عقد بكنيسة سان جوزيف بوسط البلد اللقاء الرهبانى الرابع بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية، تحت عنوان” نقاء الحياة الرهبانية “، بحضور الأنبا توماس عدلي المدبر الرسولي لإيبارشية الجيزة و الفيوم و بني سويف للأقباط الكاثوليك، و الأنبا مكاري اسقف شبرا الجنوبية للأقباط الأرثوذوكس و الأنبا دانيال اسقف، و رئيس دير الأنبا بولا للأقباط الأرثوذوكس، و الأب ميلاد شحاته مسئول المركز الثقافي الفرنسيسكاني للأقباط الكاثوليك والاب كمال لبيب الخادم الاقليمي للرهبان الفرنسيسكان، والعديد من الرهبان والراهبات الكاثوليك، وايضا الرهبان والراهبات الأرثوذكس من دير السريان والبراموس و دير مارجرجس بمصر القديمة ومارجرجس حارة زويلة، و جمعيات الحياة المكرسة كاثوليكية منها و أرثوذوكسية.
وفى كلمته قال الأب ميلاد شحاته مسئول المركز الثقافي الفرنسيسكاني للأقباط الكاثوليك، كثيرًا ما تكلمنا عن الحياة الرهبانية، وكثيرًا ما قرأنا في قصص وروايات وتعاليم لقديسين وقديسات، نجحوا في ايجاد كلمات تعبر عما حدث لهم في مسيرتهم الطويلة نحو الملكوت…والغريب اننا في كل مرة وبعد انصات جيد وقراءة مدققة، نخرج جوعى وعطشى، وتزداد الحيرة…
I. أعلم أنك لست بارداً ولا حاراً
وقد جاء فى سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي:
“وأكتب إلى ملاك كنيسة اللاودكيين: هذا يقوله الآمين، الشاهد الأمين الصادق بَداءة خليقة الله. أنا عارف أعمالك أنك لست بارداً ولا حاراً ليتك كنت بارداً أو حاراً هكذا لأنك فاتر ولست بارداً ولا حاراً، أنا مزمع أن أتقيأك من فمي. لأنك تقول:
إني أنا غنى وقد استغنيت، ولا حاجة لي إلى شيء. ولست تعلم أنك أنت الشقي والبئس وفقير وأعمى وعريان، أُشير عليك أن تشترى منى ذهباً مُصفى بالنار لكي تستغني، وثياباً بيضاً لكي تلبس فلا يظهر خزي عُريتك وَكَحِّل بِكحلٍ لكي تُبصر. إني كل مَن أُحبه أُوبخه وأؤدبه.
فَكن غيوراً وَتُب. هأنذا واقف على الباب، أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي. من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي، كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبى في عرشه.
مَن له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس”.
لاوديكية، هي مقاطعة غنية جدا في تركيا، وقد اشتهرت بمعاهد الطب التي فيها وبمسحوق العيون الذي تنتجه.
ولكنها لم تستفد من مقدراتها شيئاً. بل هي بقيت مغلقة على ذاتها لأنها وقعت في خطر التمسك بالمظاهر واكتفت بغناها المادي وممتلكاتها.
وحالة الانغلاق على الذات هذه يعبر عنها الفتور في المثل الذي بات مأثوراً:
“إني عليم بأعمالك، يقول الرب لملاك هذه الكنيسة. وأعلم أنك لست بارداً ولا حاراً. سأتقيأك من فمي لأنك فاتر لا حار ولا بارد” فالفاتر لا ينتظر شيئاً ولا يفتقد شيئاً ولا يحن إلى شيء أما البارد فعلى الأقل يتألم لعوزه ويعرف حقيقة فقره وعوزه والحار يخطط ويتقدم. والحار والبارد هما على حدود الرجاء وعلى مشارفه.
