تداولت هواجس التخوف من استخدام الفحم كأحد بدائل الطاقة مستقبليا وخاصة ما جد حديثا في إنشاء محطة الحمراويين لإنتاج الكهرباء من الفحم مسامع رجل الشارع والإعلام والاقتصاديين ولكن السؤال المطروح هل كان لدي الدولة المصرية الوقت الكافي لتقييم اختيار الفحم إيجابا وسلبا وهل وضعت الآليات لاستقبال ونقل وتخزين الفحم منذ الوصول إلي الميناء ثم إلي مكان الاستخدام والاجابة نعم ولكن قبل استوضح المضمون الذي أهدف إليه كان لابد أن أسرد بعض الإحصائيات التي تجلب الثقة للقارئ.
أوضحت كل الدراسات والتي تتبناها الشركات العالمية مثل شل الهولندية و بي بي البريطانية و إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية و موبيل آسو والتي تبنت من خلال انتشارها القاري تقييم زمني لنضوب البترول والغاز الطبيعي اعتمادا علي استثمارات تلك الشركات في مناطق امتيازاتها المتفرقة في مختلف دول العالم شرقا وغربا وحصرت الاحتياطيات المتبقية للزيت النفطي عالميا ما بين 2025 إلي 2030 في الغرب الأمريكي والأوروبي وكذلك آسيا بينما يتأخر نضوب البترول في مناطق الخليج العربي وإيران وروسيا إلي ما بعد 2035 وكذلك بعض الدول الإفريقية التي بدأت استثمارات دول الصين وإيطاليا وفرنسا فيها مؤخرا سنه 2010, وتعتبر معظم دول العالم المتبقية والتي تم اكتشاف وإنتاج البترول من الخمسينات هي أكثر الدول القريبة زمنيا للتعرض إلي أزمات نقص الطاقة النفطية بداية من 2020 إلي 2030 وتشمل معظم دول آسيا ووسط شمال أوروبا ودول أمريكا الجنوبية والهند وشمال شرق إفريقيا وجنوب غرب إفريقيا.
وشملت أيضا الدراسات احتياطيات نضوب الغاز الطبيعي وتوزيعه عالميا طبقا للمعدلات الزمنية حيث يبدأ النضوب ما بين 2030 إلي 2035 في مناطق شمال غرب آسيا والبحر المتوسط والخليج العربي وإفريقيا في حين يتأخر النضوب الغاز في مناطق الغرب الأمريكي وجنوب شرق آسيا إلي فترة 2035 ـ .2040
وحيث أن هذه الدراسات أصبحت ذروة اهتمامات صناع القرار في الدول الاقتصادية العملاقة والتي تعتمد معدلات النمو لديها علي الصناعات كثيفة استخدام الطاقة النفطية والغاز كان ولابد لهذه الدول أن يكون لديها بدائل الطاقة النفطية حتي تأمن اقتصادها لتقاوم فترات الارتفاع الحاد في أسعار النفط ولذا كان الاعتماد الأول لها علي الفحم مثال دول الصين والهند وأستراليا وأمريكا وإسرائيل وإنجلترا وألمانيا وبدأت الإعداد لمراحل ما بعد نضوب الطاقة فبعض من خطة الدول زاد من عملية الاستثمارات التعدينية لإستكشاف وتخزين الفحم, كما حدث في جنوب إفريقيا وكما حدث في كلا من تركيا وإنجلترا والهند والصين وكذلك أمريكا, والبعض الآخر تحول إلي بدائل الطاقة النووية وبنت بنيتها التحية علي أعلي مستوي لتحويل الطاقة لصناعة الكهرباء وكذلك بعض الصناعات كثيفة الاستهلاك إلي الطاقة النووية مثال اليابان وكوريا الجنوبية والشمالية وكذلك فرنسا وبعضها حولت بنيتها التحتية إلي الطاقات المتجددة مثال إسبانيا وألمانيا ومعظم الدول الأوروبية والآسيوية.
والسؤال يعود بعد طول الاستطراق في سرد حال الدول المتقدمة اقتصاديا يطرح مرة أخري علي الدولة المصرية ماذا أعددت لحقبة نضوب البترول والغاز وخاصة أن المتوقع للزيت النفطي بداية من .2025
أن التصميم والإدارة المصممة علي تطبيق تنويع مصادر الطاقة المصرية للوقاية من أزمات الوقود والكهرباء هي بداية المسار الصحيح للقرار المصري لكي نتماشي مع بدائل الوقود النفطي والغاز, وحيث أن الفحم أحد الأساسيات في هذه البدائل فلابد أن تتوقف كل التخوفات لدي المواطن من التلوث والأمراض التي تصاحب استخدام هذا المنتج وخاصة أن ثقافة التعديات علي صحة المواطنين وتدمير البيئة المصرية نراها كل يوم في خروقات مصانع الأسمنت ولذا فإن الدور المنوط من الحكومة هو أن تخرج برأي واحد لإقناع الرأي العام في القوانين والتشريعات وآليات الرقابة ونظم التطبيق لمقاومة التلوثات الناتجة من هذا الفحم والاعتماد علي توصيات وخبرات وكالة الطاقة الدولية في تقليل معاملات التلوث في البنية التحتية لمحطات الكهرباء وكذلك مصانع الأسمنت والزجاج والتقنيات التي لابد لها من قانون جنائي يجرم كل من يتلاعب بصحة المواطن وإفساد البيئة.
وليكن الجدول الزمني المطلوب هو قانون جنائي للبيئة ومنشور رسمي يحمل التزامات الدولة من إستخدام الفحم ويشمل المحطات والمصانع التي سوف تطبق آليات المنظومة عليها, ونوصي أن تكون التجربة محددة لمدة سنة ميلادية تفتح الرقابة عليها إعلاميا وقانونيا لاعطاء الثقة والشفافية للمواطن تمهيدا لتطبيقها علي مستوي الدولة ونكن مستعدين لطرح الاستثمارات التعدينية والوصول لإنتاج محلي وتكون بداية لحماية الاقتصاد من أزمات الطاقة القادمة.
الأستاذ الدكتور جمال القليوبي ..أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعات المصرية ـ والأجنبية ـ وعضو مجلس إدارة جمعية البترول المصرية