تعتبر زيارة الرئيس الفرنسي ” ماكرون ” للكاتدرائية المرقسية الكبري بالعباسية اليوم هي الأولى منذ توليه منصبه الرئاسي. وقد كانت زيارة مثمرة، أظهرت حسن العلاقات الدولية بين مصر وفرنسا، وخلال الزيارة تفهم الرئيس الفرنسي الأوضاع الكنسية بمصر .
وخلال الزيارة تبادل قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الحديث مع الرئيس الفرنسي حيث قاما كلاهما بإلقاء الكلمات وسنعرض في هذا الموضوع تعقيبات قداسة البابا علي كلمة الرئيس الفرنسي” ماكرون “خلال زيارته التاريخية.
تحدث قداسته قائلاً :شكرًا جزيلًا لهذه الكلمات الممتلئة بكل محبة.
الواقع أن الكنيسة القبطية هي من أقدم مؤسسات مصر وهي كيان شعبي قديم فإننا نرى في المجتمع أن المشكلة الأولى هي التعليم .. التعليم بكل جوانبه ونرى أن التعليم هو مفتاح الحل لهذه المشكلة، وكما تعلم فخامتكم أن الاقتصاد مرتبط بالبيئة وهذا لا يتم الترابط بينهم إلا من خلال التعليم.
وأضاف البابا: نحن نعاني من الزيادة السكنية وهذه الزيادة التي تؤثر على مشروعات التنمية التي تقوم بها الدولة المصرية ولكن التعليم، جودة التعليم، وتدريب المدرسين ونشر المدارس وتحديث المناهج كلها وسائل تساعد في هذا الأمر وأعتقد أن دولة فرنسا لها باع طويل في هذا الأمر، والمدارس الفرنسية في مصر لها تأثير قوي في جودة التعليم بصفة عامة ونحن نحاول من خلال الكنيسة من خلال مشروعات صغيرة تنضم إلى مشروعات كبيرة تقوم بها الدولة إقامة المدارس وبعض المستشفيات والعيادات التي تساهم في الرعاية الصحية.
أما عن السلام والاستقرار فهو لا يأتي إلا من خلال الحوار، كما تعلم فخامتكم أن العلاقات الإنسانية يمكن أن تقوم في ثلاثة مجالات: وهي علاقات إيجابية التي تبني ويوجد علاقات شجار وتصادم وهذا غير مقبول لأننا نعترف بأهمية التعاون المستمر بين البشر وقد خلق لنا الله اصابع أيدينا متنوعة ولكنها متعاونة تعمل معا، وباليد وأصابع اليد صارت الحضارات في العالم كله، والنوع الثالث من العلاقات نسميه بعلاقات الجدار والجدار هي عدم الاستماع للآخر أو تقدير الآخر أو فهم الآخر.
لذلك نحن نعتمد على أهمية الحوار فمثلًا لدينا هنا في مصر ما نسميه مجلس كنائس مصر يضم خمسة أعضاء يشمل كنائس مصر وبيننا تعاون، وهناك بيت العائلة وهو مؤسسة بين الكنيسة القبطية والأزهر،
كما يوجد أيضا تعاون على المستويات الاجتماعية ويوجد حوار اجتماعي دائم وكل هذا يساهم في الاستقرار.
واكمل قداسته حدثه قائلاً: تعلم فخامتكم أن الغرب يمثل عقل العالم والشرق يمثل قلب العالم، وبين العقل والقلب هناك حوار يجب أن يستمر ويجب أن نفهم بعضنا بعضًا.
فلدينا تاريخ ولدينا تقاليد.. مبادئ.. قيم كثيرة في الشرق، ويجب أن نفهم عقلية الشرق وكيف عاش وتاريخنا أمر مهم جدًا.
وقال قداسته: نحن نرحب بكل تعاون يمكن أن تقدمه فرنسا ونعتبر الشعب الفرنسي وفرنسا بصفة عامة من أقرب الدول التي تفهم مصر وتعرف مصر وتدرس مصر. لذلك الحوار والتعليم هما أساسان لجعل السلام هو الأرضية المستقرة.
كنائسنا تعرضت لهجمات كثيرة، ومن ارتكبوا هذه الهجمات كانوا في الأساس ضد الوحدة الوطنية الموجودة في مصر.
وأضاف: نحن نعيش حول نهر النيل الذي جعل منا وحدة واحدة وهذا الأمر هو في غاية الضرورة أن نحافظ على الوحدة الوطنية الموجودة في مصر، وهذا سر وحدتنا وقوتنا.
وعندما تتجول فخامتكم في شوارع مصر لا تستطيع التفريق بين إنسان مصري مسيحي وإنسان مصري مسلم، إلا فقط بأن هذا يعبد في مسجد وهذا يعبد في كنيسة. فالوحدة الوطنية هي المعيار والقيمة الأولى التي نحافظ عليها هنا في مصر من خلال الحوار ومن خلال التعليم.
واستطرد قداسته حدثه قائلاً : نحن نحتاج للحوار ولمزيد من الحوار سأذكر لفخامتكم تجربة تمت في مصر، فقد عقدنا اجتماعًا بين ٢٠ كاهن قبطي و ٢٠ إمام مسلم، وجلسوا ثلاثة أيام في أحد الفنادق يتحاورون معًا، يتناقشون معًا، يأكلون معًا، يسألون بعضهم البعض.. وبعد الأيام الثلاثة هذه قاموا بزيارة إحدى المدارس وكان منظرًا غريبًا أن يرى طلبة المدرسة الصغار يد الكاهن في يد الشيخ وهم يزورون المدرسة.
ثم أتوا إلى هنا والتقيت مع ٤٠ شخصًا، ثم ذهبوا لفضيلة الشيخ الإمام الطيب، وهذا الأمر أوجد نوع من أنواع التقارب الشديد جدًا، حتى أن أحد الشيوخ قال لي “إنني عندما كنت أرى كاهنًا يسير في شارع كنت أترك هذا الشارع، لكن بعد هذه الأيام الثلاثة، الآن عندما أرى كاهن سأعبر الشارع لكي أسلم عليه حتى لو لم أكن أعرفه”.
وأختتم البابا تواضروس حديثة قائلاً : نحن نحتاج لتعضيد لمثل هذه الأساليب من الحوار ليس الحوار كلامًا، بل أفعالًا، وإن وُجد هذا الحوار في المدارس سيكون أمرًا جيدًا. والأمر الذي يمكن أن تساعد فيه فرنسا هو تقوية العملية التعليمية بصفة عامة وبناء الفكر والثقافة في أذهان المدرسين، وهذا شئ مهم جدًا وأنا أعتقد أن فرنسا بتاريخها وبعلاقتها مع مصر تفهم وتعرف المصريين جيدًا.