والفاتر قابع في حالته الحاضرة ومكتف بها ولا يجعل مجالاً لنظر الله لأن يقع عليه ويعرّف واقعه
فنظر الله وحده يخلق حقيقة الإنسان. ومن يتعرف إلى حقيقته لا بدّ له أن يحاول الخروج منها وتخطّيها ومدى التخطّي الوحيد هو الرجاء
هذه الكنيسة التي لا تعرف حقيقتها لا يتركها المسيح وشأنها. لا يتركها في دائرتها المغلقة سجينة وغرورها .إنه بحنان لا يوصف يدعوها ويحرضها على الإصلاح”أنا أشير عليك أن تشتري مني ذهباً مصفىً بالنار لتستغني
وثياباً بيضاً حتى تلبس ولا يظهر خزي عريتك وأثمدا تكحل به عينيك حتى تبصر”
فالطهارة، والحياة، والذهب المصفى، واللباس الأبيض كلها عطايا من الله. منه نرجوها بإيمان وتوبة. هنا وجب علينا الحديث عن الحد الفاصل بين الزمن والابدية، ومن منا يستطيع ان يقف بشجاعة على هذا الحد.
كل المكرسون بدعوة من الآب وبنعمة من الابن وبقوة الروح القدس، حقيقة يقفون على هذا الحد الفاصل. ولكن من منا يرى الابدية والملكوت و من منا يرى الزمن والعالم (الوجه الحزين أم نور الوجوه).
الوجه الحزين :أعراف سكان الأرض
١. وجوه تبحث في الأرض وترابها
٢. وجوه إرتدادها يكون سريعا فتصير كإمرأة لوط “عمود ملح”
٣. وجه الباحثون عن الأرض (الوطن سيظل الجسد، وبالتالي الأمان يسيكون التراب)
٤. يتألمون لحساب أنفسهم
٥. لا ينتظرون شيئاً ولا يفتقدون شيئاً ولا يحنون إلى شيء.
نور الوجوه: قانون السماء
١. وجه الباحثون عن الملكوت
صلى الأب متى المسكين يومًا :«كيف سرقتني من العالم، وكيف احتويتني بدون شريك لك في حبي لك؟ يا سرّاق القلوب والنفوس كيف قطعتني عن نفسي بك؟
٢. يتألمون لحساب من اشتراهم بدمه ويكملوا في أجسادهم ما نقص من آلام المسيح
٣. لا يطرحون ثقتهم التي لها مجازاة عظيمة
٤. وجوه تبدأ من جديد وكأنها ملكة الأبدية والملكوت
II. ذبيحة محرقة
* ستظل الحياة الرهبانية الأساس فيها، الدعوة الالهية النقية لإنسان خاطئ (هذا الانسان هو بطرس صخر- انت صخر الذي تبني عليه الكنيسة وهي ايضًا سمعان الذي انكر سيده )
* ومسيرة الراهب ، تكون حياته كلها اقتبال مستمر للروح القدس وحالة اعتماد مستمر على هذا الروح وتواصل مستمر
وفى سفر اللاويين:لاويين ٦/ ٩ – ١٣
“ اوصي هرون وبنيه قائلا.هذه شريعة المحرقة.هي المحرقة تكون على الموقدة فوق المذبح كل الليل حتى الصباح ونار المذبح تتقد عليه. ثم يلبس الكاهن ثوبه من كتان ويلبس سراويل من كتان على جسده ويرفع الرماد الذي صيرت النار المحرقة اياه على المذبح ويضعه بجانب المذبح. ثم يخلع ثيابه ويلبس ثيابا اخرى ويخرج الرماد الى خارج المحلة الى مكان طاهر. والنار على المذبح تتقد عليه.لا تطفا.ويشعل عليها الكاهن حطبا كل صباح ويرتب عليها المحرقة ويوقد عليها شحم ذبائح السلامة. نار دائمة تتقد”
ومن الرسالة الثامنة للقديس انطونيوس الكبير
” هذا الروح الناري العظيم الذى قبلته أنا اقبلوه أنتم أيضاً”أحبائي في الرب …أكتب إليكم كأبناء أعزاء. فإنه حتى الآباء الجسديين يحبون أولادهم أكثر حينما يجدون هؤلاء الأولاد مشابهين لهم . و هكذا أنا أيضا فبقدر إزديادكم في التمثل بي، فإني أصلى إلى الله لكى يعطيكم ما سبق أن أعطاه لآبائنا المغبوطين . و أصلى لكي ما آتى إليكم
بداية الحديث عن تسليم اسراري يشترط التواصل مع الآب
و أسلمكم أسراراً أخرى أيضاً، لا أستطيع أن أكتبها إليكم على الورق. فعيشوا في فرح و سلام مع أب المراحم ، لكي ما تنالوا الموهبة التي نالها آباؤكم.
