتصادي والنتائج الباهرة التي حققتها والأهداف التي تقترب منها لتدركها,وبين مسار الإصلاح الحزبي الذي لم يبدأ بعد ويقف منتظرا من يتصدي له بشجاعة…وإذ أتأمل هذا الواقع يعتريني التوجس والقلق,فنحن لا نملك ترف إضاعة الوقت وأخشي ما أخشاه أن نقترب من انقضاء فترة الرئاسة الثانية للرئيس السيسي 2018-2022 دون أن نكون قد أعددنا كتل حزبية قوية استطاعت إفراز قيادات سياسية واعدة مرشحة لتنافس علي منصب الرئاسة.
فلا يزال المشهد الحزبي في مصر بلا ملامح واضحة أو تشريح سياسي مفهوم… أحزاب كثيرة جدا تتجاوز قدرة المواطن علي حصرها أو استيعاب توجهاتها أو هويتها السياسية ويزيد عددها علي المائة حزب, في مقابل عدد محدود منها نجح في الحصول علي مقاعد في البرلمان لكن بلا أدوار واضحة للأغلبية والمعارضة,وتصدر عنها بين الحين والآخر تصريحات حول تكوين جبهة أو تشكيلتحالف لكن تصاحبها تساؤلات حول تماسك الجبهة أو صمود التحالف إذ طالما أن التشريعات الحاكمة لقيام الأحزاب تسمح وتعطي الشرعية للقيادات الصغيرة الهشة بالبقاء ضمن المشهد فسيبقي التشرذم والتخبط هو طابع الحياة الحزبية ويظل الإصلاح بعيد المنال.
عدت إلي ما سبق وكتبته في ملف الإصلاح السياسي والحزبي حيث وجدت الكثير والكثير الذي يستحق استدعاءه لإيقاظ الوعي الوطني واستنفار المسئولية السياسية… وإليكم بعضا مما يحويه هذا الملف:
00 يجب أن نعي جميعا أن ما نص عليه الدستور من تحديد لمدد وفترات رئاسة الدولة هو ترسيخ لضوابط تحمي البلاد من أي سلطة يتطلب الأمر تغييرها سلميا, فلم تكتب الدساتير لتكريم ومكافأة الحكام الوطنيين الصالحين المخلصين,إنما لحماية الشعب من جموح الحكام المتسببين المارقين إذا وصلوا إلي سدة الحكم… وأنا ألمس قدرا مقلقا من استسلام الساحة الوطنية لحبها واطمئنانها وثقتها في الرئيس السيسي حتي أنها غير عابئة بما يحدث إذا انتهت مدته أو غاب عن الساحة, وذلك وضع لايليق بمصر وحضاراتها وقيمتها وقامتها,وأثق أن الرئيس السيسي نفسه غير مستريح له فقد سبق أن عبر عن إدراكه لما يعتري الساحة السياسية من ضعف خلال حديثه لرؤساء تحرير الصحف القومية في مايو2017 عندما قال: دعوت أكثر من مرة إلي اندماجات بين الأحزاب المتشابهة في برامجها وتوجهاتها السياسية من أجل خلق أكثر من حزب قوي لتسهم الخريطة الحزبية في تفريخ الكوادر المؤهلة لتداول السلطة, وأتمني أن نري الأحزاب ذات الأيديولوجيات المتشابهة تسعي نحو التنسيق فيما بينها تمهيدا للاندماج.
00 دعونا نعترف أن ما أوصلنا إلي حالة التشرذم الحزبي هو الإطلاق غير المنظم أو غير المقيد لحق تكوين الأحزاب السياسية حتي تجاوزنا المستهدف من التعددية إلي الانفلات… فلدينا أكثر من مائة حزب سياسي مسجل بالأوراق,أما فاعلية تلك الأحزاب وتفاعلها مع الجماهير وتأثيرها في الحياة السياسية فذلك أمر يكتنفه الغموض والقصور والعجز, ولعل من الأمور المفتقدة في قوانين ولوائح تكوين الأحزاب استيفاء حد أدني لحجم العضوية لإدراك الاستحقاق السياسي والجماهيري لاكتساب صفة حزب والقدرة علي التمثيل الشعبي والانخراط في العمل السياسي, لكن ليس الأمر مقصورا علي حجم العضوية إنما يمتد إلي الهوية السياسية والتوجهات والبرامج وتلك خاصية مهمة يعول عليها في تحقيق الاصطفاف الحزبي لتكوين كتل قوية لإعادة تشكيل الخريطة الحزبية لخلق تيارات اليمين ويمين الوسط والوسط ويسار الوسط واليسار وهذه التيارات كفيلة باستيعاب سائر التوجهات والبرامج مع توحيد الصفوف وتنسيق الجهود وتجميع الجماهير في العمل الوطني والسياسي.
00 سأظل مهموما ومشغولا ومثقلا بهذا الأمر… كتبت عنه في 27 أغسطس,22 أكتوبر,29 أكتوبر عام 2017,ثم في 28 يناير,25 فبراير,22 أبريل,14 أكتوبر العام الماضي2018, وها أنا أعود مجددا لطرح القضية التي أثق أن كل وطني غيور علي مستقبل هذا الوطن يشاركني اهتمامي بها.
00 الإصلاح الحزبي: هل يأتي طوعا من جانب الأحزاب؟… أم يأتي تشريعا من جانب البرلمان؟… أم ينتظر تدخل رئيس الجمهورية لإدراكه؟