الروح الناري وخبرة (أب) قائد ونبي
هذا الروح الناري العظيم الذى قبلته أنا اقبلوه أنتم أيضاً. و إذا أردتم أن تنالوه و يسكن فيكم، فقدموا أولاً أتعاب الجسد و تواضع القلب، و ارفعوا أفكاركم إلى السماء ليلاَ و نهاراً، و اطلبوا بكل قلبكم هذا الروح الناري هذا الروح الناري العظيم الذى قبلته أنا اقبلوه أنتم أيضاً.
و إذا أردتم أن تنالوه و يسكن فيكم، فقدموا أولاً أتعاب الجسد و تواضع القلب، و ارفعوا أفكاركم إلى السماء ليلاَ و نهاراً، و اطلبوا بكل قلبكم هذا الروح الناري القدوس و حينئذ يعطى لكم. لانه هكذا حصل عليه إيليا و أليشع و جميع الأنبياء الآخرين
اولوجيا او ذبيحة؟
* حالة النقاء، هي مسيرة حياة لنتحول وسطها الي ذبيحة، فدورنا ليس فقط ان نكون كهنة نحول الآخرين ومن ثم كل من يمر من تحت أيدينا يجب ان يتحول انما نحصل على “الاستحالة الجوهرية” كاهن وذبيحة.
اذن لكي نمر بهذه الحالة يجب ان نثق في العهد ونتذكر “انامنسيس” (الجزء الاستذكاري في القداس، القبطي او أي قداس شرقي يسمى مسيرة الخلاص) لكل ماضينا وخاصة ما قبل الوعي بمفهوم الدعوة وادراك متطلباتها، ثم “ايبكليسيس” استدعاء للروح” ثم نتوقف ، لان عملية الاستحالة لا نعلم متى وأين تحدث: في بداية العمر او في وسطه، في ازمنة الفرح ام في ازمنة الحزن، وقت الاستيقاظ ام في وقت النوم، وفي كل الأحوال هي ازمنة ارتفاع
يقول البابا فرنسيس: بعض مخاطر ثقافة اليوم ومحدوديّتها، والتي من خلالها يظهر: القلق العصبي الذي يشتّتنا ويضعفنا؛ السلبيّة والحزن؛ الكسل المريح والاستهلاكي والأناني؛ الفردانيّة؛ والكثير من الروحانيّات الكاذبة الخالية من اللقاء بالربّ والتي تسيطر على “السوق الديني” الحالي. (افرحوا وابتهجوا، البابا فرنسيس)
واوصى الاب ميلاد شحاتة فى ختام كلمتة
لامساومات مع دعوتك الرهبانية في نقائها ومجدها. لا مساومات مع أمور اقل من المجد، وأي مساومة هي إهانة و استهانة و لا مساومة بين الدعوة ومع مرارة في نفسك، ووجع بسبب رؤساءك، او مرؤوسيك
و لا تسمح بخزي او بموت او سموم الانانية (انانية الحياة الرهبانية) تعطل عمل الروح فلا تكن كتلميذي عمواس أصحاب كرازة فاشلة حينما قالوا “كنا نأمل “(البابا بندكتس)
“افرحوا وابتهجوا” (البابا فرنسيس)
فدعونا نؤكد لكم ان نجاحنا لا يتوقف على علمنا ومعرفتنا او ذكاءنا بل على نعمة الله فالذين يكرّسون أنفسهم للبشارة والخدمة بأمانة كبيرة مجازفين بحياتهم في كثير من الأحيان، وعلى حساب راحتهم شهادتهم تذكّرنا أن الكنيسة لا تحتاج إلى الكثير من البيروقراطيين والموظّفين .مُرسلون شغوفين يلتهمهم الحماسُ للتبشير بالحياة الحقّة .قدّيسون يفاجئوننا، ويزعجوننا، لأن حياتهم تدعونا للخروج من ضعفنا المُريح والمُخَدِّر أخذوا نعمةَ عدم التردّد عندما طلب منهم الروح القدس أن يقوموا بخطوة إلى الأمام؛
طلبوا الشجاعة الرسوليّة لنبلِّغ الإنجيل إلى الآخرين لم يجعلوا حياتنا متحفًا للذكريات سمحوا للروح القدس، في كل الظروف، أن يعطيهم نعمة التأمّل بقبول التاريخ من منظور يسوع القائم من بين الأموات تقبلوا مفاجآت الرب يسوع لهم.